حملت بداية سنة 2019 بشرى سارة للمغرب، إذ صادق البرلمان الأوروبي، في جلسة علنية، بستراسبورغ، بأغلبية ساحقة على الاتفاق الفلاحي الموقع بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وذلك بعد مفاوضات شاقة، ورغم التحركات المكثفة لجبهة البوليساريو وأنصارها داخل المؤسسة التشريعية الأوروبية.
وينص الاتفاق على تمديد التفضيلات التجارية لتشمل منتوجات الفلاحة والصيد البحري القادمة من الصحراء.
واستمرت هزائم الجبهة الانفصالية الدبلوماسية بعد ذلك، إذ تأثرت سلبا بالحراك الشعبي الذي شهدته الجزائر بداية من 22 فبراير الماضي للمطالبة بتغيير النظام. وأرغمت الأوضاع غير المستقرة صناع القرار في قصر المرادية على الاهتمام بالأوضاع الداخلية للبلاد، مقابل تراجع تحركاتهم الداعمة للانفصاليين في الخارج.
كما أنه منذ خروج الجزائريين للشارع ضد ترشيح بوتفليقة لعهدة خامسة، بدت تحركات قادة البوليساريو محتشمة مقارنة بما كانت عليه في السابق.
حضور مغربي في أمريكا اللاتينية والكارييبي
واصل المغرب تحركاته الدبلوماسية في أمريكا اللاتينية والكراييبي خلال سنة 2019، ففي فنزويلا سارعت المملكة إلى إعلان دعم زعيم المعارضة خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا بالنيابة، بعد رفضه للانتخابات الرئاسية الفنزويلية التي أعلن الرئيس اليساري نيكولاس مادورو الحليف القوي لجبهة البوليساريو فوزه بها.
وسارت الأوضاع عكس ما كانت تشتهيه الجبهة الانفصالية في بوليفيا التي لم تكن تفوت أي فرصة للدفاع عن ابراهيم غالي وجماعته، حيث أعلن الجيش البوليفي خلال شهر نونبر وضع حد لحكم الرئيس اليساري إيفو موراليس الذي حكم البلاد منذ سنة 2006.
وقبل ذلك أعلنت السلفادور سحب اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية" وقطع جميع الاتصالات معها، مؤكدة دعمها للوحدة الترابية للمغرب، وبعد ذلك بأيام قررت حكومة جمهورية باربادوس بدورها سحب اعترافها بـ"جمهورية" البوليساريو التي أعلنت من جانب واحد سنة 1976.
ويسير الرئيس الإكوادوري لينين مورينو في اتجاه سحب اعتراف بلاده "بجمهورية" البوليساريو، فخلال شهر شتنبر الماضي، زار وفد إكوادوري رسمي برئاسة نائب وزير الشؤون الخارجية والتكامل السياسي والتعاون الدولي، أندريس تيران، الرباط والتقى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
كما أنه يرتقب أن تنضاف الأوروغواي إلى ركب الدول، التي تتراجع عن دعم جبهة البوليساريو، إثر فوز مرشح يمين الوسط لويس لاكاشه بو خلال شهر نونبر الماضي بالانتخابات الرئاسية لينهي هيمنة اليسار على الحكومة الأوروغوانية، والتي دامت لأكثر من 15 سنة.
المغرب يقتحم معاقل البوليساريو في إفريقيا
بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في يناير من سنة 2017، تراجع تأثير الجبهة الانفصالية في المنظمة القارية، كما أن قمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت في يوليوز من سنة 2018 بالعاصمة الموريتانية أقرت إبقاء مناقشة قضية الصحراء الغربية حكرا على الأمم المتحدة، وهو ما كان المغرب يسعى إليه.
وفي شهر مارس الماضي، وبالتزامن مع انعقاد مؤتمر داعم لجبهة البوليساريو في جنوب إفريقيا، احتضنت مدينة مراكش، مؤتمرا حضرته 36 دولة إفريقية، عبرت عن دعمها لقرار الاتحاد الإفريقي إبقاء مسألة تسوية نزاع الصحراء حصرا في يد الأمم المتحدة.
كما أن سياسة الانفتاح على الدول التي تعترف بـ"جمهورية البوليساريو" التي تبناها المغرب، قبل سنوات أتت أكلها، وجعلت بعض الدول الحليفة للانفصاليين تتخذ موقفا محايدا من النزاع، مثل نيجيريا وزامبيا وكينيا...
واقتحمت المملكة حصون البوليساريو المنيعة في جنوب القارة الإفريقية، وفي شهر أكتوبر الماضي أكدت مملكة ليسوتو التي تعتبر عضوا في مجموعة التنمية لجنوب القارة الإفريقية التي تتمتع فيها جنوب إفريقيا بنفوذ واسع، بشكل رسمي تخليها عن دعم جبهة البوليساريو.
وكانت دول مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية قد انتقلت من شبه إجماع على دعم البوليساريو، إلى اتخاذ العديد منها مواقف إما محايدة من النزاع أو داعمة للمغرب، فيما لازالت دول قليلة تدعم الجبهة الانفصالية على غرار جنوب إفريقيا وبوتسوانا وناميبيا والموزمبيق وزيمبابوي.
وفي شهر دجنبر الجاري أعلنت غامبيا عن قرب افتتاح قنصلية لها بمدينة الداخلة، وفي الشهر ذاته أعلنت جمهورية جزر القمر افتتاح قنصلية عامة لها في مدينة العيون، وقبل ذلك بستة أشهر افتتحت دولة الكوت ديفوار قنصلية شرفية لها بنفس المدينة.
الأمم المتحدة.. غياب بولتون يعيد الأمور إلى سابق عهدها
شهدت هذه السنة انعقاد المائدة المستديرة الثانية حول الصحراء بجنيف، تحت إشراف المبعوث الأممي كرستوفر روس، وبمشاركة المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو.
وفي شهر ماي من السنة الجارية أعلن المبعوث الأممي للصحراء هورست كوهلر استقالته "لأسباب صحية"، ولم يتم تعيين خلف له لحد الأن.
وفي شهر شتنبر أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستشاره للأمن القومي جون بولتون، الذي كان يولي اهتماما خاصا لقضية الصحراء الغربية، والذي مدد مجلس الأمن الدولي خلال عهده ولاية بعثة المينورسو، لستة أشهر فقط، بدل التقليد الذي استمر منذ سبع سنوات والذي كان يقضي بتمديد ولايتها لمدة سنة كاملة.
وفي ظل غياب بولتون مدد مجلس الأمن الدولي، خلال مناقشته لملف الصحراء خلال شهر أكتوبر الماضي عهدة البعثة الأممية لسنة كاملة، وهو ما أثار حفيظة جبهة البوليساريو التي عادت للتهدد بحمل السلاح ضد المغرب.