القائمة

أرشيف

عندما ربطت الجزائر بين قضية الصحراء وأزمة جزيرة ليلى واختارت دعم إسبانيا

في بداية الألفية الثالثة، اختارت الجزائر كسر الإجماع العربي والإسلامي، والوقوف إلى جانب إسبانيا على حساب المغرب، خلال أزمة جزيرة ليلى، بل ووجدت الفرصة سانحة للربط بين هذه الأزمة التي استمرت لأقل من عشرة أيام ونزاع الصحراء.

نشر
جزيرة ليلى
مدة القراءة: 3'

في شهر يوليوز من سنة 2002 تدهورت العلاقات المغربية الإسبانية، وكادت الأمور أن تصل إلى مواجهة عسكرية بين البلدين.

ففي 11 يوليوز توجهت مجموعة صغيرة من قوات الدرك المغربية إلى جزيرة ليلى التي تبعد بحوالي مئتي متر عن الشاطئ المغربي، ونحو 14 كيلومترا عن أقرب شاطئ إسباني، وتدخلت إسبانيا وطالبت المغرب بسحب قواته بحجة أن الجزيرة تابعة للسيادة الإسبانية.

بعد ذلك قامت إسبانيا بعملية عسكرية شاركت فيها وحدات خاصة وطائرات حربية وطائرات هليكوبتر وسفن حربية، وحطت على الجزيرة، واعتقلت الدركيين المغاربة، قبل أن تسلمهم للمملكة عبر معبر مدينة سبتة.

وسارعت رئاسة الاتحاد الأوروبي، آنذاك، إلى إصدار بيان مؤيد للموقف الإسباني، كما عبر الحلف الأطلسي عن ارتياحه لنتائج العملية العسكرية.

وفي مواجهة الدعم الأوروبي لإسبانيا، لجأ المغرب إلى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وأعربت هذه الأخيرة عن الاسف البالغ "للتطورات التي حدثت في جزيرة ليلى المغربية واحتلال القوات الأسبانية للجزيرة بقوة السلاح"، وطالبت "القوات الأسبانية بالانسحاب الفوري من جزيرة ليلى المغربية".

كما اختارت الجامعة العربية أيضا الوقوف إلى جانب المغرب، حيث قام أمينها العام عمرو موسى بزيارة لمنطقة بليونش القريبة من الجزيرة وأكد على موقف الجامعة المتمثل في "دعم موقف المغرب وتأييده للحوار في الوقت نفسه للتوصل إلى الحلول النهائية بما يصون الحقوق العربية".

وقال موسى إن زيارته تأتي "للاطلاع على الجزيرة نفسها ورؤيتها رأي العين والوقوف على الأرض المغربية العربية الصلبة".

للجزائر رأي آخر

آنذاك اختارت الجزائر الخروج عن الإجماع العربي والإسلامي، واتخذت موقفا اعتبره البعض "غريبا"، حيث أطلق مسؤولوها تصريحات، داعمة لإسبانيا.

ووجدت الجارة الشرقية في الأزمة، فرصة مواتية للتقرب من رئيس الحكومة الإسبانية اليميني خوسيه ماريا أثنار، و"الانتقام" من المغرب، وجاء أول رد فعل رسمي جزائري على لسان الوزير المكلف بالشؤون الإفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل الذي اعتبر أن إقدام المغرب على نشر أفراد من قواته في جزيرة ليلى "فرض للأمر الواقع" و"خرق للشرعية الدولية" و"انتهاك للحدود الموروثة عن الاستعمار".

كما لم يتوان الوزير الجزائري عن ربط أزمة الجزيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، بنزاع الصحراء، وقال إن الجزائر "ترفض كل سياسة لفرض الأمر الواقع أو أي خرق للشرعية الدولية، وأن الجزائر تدافع عن هذا المبدأ سواء تعلق الأمر بقضية الصحراء او بالنزاعات المتولدة عن عدم احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار".

وحاول المسؤولون الجزائريون تبرير موقفهم، أمام حالة الاستغراب والاندهاش في العالم العربي والإسلامي، وقال مسؤول جزائري لصحيفة "الشرق الأوسط"، اللندنية إن "الجزائر كانت دائما حريصة على الالتزام باحترام الشرعية الدولية، ومن هذا المنطلق أعلنت موقفها الرافض لسياسة الأمر الواقع".

وتابع أن بلاده "لم تؤيد إسبانيا ضد المغرب، والذين فهموا الأمر هكذا إما أنهم لم يطلعوا على الموقف الرسمي للجزائر أو أنهم يريدون أن يكون الأمر كذلك".

وأمام خطورة الوضع تدخلت الدبلوماسية الأمريكية، وقام وزير الخارجية كولن بأول جهود وساطة، تكللت بالنجاح، واتفق الطرفان في 20 يوليوز 2002، على إخلاء الجزيرة من أي تواجد عسكري، والعودة إلى الوضع الذي كان سائدا قبل 11 يوليوز 2002، وقامت إسبانيا بسحب قواتها.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال