شهد مطار جدة منذ بداية أبريل حالة من الفوضى بعد تأخر رحلات العودة للمعتمرين المغاربة، مما دفع المئات منهم للانتظار في ظروف صعبة لفترات طويلة، وهو ما وثقته مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. آخر هذه الفيديوهات كان لسيدة مغربية عبرت عن استيائها من الوضع، قائلة "لا نملك نقودا، أدويتنا نفدت، ولا طعام ولا شراب. نحن هنا نحو 400 شخص ننتظر العودة لوطننا، وهذه مهزلة".
هذه الفيديوهات لم تقتصر فقط على توثيق معاناة العالقين في ظروفهم الصعبة، بل أثارت تساؤلات لدى الكثيرين حول مصيرهم، خاصة مع تزايد القلق بين المعتمرين المقبلين على أداء مناسك العمرة.
القنصلية المغربية تدخل على الخط وتحمل المسؤولية لـ "مناسك الطيران"
في هذا السياق، أصدرت القنصلية العامة للمملكة المغربية في جدة بيانا رسميا أكدت فيه أنها تتابع الوضع عن كثب، مشيرة إلى أنها تعمل بالتنسيق مع السلطات المغربية وشركة "مناسك للطيران" المعنية لتأمين رحلات إضافية تضمن عودة المعتمرين في أقرب وقت ممكن، مع ضمان سلامتهم وكرامتهم.
وفي تصريح لـ "يابلادي"، عبر القنصل العام للمملكة المغربية في جدة، عبد الإله أودادس، عن استيائه، قائلا: "لماذا لم يواجه الأشخاص الذين سافروا مع شركات طيران أخرى أي مشاكل مماثلة، باستثناء هذه الشركة؟ السبب واضح، وهو ما أشرنا إليه سابقا في بياننا: شركة الطيران السعودية "مناسك".
وبسبب "سوء سمعتها" رفضت جميع الدول التعامل مع هذه الشركة التي تأسست عام 2021، إلا أن بعض الوكالات المغربية تعاقدت معها بسبب العروض منخفضة التكلفة التي قدمتها، وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية أيضاً"، وفقاً للقنصل المغربي.
والشركة لا تملك طائراتها الخاصة، بل تعتمد على استئجارها، ورغم ذلك قامت ببرمجة رحلات من مدن مغربية أخرى، بخلاف ما تقدمه شركات الطيران الأخرى مثل الخطوط الملكية المغربية والخطوط السعودية، وذلك بهدف جذب عدد أكبر من المعتمرين. لكنهم وقعوا في الفخ.
"تعثر بعض المعتمرين الذين علقوا في المطار وتأخروا عن مواعيدهم. تتحمل 'مناسك' للطيران المسؤولية الكاملة فيه. من جانبنا، تحركنا ضدها، حيث تم استدعاء صاحبها من قبل وزارة الحج والطيران المدني بحضورنا، لكن التبريرات التي قدمها كانت غير مقنعة. ورغم تحذيراتنا بشأن ماضي الشركة مع عدة دول أخرى، للأسف استمرت الوكالات المغربية في التعامل معها".
شركة الطيران تلتزم الصمت
ورغم توضيحات القنصلية، بقيت شركة الطيران صامتة حيال هذه الأزمة، على عكس ما كان عليه الحال في السابق حين أصدرت الشركة توضيحات بشأن تأخيرات سابقة. ففي 11 أبريل الجاري، نشرت الشركة بيانا وضحت فيه أسباب تأخير إحدى الرحلات، والتي كانت بسبب عطل فني مفاجئ استدعى إجراء صيانة للطائرة. ورغم محاولات موقع "يابلادي" للتواصل مع الشركة، لم يتلق أي رد بشأن الإجراءات المتخذة لحل الوضع الحالي.
والأسوأ من ذلك أن الشركة لا تزال تسير رحلات أخرى رغم أنها لم تحل بعد مشاكل المعتمرين العالقين، فقد جلبت 1500 شخص آخرين، في حين ما زال البعض عالقين منذ تاريخ 20 أبريل، حسب المصدر نفسه، حسب ما صرح به القنصل
لم تكن هذه المرة الأولى التي تثير فيها هذه القضية ضجة كبيرة، فمع بداية الشهر الجاري، انتشرت مقاطع فيديو جديدة تظهر المعتمرين وهم يضطرون للجلوس على أرضية المطار في ظروف قاسية، مما زاد من استياء المواطنين وغضبهم على منصات التواصل الاجتماعي. وقد دعا العديد من النشطاء إلى ضرورة تحمل الشركات المعنية مسؤولياتها تجاه المعتمرين الذين يتعرضون لمثل هذه الظروف الصعبة.