اختارت شركة "أرتيس إنترناشونال"، إجراء مسح دماغ على مجموعة من الأشخاص من أصل مغربي وباكستاني يقيمون في مدينة برشلونة الإسبانية، من أجل فهم أعمق لظاهرة التطرف حسب ما نشره موقع "ذا كونفيرسايشن"، علما أنه سبق للشركة ذاتها أن أجرت دراستين سنتي 2014 و2017 حول الأعمال الإرهابية، وهما الدراستين اللتين خلصتا إلى أن إسبانيا تحتل صدارة الدول الأوروبية من حيث تنفيذ الهجمات الإرهابية الفاشلة.
وأوضح الموقع نفسه أن من بين الأسباب التي دفعت القائمين على البحث لاختيار الجنسيتين الباكستانية والمغربية، انتماؤهما لنفس العقيدة الدينية "الإسلام السني"، حيث يمثلان الجاليتين الإسلاميتين الأكبر في برشلونة.
وأكد المصدر ذاته أنه بعد إجراء 535 دراسة استقصائية مع شباب مقيمين في برشلونة من أصل مغربي، اختارت المؤسسة إجراء المسح على 38 شخص منهم، قالوا خلال استجوابهم "إنهم مستعدون للمشاركة في أعمال عنف، دفاعا عن أسباب جهادية"، بينما أجريت 146 دراسة استقصائية مع مواطنين باكستانيين، وتم اختيار 30 شخصا منهم فقط.
ولتحليل ودراسة كيفية اشتغال أدمغتهم، تم إجراء المسح في البداية على المواطنين المغاربة، وذلك عن طريق إشراكهم في لعبة فيديو، قانونها يتمثل في تمرير كرة افتراضية إلى بعضهم البعض، وأوهموهم أن اللاعبين الاسبان حقيقيون، رغم أنهم مجرد لاعبين افتراضيين.
وكان الهدف من اللعبة هو تقسيم المغاربة إلى مجموعتين، حيث امتنع اللاعبون الاسبان عن تمرير الكرة لأفراد المجموعة الأولى من المغاربة، لجعلهم يشعرون أنهم "مستبعدون اجتماعيا"، في المقابل استمروا في تمريرها للمجموعة الثانية من المهاجرين المغاربة، ليشعروا بأنهم "مندمجون" داخل المجتمع.
وعند إجراء المسح الدماغي للمجموعتين، كشف البحث على استعداد المشاركين "للقتال والموت من أجل قيمهم المقدسة"، ومن بين هاته القيم التي يمكن أن تؤدي إلى ذلك حسب البحث، هو الرسوم الكاريكاتورية عن النبي وكذا زواج المثليين، ومن بين القيم التي ذكرها أيضا المشاركون المغاربة للباحثين والتي قالوا إنها غير مقدسة لكنها بالنسبة لهم هي في غاية الأهمية، ارتداء النقاب وتعليم الدين الإسلامي في المدارس.
وأشارت نتائج الفحوصات إلى أن المشاركين المغاربة من كلتا المجموعتين أبدوا استعدادا أكبر للقتال والموت من أجل القيم المقدسة بدلاً من القيم غير المقدسة، موضحة أن "لتلفيف الجبهي الأيسر السفلي" من الدماغ، هو الذي يتفاعل مع المواضيع المتعلقة بالقيم المقدسة.
وأظهر المشاركون الذين تم تصنيفهم في خانة "الأشخاص المستبعدين اجتماعيا"، استعدادهم للموت والتعامل بعنف حتى فيما يخص المواضيع التي ليست لها أي قيمة مقدسة، على عكس "الأشخاص المندمجين اجتماعيا"، واستنتج البحث أن "الإقصاء الاجتماعي" يمكن أن يجعل من "القيم غير المقدسة، قيما مهمة".
من جهة أخرى، وبعد إجراء المسح الدماغي للباكستانيين، أشار البحث إلى أنهم أكثر تطرفا من المغاربة.
وخلص الباحثون إلى أن ظاهرة التطرف، لا يمكن ربطها بالعوامل الاجتماعية أو البيئية أو الاقتصادية، حيث أكدت الدراسة انه يمكن للإقصاء الاجتماعي أن يؤدي إلى اعتناق الفكر المتطرف باعتباره ظاهرة اجتماعية، "يجب محاربتها بمساعدة من الدولة أولا، ثم العائلة، والأصدقاء ووسائل الإعلام".