القائمة

أخبار  

دياسبو #350: عالية القاسمي.. عاشقة الطعام التي دمجت المطبخ المغربي بالذكاء الاصطناعي

أنشأت عالية القاسمي قناة على يوتيوب لمشاركة وصفات المطبخ المغربي بعد أن افتقدتها أثناء دراستها في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من الانتقادات التي تلقتها في البداية، واصلت جهودها، وأطلقت في النهاية شركة تسويق رقمي ناجحة، وألفت كتاب طبخ مغربي مولّد بالذكاء الاصطناعي، وأسست مدرسة طبخ عبر الإنترنت لتعليم المطبخ المغربي الأصيل على مستوى العالم.

نشر
DR
مدة القراءة: 6'

مثل العديد من الشباب المغاربة الذين يدرسون في الخارج، افتقدت عالية القاسمي نكهات الطعام المغربي المألوفة، خاصة الأطباق التي كانت تعدها جدتها. أثناء متابعتها لدراسة الاعلاميات في الولايات المتحدة، قررت الطالبة الشابة، التي وُلدت في الرباط لأب عراقي وأم مغربية-جزائرية، أن تتعلم الطبخ من الصفر.

في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كانت وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال في مهدها، قررت عالية تسجيل وصفة البغرير (نوع من الفطائر المغربية) ومشاركتها مع أصدقائها الأمريكيين. ومن أفضل من جدتها المغربية، الطاهية المعروفة في الرباط التي كانت تستعين بها العائلات المحلية لإعداد الأطباق المغربية الأصيلة في حفلات الزفاف والمناسبات الأخرى، لطلب المساعدة منها؟

قالت عالية في في حديثها مع يابلادي: "عندما كنت طفلة، كنت أذهب مع جدتي إلى حفلات الزفاف...، كانت جدتي طاهية مذهلة".

لكن بمجرد وصولها إلى الولايات المتحدة، كانت عالية، التي لم تكن تعرف كيف تطبخ، تكافح لإعادة تحضير بعض الأطباق المغربية التي نشأت عليها. تتذكر ذلك الآن، وهي أم لطفلين، قائلة "عندما زارتني جدتي في الولايات المتحدة، كانت تطبخ لي كثيرًا. أو عندما كنت أسافر إلى الوطن، كنت آخذ الكثير من الطعام وأجمده".

في يوم من الأيام، قررت عالية تصوير فيديو لجدتها وهي تعد البغرير، لكي تتمكن من رفعه على يوتيوب وتتعلم الوصفة بنفسها مع مشاركتها مع أصدقائها الأمريكيين. وهكذا وُلدت قناة "الطبخ مع عالية" على يوتيوب، وهي قناة فاجأتها بنجاحها.

تقول عالية "كان أول فيديو لي على يوتيوب في عام 2007". وبعد نشره، فوجئت بتلقي رسائل من نساء أمريكيات متزوجات من مغاربة، يطلبن منها تعليمهن كيفية تحضير المزيد من الأطباق المغربية.

التعلم أمام الكاميرا

هؤلاء النساء كنّ متلهفات لتعلم الطبخ المغربي ولكنهن يواجهن بموارد محدودة باللغة الإنجليزية، لذلك كن يعتبرن قناة عالية طوق النجاة. ولكن كان هناك مشكلة: عالية نفسها لم تكن تعرف كيف تطبخ.

قالت مازحة "قُلن لي، 'تعلمي وعلّمينا في نفس الوقت'". بالإضافة إلى دراستها، بدأت عالية في رحلة تعلم الطبخ. كانت تتصل بجدتها وأصدقائها الذين يعرفون الطبخ، وتتعلم منهم، وتجرب الوصفات. كانت تجرب خلال الأسبوع، ثم تقوم بتصوير ونشر الفيديوهات في عطلة نهاية الأسبوع.

تستعيد ذكرياتها قائلة "اشتريت كاميرا بشريط كاسيت؛ كانت تلك الأيام التي لم تكن لدينا فيها هواتف بكاميرات جيدة. استأجرت طالبًا يعرف كيفية التصوير – كان الأمر معقدًا – ثم كان عليّ ترك الفيديو لتحميله طوال الليل. كان يستغرق الليل بأكمله لتحميل الفيديو".

تعلمت عالية كيفية تحضير الأطباق المغربية أمام العالم بأسره، من خلال الفيديوهات التي كانت تستمر في نشرها رغم جدول أعمالها المزدحم كمستشارة في نيويورك. لكن رحلتها لم تكن دائمًا سلسة.

تقول عالية "في البداية، لم يكن الناس لطفاء معي. اكتشف المغاربة قناتي وكانت تعليقاتهم قاسية...، كانوا يقولون لي إنني لا أعرف كيف أطبخ وأنني أحرجهم".

كادت عالية أن تتخلى عن الطبخ، لكن زوجها ذكّرها بالناس الذين ينتظرون فيديوهاتها وشجعها على الاستمرار.

"قال لي زوجي شيئًا علق في ذهني. في ذلك الوقت، تم انتخاب أوباما للمرة الأولى، وقال لي، 'إذا تم انتخاب رئيس الولايات المتحدة بنسبة 51 بالمئة، فأنت تحتاجين فقط إلى موافقة 51 بالمئة من الناس. لست بحاجة إلى 100 بالمئة'. كان لدي 51 بالمئة، خاصة من النساء الأمريكيات المتزوجات من مغاربة – كنّ يائسات ويأخذن أي شيء في ذلك الوقت".

