رغم اتفاق المغرب وجنوب إفريقيا قبل مدة على وضع حد للقطيعة الدبلوماسية بينهما، وحديث السفير المغربي قبل أيام عن ضرورة الدفع بالعلاقات بين البلدين نحو التحسن، إلا أن قيادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في البلاد، لا تزال متمسكة بموقفها المعادي للمملكة، حيث قررت اتخاذ إجراءات تأديبية في حق أعضاء الحزب الذين صوتوا لصالح مرشح المغرب لرئاسة المنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة.
فقد أصدر الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي آس ماجاشولي بلاغا، قال فيه إن الحزب قرر اتخاذ إجراءات تأديبية في حق الأعضاء الذين صوتوا لصالح انتخاب المغربي محمد بودرا على رأس المنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة، يوم الجمعة الماضي بدوربان بجنوب إفريقيا، بمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي لهذه المنظمة.
وأوضح البلاغ أنه سبق للحزب أن أعطى تعليماته للجنة المكلفة بالعلاقات الدولية التي يرأسها ليندي زولو، بعدم دعم المرشح المغربي.
وقال الأمين العام للحزب إنه "ينأى بنفسه رسميا عن الأعمال غير المنضبطة التي يقوم بها بعض الأفراد من حزبنا، والذين تصرفوا دون أي تفويض من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي".
وأكد أنه "يجب الإشارة إلى أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، لم يؤيد بأي شكل من الأشكل في أي مرحلة ترشيح المغرب".
وأوضح أن أعضاء الحزب الذين "تجاهلوا الموقف السياسي الرسمي للحزب الحاكم على النحو الوارد في القرار ذي الصلة الصادر عن المؤتمر ال54 للحزب، وكذلك التعليمات اللاحقة التي تتماشى مع هذا القرار الصادر من الأمين العام، سوف يخضعون لإجراءات تأديبية من الحزب".
وتابع أنه يجب "أن يكون سلوك حزب المؤتمر الوطني الإفريقي كمؤسسة، وسلوك أعضائنا المفوضين بتمثيلنا في المنتديات والاجتماعات دائما خارج نطاق الشبهات".
وقال الأمين إن "مبدأ التمثيل المسؤول والمنضبط مقدس لأن المؤتمر الوطني الإفريقي منظمة ديمقراطية (...)، إن اتخاذ القرارات الجماعية من قبل الهياكل العليا منصوص عليه في قوانين الحزب".
وأَضاف أن أي "انحراف من جانب فرد أو مجموعة من الأفراد(...)، يجب أن ينظر إليه كسلوك خطير للغاية، ويجب أن يخضعوا للإجراءات التأديبية".
وتحدث الأمين العام للحزب الذي يستأثر بالسلطة منذ سنة 1994، عن دعم حزبه "المبدئي لشعب الصحراء الغربية"، مضيفا أنه "يجدد دعوته للمغرب لإنهاء احتلاله غير القانوني والوحشي للصحراء الغربية على الفور" على حد تعبيره.
ورغم سياسة اليد المدودة التي ينهجها المغرب اتجاه جنوب إفريقيا، إلا أن الحزب الحاكم لا يزال مصرا على مواقفه الداعمة لجبهة البوليساريو. فقبل أيام عبر السفير المغربي في بريتوريا يوسف العمراني عن رغبة المملكة في تعميق العلاقات الدبلوماسية مع جنوب إفريقيا، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه خلق تنمية شاملة في جميع أنحاء القارة الإفريقية.
يذكر أنه خلال شهر مارس الماضي اعتمدت الحكومة الجنوب إفريقية يوسف العمراني سفيرا في بريتوريا، وذلك بعد أشهر من تعيينه من قبل الملك محمد السادس، لتنتهي بذلك 14 سنة من القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.
وتعود فصول الخلاف المغربي الجنوب إفريقي إلى سنة 2004، حين أعلنت بريتوريا الاعتراف بـ"الجمهورية الصحراوية" وإقامة علاقات دبلوماسية رسمية معها، وهو القرار الذي اعتبره المغرب آنذاك غير مفهوم، ويخالف الاتجاه الدولي الذي يدعم عملية التسوية التي تقودها منظمة الأمم المتحدة لحل النزاع، وقام على إثر ذلك بسحب سفيره من العاصمة بريتوريا.