الديوان حافل، من الناحية الخطابية، بالإستعارات والتشبيهات؛ كما أنه غني سيميائيا بطبقات معنى كثيفة ورموز، تفرض على القارئ السفر إلى ما وراءالمزيد... متناهية في الدقة في اختيار الألوان والأشكال و الأحجام. وكعادة هندسة القصور الإشبيلية والقرطبية، ينبهر القارئ لفساحة الجنان وزهورها المتفتحة وطيورها المغردة. لا يشعر المرء ببناء مصطنع لقصائد الديوان، بل هناك عفوية شبه طبيعية، يقودها إبداع حدسي، يحيك خيوط القافية ويعطيها رونقا خاصا، يوحي للمتمعن في دراسة الديوان تمكن الشاعرة من صناعتها وإتقانها لأسلوبه.
اغتيل العلي، عميد الكاريكاتور العربي، يوم 22 يوليوز 1987 في الشارع العمومي اللندني، غير بعيد عن جريدة القبس حيث كان يعمل بطلاقات نارية، على مرئىالمزيد... ير" إلخ. وإذا لم يكن هناك أدنى شك بأن هذا صحيح على المستوى النظري، فإن الواقع الفعلي للسياسة الفرنسية على مر القرون يوحي بأن تطبيق ما حققته هذه الثورة محصور في الزمان والمكان. هناك الكثير من الأمثلة يمكن تقديمها في هذا الإطار، سنقتصر في هذا النص على عينتين منها، لأهميتهما القصوى ولارتباطهما المباشر بأحداث غير بعيدة عنا: الكاريكاتوري الفلسطيني ناجي العلي والكوميدي الفرنسي "ديو دوني".
فرضت فرنسا منذ ثورتها عام 1789 تمثلا خاصا عنها، وبالخصوص في مستعمراتها السابقة، كبلد "حقوق الإنسان" و"حرية التعبير" إلخ. وإذا لم يكن هناك أدنى شك بأن هذا صحيح على المستوى النظري، فإن الواقع الفعلي للسياسة الفرنسية على مر القرون يوحي بأن تطبيق ما حققته هذه الثورة محصور في الزمان والمكان. هناك الكثير من الأمثلة يمكن تقديمها في هذا الإطار، سنقتصر في هذا النص على عينتين منها، لأهميتهما القصوى ولارتباطهما المباشر بأحداث غير بعيدة عنا: الكاريكاتوري الفلسطيني ناجي العلي والكوميدي الفرنسي "ديو دوني".
د. لشهب عضو في لجان متعددة في المجلس البلدي للمدينة التي يسكنها ومنها على الخصوص لجنة إدماج المهاجرين ولجنة الشؤون الإجتماعية ولجنة الشباب.المزيد... تخاب المغربي د. حميد لشهب، للمرة الثالثة على التوالي عضوا للمجلس البلدي لهذه المدينة. وينتمي لشهب لحزب الخضر النمساوي المعارض، ثاني أقوى حزب في المدينة، بعد حزب المسيحيين الديمقراطيين المحافظ.
كل هذا إذن نعترف له به ونثمنه ونحبه فيه، وهذا ما يجعل منه أحد "عمالقة" الكوميديا المغربية المعاصرة. ما شد انتباهنا وشغلنا هو منتوجه الفنيالمزيد... لو لبعض الدقائق عطش وجوع الساحة الثقافية المغربية، وبالخصوص في ميدان الكوميديا. ليس هناك نقاش في الموهبة الخاصة التي يتمتع بها الفد، سواء على مستوى الإخراج أو الآداء، وتمتعه بحس عال من النوع الرفيع، يُلمس في المواصيع التي يتطرق لها والطريقة التي يعرضها ويقدمها للجمهور. توحي مواضيعه بأنه منغمس حتى النخاع الشوكي في مشاكل مجتمعه الإجتماعية والسياسية والوجودية حتى. كما أن أسلوب تطويعه للغة والمفردات وتسخيرها في فنه تُظهر بأنه متمكن من فن السخرية وتقنياتها.
ينتمي العنف إلى الطبيعة، سواء عند الإنسان أو الحيوان. يُمارس في الطبيعة الحيوانية إما من أجل الإستمرار في الحياة البيولوجية أو للمحافظةالمزيد... هذا النظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي هو معمل لإنتاج العنف في كل مستويات الحياة، سواء أكانت فردية أو جماعية. أكثر من هذا، فالأساس الفلسفي لهذا النظام يشجع بما لا يدع مجالا للشك على العنف، بل إن مقولة هوبز: "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان"، تُعَبّر في عمقها السيكو-سوسيولوجي عن مدى تجذر العنف كطبع مجتمعي للرأسمالية الليبرالية. فحتى و إن كانت هذه الأخيرة تنبذ العنف على المستوى الأخلاقي، فإنها تساهم في تأسيسه كنمط حياة. والعنف المقصود هنا، لا يقتصر على المستوى المعنوي والرمزي، بل يُترجم في سلوكات مادية-فيزيقية لا حصر لها.
البعد الإبداعي
يعني الإبداع لغةً "ابتداء الشيء أو صنعة على غير مثال سابق". تشتق الكلمة في اللغات الأوروبية من كلمة الخلق Création، أصلهاالمزيد... في ربوع المملكة. وتتمثل هذه الأهمية على مستويات عدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر بعدها الإبداعي وإعطاء الكلمة لشريحة اجتماعية "منسية" والبعد الإثنو-أنثروبولوجي العميق. لا يتعلق الأمر في هذا المقال بدعاية كيفما كان نوعها لهذا البرنامج، بل بمحاولة تحليل، ولو مركز، لجملة من الأبعاد التي تجعل منه أهلا للإهتمام من طرف الباحثين في العلوم الإنسانية.
يصبح الإستهلاك إدمانا بالمعنى المرضي للكلمة، عندما تتجاوز محاولة إشباع الرغبات عتبة ضروريات الحياة من مأكل ومشرب ولباس ومسكن، إلى الرغبة فيالمزيد... ا أبواب غرائزه الحيوانية البدائية على كثرتها أمام عدمية محققة، حتى ليُخيل للمرء بأن هذا الإنسان كلما زاد وعيا بوضعه كإنسان، كلما ارتفعت وتيرة لهفته على الإستهلاك الأعمى لما تقذف به معامل التصنيع في "السوق الحرة". ويصبح الإستهلاك إدمانا، شأنه في ذلك شأن كل نوع آخر من الإدمان، عندما يصبح شعورا لاواعيا، يتمظهر في شكل قهري، يفرض على المرء الدوران الأزلي في حلقة مفرغة، تُفرغه من كل مقوماته الإنسانية، لا يشبع ولا يرتاح؛ بل كلما تخيل أنه شبع، كلما كبر جوعه للإستهلاك أكثر.
يجب إذن تأطير الأغنية الجديدة للفنانة المغربية الشعبية "الداودية" في هذا الإطار. و الواقع أنها وضعت الأصبع على مكون من مكونات اللاوعي الجمعيالمزيد... �حيطه و مساهمته في تحريك طنجرة الوعي الجمعي، للمرور بالمكبوت الثقافي إلى المستوى الواعي، ليتمكن الوسط من وعي ذاته و التحرر من عقده، بأخذ موقف من المستوى الأخلاقي العام. بهذه الطريقة إذن يُبنى الوعي الجماعي و ما ينتج عنه من أخلاقيات، سواء أكانت إيجابية أو سلبية. و الفن الشعبي بالخصوص، مليئ بالإيحات اللاواعية لمحيطه، بل قد يعتبر خزانا لكل ما يحاول المجتمع كبته و إحباطه و عدم السماح له بالتعبير عن نفسه. لكن اللاوعي الجتمعي، تماما كاللاوعي الفردي، يلتجأ إلى حيل و مسارب كثيرة للإفصاح عن نفسه: حكايات، أساطير، ممارسات طقوسية بعينها، نكت، حكم، عبر، و من طبيعة الحال أغاني.
يؤكد المترجم بأن الجناح الجرماني ظل غائبا عن الساحة الثقافية والفكرية والفلسفية في العالم العربي الإسلامي لأسباب تاريخية معروفة على الرغم منالمزيد... �لفينومينولوجي الواقعي على وجود الله" في طبعته الثانية المزيدة والمنقحة، المنشورة عام 2000 عن دار النشر الألمانية للمنشورات الجامعية بهيدلبرغ. وتمت الترجمة على يد الباحث المغربي، المقيم بالنسا، د. حميد لشهب.
إن السلفية ليست نتيجة الصراع الإقتصادي، ولا وليدة الصراع الجنسي، بل هي مجموع ما يُشكل الفرد الإنساني في بُعده الوجودي الشامل. نوظف هنا ما وصلالمزيد... معارفه إلى ينابيعها الأولى". يحمل هذا التعريف كل إشكاليات المصطلح، لأنه لا يُعرف سيميائيا أي شيئ ولا يصف أي موضوع، بقدر ما يزرع أم الإشكاليات في تعريف السلفية: أكثر من هذا فإن هناك إشكالية مُضمرة في هذا التعريف من الخطورة بمكان عششت في الوعي المسلم مفادها أن "السلف" أحسن من "الخلف". وبهذا شُيد نوع من هرم "فهم الدين"، يلاحقنا إلى اليوم، لأن "الخلف" تُبع كرونولوجيا “بالمتأخرين” ثم “المحدثين” وأخيرا “المعاصرين”. يعني بأن المرء، كلما ابتعد عن "المنابع الأولى"، كلما ابتعد عن الفهم الصحيح "للدين"، وهذا أعنف ما يمكن أن يحدث في أي دين، لأنه يسجن تطور هذا الأخير في حقبة معينة ويُطالب بتوقف التاريخ، بل بنهايته، لكي يدور في حلقة أزلية على نفسه.
لكن من هو هذا "الله" الذي تُسال أطنان مطننة من الدماء البشرية البريئة باسمه؟ من هو هذا "الدراكولا" الذي لا يُمكن إطفاء عطشه بدماء البشرية كلها؟المزيد... المنافسة بين جميع الفرقاء الذين يحاولون أدلجة "الله" واستغلاله للوصول إلى أهداف سياسية وإحكام السيطرة على رقاب البلاد والعباد في ربوع المعمور. للإشارة، أو للتذكير، فإن هذا "التقاتل على الله" لا يقتصر على "الإسلامويين"، بل يشمل "المتهودين" و"المتمسحين"، وكل من يرفع شعار كونه الأحق في "الدفاع" عن الله، وهو بذلك لا يدافع إلا على مصالحه الشخصية أو الأيديولوجية أو السياسية-الإقتصادية.
يتهافت الإنسان المغربي على باب الإستهلاك هذا يوميا، دون أن يعي بأن عالم الإستهلاك هذا مبني على أساس التلاعب بالكرامة الإنسانية، بل احتقارالمزيد... �ا محليا؛ بل يفضلها المرء على كل ما يُنتج في ربوع بلاده. ففي عالم طغت عليه ثقافة ليبيرالية رأسمالية، لا يهمها إلا الربح المادي المحض، ولو على حساب صحة الإنسان الجسدية والعقلية والنفسية وعلاقاته العائلية والإجتماعية، أصبح الإستهلاك منذ حركات التصنيع الأولى نمط حياة قائم بذاته، له خصوصياته ومقوماته وميادينه المختلفة. ارتبط الإستهلاك في وعي ولاوعي الناس بالرفاهية والخير والبركات، لكنه يعتبر في العمق سجنا كبيرا، يختاره المرء في بعض المرات عن طواعية، وفي الكثير منها يُفرض عليه بوسائل شتى، وبالخصوص عن طريق أدوات الدعاية والإشهار للمنتوجات المختلفة، ما يحتاجه الإنسان ضروريا وما لا يحتاج أبدا، ومع ذلك يقتنيه، من أجل الإقتناء فقط. وهنا يكمن بالضبط مشكل ثقافة الإستهلاك، المتمثل في سلب الإنسان لحرية وإلحاقه بعالم البضائع، ليُصبح بضاعة تباع وتشترى، تستعمل أو تستغل وتُرمى أو تُهمل في ركن ما، إذا لم تعد له قدرة شرائية، تسمح له أن يبقى موضوع اهتمام السوق به.
لا نجادل في كون هذا التقنين من الأهمية بمكان، كما أن ضرورته أصبحت ملحة قبل أي وقت مضى، لوضع حد لاستغلال بعض المساجد، و بالخصوص تلك التي تملكهاالمزيد... �يف رقم 1.14.104 معروفا للعموم. إنه "يقنن" مهام المشتغلين مباشرة في المساجد و يحدد واجباتهم و حقوقهم المادية و المعنوية، كما أنه يتضمن نوعا من الإلتزام بأخلاق المهنة و عدم تجاوزها.
ما دفع بهانا أرينت للذهاب إلى كونيكسبريغ في خريف 1924 هو عطشها الفلسفي والإشاعات التي كانت رائجة حول "إمكانية تعلم التفكير" في جامعة هذه المدينةالمزيد... 975"، الذي ترجمه و قدم له الباحث المغربي، المقيم في النمسا، حميد لشهب.
قد يكون تاريخ 21 يناير 2004 توثيقا "للنهاية" التي أتحدث عنها. فبهذا التاريخ جلس على منصة إحدى أعرق الكنائس في ألمانيا الفيلسوف الألمانيالمزيد... �ديولوجيا، نهاية الفلسفة، نهاية الإنسان" إلخ. لكن المقصود من مفهوم "النهاية" هنا هو نهاية تاريخ صراع بين منظومتين فكريتين و ثقافتين و إيديولوجيتين تحكمتا في النقاش الفكري الإنساني منذ قرون طويلة و طبعتا الفكر البشري إلى يومنا هذا، بل تسببت في إنشاء معسكرين فكريين: العلماني و اللاهوتي. أتحدث عن "النهاية" هنا في الفضاء الفكري و الديني الغربي، و بالخصوص في جناحه الأوروبي، لأن كل ملامح هذه "النهاية" قد اجتمعت – سأتطرق لها فيما سيأتي – و لم تعد مناقشات لا العلمانية و لا الدين تحضى باهتمام كبير، سواء أكان ذلك عند المفكرين أو عند الناس العاديين. ما حصل في الغرب هو هذا النوع من فَرْقَعَة فقاعات الصابون التي كانت العلمانية و الدين معا يتسليان بها، في نقاشات عديمة الجدوى تقريبا.
العلمانية بين "الهنا" و "الهناك
قد يبدو عنوان هذه الدراسة حكما مسبقا، أو يأطر في خانة خدعة "النهايات: نهاية الأيديولوجيا، نهاية الفلسفة، نهاية الإنسان" إلخ. لكن المقصود من مفهوم "النهاية" هنا هو نهاية تاريخ صراع بين منظومتين فكريتين و ثقافتين و إيديولوجيتين تحكمتا في النقاش الفكري الإنساني منذ قرون طويلة و طبعتا الفكر البشري إلى يومنا هذا، بل تسببت في إنشاء معسكرين فكريين: العلماني و اللاهوتي. أتحدث عن "النهاية" هنا في الفضاء الفكري و الديني الغربي، و بالخصوص في جناحه الأوروبي، لأن كل ملامح هذه "النهاية" قد اجتمعت – سأتطرق لها فيما سيأتي – و لم تعد مناقشات لا العلمانية و لا الدين تحضى باهتمام كبير، سواء أكان ذلك عند المفكرين أو عند الناس العاديين. ما حصل في الغرب هو هذا النوع من فَرْقَعَة فقاعات الصابون التي كانت العلمانية و الدين معا يتسليان بها، في نقاشات عديمة الجدوى تقريبا.
أبيات قد تعبر تعبيرا دقيقا عما حدث في السنوات الأخيرة في بعض الدول العربية، و هي أحداث كان ظاهرها يوحي بأنها أتت فجأة و حار المحللون في فهمالمزيد... �ظم فيه شرورهم،
حيث سيعبدون القوة
و يصبح بطشهم عدلاً
و يكفون عن تبجيل الخير
وفي النهاية عندما لا يغضب البشر من الآثام
أو يشعرون بالعار في حضرة البؤس
فإن زيوس سيدمرهم
لكن قد يحدث شيئا
إذا نهضت عامة الشعب و أطاحت بحكامها الظالمين".
يقول الشاعر اليوناني هيزيودوس Hesiodos في قصيدة إيرجا Erga:"تزداد الأجيال سوءاً كلما تعاقبت،وسيأتي وقت تتعاظم فيه شرورهم،حيث سيعبدون القوةو يصبح بطشهم عدلاًو يكفون عن تبجيل الخيروفي النهاية عندما لا يغضب البشر من الآثامأو يشعرون بالعار في حضرة البؤسفإن زيوس سيدمرهملكن قد يحدث شيئاإذا نهضت عامة الشعب و أطاحت بحكامها الظالمين".
ظلت فلسفة شوبنهاور غائبة إلى حد ما على الساحة الفكرية و الفلسفية العربية الإسلامية، و لم يُتطرق له إلا مناسباتيا و في عجالة، على الرغم منالمزيد... و تقديم الباحث المغربي حميد لشهب.
"أجمل" ما حققه هذا المجلس هو عدم تهاونه في الدخول في صراعات مستمرة مع الحكومة، و المفارقة هو أنه يُعتبر "تحت وصاية" هذه الأخيرة، لكنه طفلالمزيد... تأسس بها هذا "الإطار التنظيمي" للجالية، و هي بعبارات صريحة و لا غُبار عليها، "فبركة محضة" لمجلس لا "يجلس" أبدا في قلب هموم الجالية و تطلعاتها، بقدر ما يلهث أعضائه عن "اعتراف" بوجودهم الشخصي، و لربما تحقيق البعض من أغراضهم الذاتية. في العمق، لا تنتظر الجالية من هذا المجلس أي شيئ، ليس فقط لأنه لا يمثلها بأية طريقة من الطرق، بل لأنه يستغل وَهْمَ تمثيلها و يتكلم باسمها دون تفويض لا قانوني و لا مثالي من طرف أي مهاجر مغربي. "أجمل" ما حققه هذا المجلس هو عدم تهاونه في الدخول في صراعات مستمرة مع الحكومة، و المفارقة هو أنه يُعتبر "تحت وصاية" هذه الأخيرة، لكنه طفل مشاغب، و لربما منحرف، يكسر باب البيت و يصيح بأعلى صوته كل مرة حاولت الحكومة "تدجينه" و "تذكيره" بأن لا شيء في يده، حتى و إن اقتضى الأمر إدخال الملك على الخط ليرجع المياه إلى مجاريها. ما يهمنا في هذه الورقة هو تركيز التحليل على هذا الصراع، الذي يتمظهر في تجليات مختلفة، و هو صراع طبيعي لمجلس لم يتأسس على قاعدة شعبية تمثل كل النسيج المغربي المهاجر، بقدر ما "فبركه" المرء و ركزه جغرافيا على بلدان دون غيرها، دون الأخذ بعين الإعتبار لخصوصيات حركة الهجرة في دول الإستقبال. يعتبر هذا الصراع إذن طبيعي و سيحتدم أكثر، و لا يهم أي نوع من الحكومات تحكم أو ستحكم المغرب.