عالية القاسمي

وبعد ذلك استمرت، عالية في رحلتها في المطبخ المغربي بجدية أكبر. التحقت بدروس الطبخ حول العالم وفي الولايات المتحدة، وسافرت إلى المغرب لمقابلة "الدادات"، النساء اللواتي يلعبن غالبًا أدوارًا متعددة داخل المنازل، بما في ذلك الحفاظ والتعريف بالمطبخ المغربي التقليدي.

في عام 2013، تحقق أحد أحلام عالية عندما تم اختيارها لتكون الشيف المغربي الحكم في برنامج "ماستر شيف بولندا". تقول "بالنسبة لي، كانت تلك اللحظة مهمة جدًا لأن المشهد الافتتاحي كان  للمغرب، وقلت، 'مرحبًا بكم في المغرب، سأريكم المطبخ المغربي".

وأضافت: "كان من المهم جدًا سد هذا الفراغ. شعرت أنني أتحمل مسؤولية مشاركة المطبخ المغربي مع العالم".

لاحقًا، انتقلت عالية إلى كوريا، بعد أن حصلت على درجة الماستر في إدارة الأعمال من بيركلي، للعمل مع شركة سامسونج. وعلى الرغم من عملها المجهد الذي يتطلب ساعات طويلة، لم يتلاشى شغفها بالطبخ أبدًا. على العكس، استمرت في صناعة الفيديوهات، والتصوير، والطبخ في عطلات نهاية الأسبوع والليل.

أثناء تواجدها في كوريا، شاركت عالية في مسابقة طبخ ووصلت إلى النهائيات، حيث جمعت بين المطبخ الكوري والمغربي. بعد عدة تجارب تلفزيونية، أدركت أنها تفضل وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدأت أولاً.

وأوضحت قائلة "أحب وسائل التواصل الاجتماعي، وأحب كل شيء رقمي لأنني أفهم قوة وسائل التواصل الاجتماعي التي تلغي في الأساس الوسيط".

ثم قررت الزوجة والأم أن تأخذ سنة إجازة للتركيز على شغفها بالطبخ. وقالت بفخر "كان لدي الكثير من الأفكار، وخلال تلك السنة التي توقفت فيها عن العمل، أطلقت شركتي، وهي شركة تسويق رقمي متخصصة في تسويق الطعام".

وبقيت شركتها متخصصة في مجال الطهي، حيث تتخص في إدارة العلامات التجارية، وأعمال الاستراتيجية، وإنشاء المحتوى، وكل ما هو رقمي لشركات صناعة الأغذية.

الذكاء الاصطناعي والمطبخ المغربي

ولكن مع ظهور الذكاء الاصطناعي، كان على عالية استخدام مهاراتها في الأعمال والطبخ لمسايرة الموجة. وفي فبراير 2023، أنشأت أول كتاب طبخ للوصفات المغربية باستخدام الذكاء الاصطناعي، بعنوان "التوابل والآلة: 10 وصفات مغربية من صنع الذكاء الاصطناعي". قدمت الكتاب في المملكة العربية السعودية في أكتوبر 2023.

وأوضحت قائلة "يتوفر الكتاب على وصفات مغربية فريدة. طلبنا من ChatGPT إنشاء وصفات مغربية، اخترنا عشرًا منها، وجربناها – وكانت مذهلة". كانت الوصفات أصلية وإبداعية، مثل كعكة الشاي بالنعناع التي كانت تذوقها مثل شرب الشاي أثناء تناول الكعكة، وكيش الحريرة التي جمعت بين نكهات الحساء المغربي والبيض.

أصدرت عالية وفريقها مؤخرًا أيضًا كتابًا آخر متعلقًا بالطعام يقدم نصائح حول كيفية استخدام ChatGPT لإنشاء صور لتنسيق الطعام.

ونظرًا لأن الطعام المغربي دائمًا ما يكون على رأس أولوياتها، أنشأت عالية "نكهات المغرب"، وهي مدرسة طهي عبر الإنترنت تقوم بتعليم المطبخ المغربي الأصيل بمساعدة الدادات.

"المطبخ المغربي يتم توارثه عبر الأجيال، من الأم إلى الابنة، وليس عبر المدارس. هؤلاء النساء لا يكتبن هذه الوصفات – لا يجلسن لكتابتها".

عالية القاسمي

الآن تحتوي المدرسة على 150 دورة تعليمية تقدمها الدادات، تحتوي على وصفات مفصلة، وفيديوهات، وتصوير جميل. الدورات باللغة الإنجليزية لتلبية احتياجات متابعي عالية المخلصين – عشاق الطعام الناطقين بالإنجليزية الذين لا يمكنهم الوصول إلى موارد حول الطعام المغربي الأصيل بسبب حاجز اللغة.

وقالت "يمكن للمغاربة دائمًا الاتصال بأهلهم أو الذهاب إلى يوتيوب، لكن بقية العالم – إذا أرادوا تعلم الطعام المغربي الأصيل – أين يذهبون؟ لهذا السبب نوثق الصبخ المغربي، حتى بصريًا، بالفيديوهات".

بالإضافة إلى مدرسة الطهي عبر الإنترنت، تقوم عالية من خلال "نكهات المغرب" بإنشاء أول مؤثرة في مجال الطهي المغربي باستخدام الذكاء الاصطناعي: دادا مليكة. وقالت المهاجرة المغربية، التي تتخذ من لشبونة، بالبرتغال مقراً لها "ستقوم دادا بتعليم الطبخ المغربي؛ ستكون مؤثرة. ترتدي الزي المغربي وتتحدث أيضًا".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال