تنقل وثيقة للمخابرات المركزية الأمريكية خطابا للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ألقاه في العاصمة طرابلس في مارس من سنة 1985، تحدث فيه في البداية عن صعوبة تحقيق الوحدة العربية، مشيرا إلى رغبته في ضم دول جديدة للاتحاد العربي الإفريقي (اتفاق للوحدة بين المغرب وليبيا تم توقيعه في 13 غشت 1984وتم إلغاؤه في 29 غشت 1986)، قبل أن يتطرق بعد ذلك إلى نزاع الصحراء الغربية.
وقال القذافي أمام أنصاره "كنا ندعم جبهة البوليساريو. في الواقع، أسسنا الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب سنة 1972"، وأضاف "كانت الصحراء مستعمرة إسبانية، ولم يتحدث العرب ولا الأفارقة ولا الآسيويون عنها. لم يكونوا حتى على علم بها".
وأضاف بحسب ما تورد الوثيقة التي رفعت عنها السرية في يناير 2012 "كنا نعلم فقط أن جزءًا من الأرض العربية كان محتلاً من قبل إسبانيا لمئات السنين"، وانتقد في خطابه الجزائر وأكد أنها لم تكن تعمل من أجل جلاء الاستعمار الاسباني عن الصحراء وقال "في 11 يونيو 1972 من على منصة كان المرحوم بومدين حاضرًا فيها...، لم يكن بومدين يعرف حينها ما هي الصحراء، ولا ما هي البوليساريو. لم يكترث عندما قلت إن جزءًا من الوطن العربي محتل من قبل إسبانيا، وأن هذا عار ويجب تحريره".
ثم تحدث القذافي عن أول زعيم للبوليساريو الوالي مصطفى السيد (الوالي الركيبي)، وقال إنه "كان مثالاً للرجل العربي الثوري الذي نعتز به"، وأكد أن بلاده قامت بتدريب عناصر البوليساريو بتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية، وأنه سهر على تهريب الأسلحة إلى الصحراء دون علم الجزائر وموريتانيا، وأكد أن السلطات الجزائرية صادت شحنة كانت متوجهة إلى البوليساريو.
وأرجع سبب مغادرة إسبانيا للصحراء، للعمليات العسكرية ضدها، وأضاف "بقيت هناك عندما كان الوضع هادئًا، ولكن عندما انفجر الوضع غادرت بسرعة".
"كان الوالي الركيبي يقول: إذا جعلنا من هذه الصحراء دولة، فلا مانع لدي من توحيدها مع المغرب أو الجزائر أو موريتانيا. جاءني مختار ولد داداه (أول رئيس لموريتانيا) وقال: إذا حررت الصحراء، فإني أحثك على جعلها دولة مستقلة لتكون حاجزًا بيني وبين المغرب".
وأوضح القذافي أن "موريتانيا كانت تسعى لإقامة دولة تفصل بينها وبين المغرب". وكانت موريتانيا تريد من خلال ذلك وضع حد للمطالب المغربية بأرض شنقيط. وتابع "أما الجزائر، فلم يكن لها أي علاقة بهذا الأمر".
واعترف القذافي قائلا "لقد وقفنا إلى جانب جبهة البوليساريو في جميع مطالبها...، في الواقع، لم تكن هناك رغبة في ذلك الوقت في إضافة دولة قزمة أخرى إلى الدويلات العربية الـ 21 أو 22 التي يمكن أن تقضي عليها قوة عظمى".
وأنهى حديثه بإعلان أسفه لما آلت إليه جبهة البوليساريو التي تحولت من حركة ثورية إلى حركة تسعى للاستقلال، وهو ما اعتبره تطورًا غير مرغوب فيه، وقال "نقول إن هذه لم تكن حركة انفصالية؛ لقد كانت ثورة. ولكننا نقول لكم بكل أسف أن البوليساريو فشلت في التحول إلى ثورة. مع مرور الوقت ومع تغير قياداتها ومع استشهاد الوالي الركيبي تحولت إلى حركة تسعى إلى الاستقلال".