احتمد الصراع بين "الحكومة" و "المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج"، و هو صراع كان موقوتا في قلب الطريقة التي تأسس بها هذا "الإطار التنظيمي" للجالية، و هي بعبارات صريحة و لا غُبار عليها، "فبركة محضة" لمجلس لا "يجلس" أبدا في قلب هموم الجالية و تطلعاتها، بقدر ما يلهث أعضائه عن "اعتراف" بوجودهم الشخصي، و لربما تحقيق البعض من أغراضهم الذاتية. في العمق، لا تنتظر الجالية من هذا المجلس أي شيئ، ليس فقط لأنه لا يمثلها بأية طريقة من الطرق، بل لأنه يستغل وَهْمَ تمثيلها و يتكلم باسمها دون تفويض لا قانوني و لا مثالي من طرف أي مهاجر مغربي.
من بين أهم كتب فروم في هذا الإطار هناك كتابه: "الخوف من الحرية" „Die „Furcht vor der Freiheit (الأعمال الكاملة، المجلد الأول، ميونيخ، 1989)، حتى والمزيد... �ين الماضية و بالخصوص في المشرق العربي، في مصر و العراق و بالأخص في سوريا. فقد تعدى المرء ترجمة أكثر من عشرة كتب له، و بالخصوص تلك التي يُنَظِّرُ فيها لميكانيزمات السلطة الهدامة و الديكتاتوريات المقنعة و نقد المجتمع الإستهلاكي، الذي يجرد المرء من ملكة النقد القابعة فيه، ليصبح مستهلكا طيعا، حتى لقد يرفع شعار: "أنت تستهلك جيدا، إذن أنت مواطن جيد". و تبقى تنظيراته حول عتق وعي الشعوب بمسؤوليتها عن مصائرها و ضرورة تحررها من براثن لاوعيها كشرط لتحررها من خوفها من ذاتها و مصيرها، ليتم التحرر النقدي الفعلي في المجتمع، من أكثر الكتب التي حظيت باهتمام المترجمين العلمإنسانيين في العالم العربي.
ولد إيريك فروم يوم 23 مارس في عام 1900 في مدينة فرانكفورت. اشتغل كمحلل نفسي ابتداء من سنة 1926، و التحق بمدرسة فرانكفورت عام 1930، كرئيس لقسمالمزيد... �يرية البشرية"، نشر عام 1973 و أعيد نشره في الأعمال الكاملة له، الجزء السادس سنة 1989 بميونيخ. و لا يُسَجَّلُ اهتمامنا بهذا الكتاب الضخم، الذي قرءناه أكثر من مرة إلى الإقبال العالمي الكبير على مؤلفات فروم، و بالخصوص من طرف محبي الحرية ومنتقدي المظاهر المزيفة للحياة المعاصرة، و لا لكونه أحد الكتاب القلائل، الطي يمتع بدرجة عالية من المصداقية والإخلاص في كل ما يقدمه من أفكار و تصورات و استشراف للمستقبل. لم نهتم بهذا الكتاب فقط لأن فروم من بين المؤلفين الذين تعمدوا الوضوح والمباشرة وابتعدوا عن المراوغة والغموض و النظريات الفضفاضة، سواء في أسلوب كتابته أو في قوة الرئى التي تطرحها كتاباته؛ بل إن هذا الإهتمام نابع من اعتقادنا الراسخ في أن هذا المؤلف أصبح من الأهمية بمكان في محاولة فهم أسباب "التدمير" الشامل الذي وصل إليه العالم، و بالخصوص في العالم المسلم.