القائمة

أرشيف

التنظيمات السرية بالمغرب (2): منظمة إلى الأمام التي دعت إلى إسقاط نظام الحسن الثاني وعارضت المسيرة الخضراء

بعد نيل المغرب استقلاله سنة 1956، نشأت العديد من المنظمات السرية التي فضلت العمل في الخفاء، ونجح بعضها في ترك بصماته في مختلف المحطات الأساسية التي مرت بها البلاد، ومن بين هاته المنظمات منظمة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية.

نشر
شعار العديد من الحركات اليسارية في العالم
مدة القراءة: 4'

شهد المغرب مباشرة بعد استقلاله العديد من الأحداث التي أُثرت على المشهد السياسي في البلاد، الذي كان يغلب عليه آنذاك الخلاف بين القصر الملكي والحركة الوطنية، خصوصا بعد إسقاط الحسن الثاني لحكومة عبد الله إبراهيم التي كان محمد الخامس قد عينها لتشكل حلا وسطا بينه وبين المعارضة.

وتتالت الأحداث بعد ذلك، فقررت المعارضة مقاطعة التصويت على دستور سنة 1962، ثم تقديمها سنة 1964 لما يعرف بملتمس الرقابة لأول مرة في تاريخ المغرب، من أجل إسقاط حكومة باحنيني التي كانت مشكلة من أحزاب موالية للقصر.

وفي شهر غشت من سنة 1963 عقدت نقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب مؤتمرا، دعت فيه صراحة إلى إسقاط نظام الحسن الثاني، وبعد سنتين من ذلك وبالضبط في 23 مارس من سنة 1965 تجمع التلاميذ وانطلقوا في مظاهرة حاشدة بالدار البيضاء، وتدخل الجيش وأطلق الرصاص الحي على المتظاهرين وسقط العديد من القتلى والجرحى.

هذه الأحداث وجدت لها صدى في البرلمان المغربي، حيث طالب حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، لكن الدولة رفضت السماح لها بالانتقال إلى الأماكن التي شهدت مواجهات عنيفة.

وبعد ثلاثة أشهر من هذه الأحداث، وبالضبط في السابع من يونيو من سنة 1965، أعلن الحسن الثاني وللمرة الأولى في تاريخ المغرب حالة الاستثناء، وحل البرلمان، وتعطلت الحياة السياسة بذلك في البلاد.

وأجمعت الكثير من الهيئات السياسية المغربية على رفض حالة الاستثناء، خصوصا وأن الدستور لم يحدد مدة حالة الاستثناء، ما جعلها تستمر لسنوات، وعرفت هذه المدة أكثر من محاولة انقلابية على الحسن الثاني.

وأمام هذا الوضع فقد العديد من الشباب إيمانهم بإمكانية التغيير من داخل المؤسسات، وقرروا إنشاء تنظيمات سرية، كان أغلبها آنذاك يتبنى الفكر الماركسي اللينيني إضافة إلى فكر القائد الصيني ماوتسي تونغ باعتباره فكرا تحرريا بديلا يدعوا إلى العمل من أجل انقلاب شعبي ضد النظام عبر بناء حزب ثوري من العمال و الفلاحين.

وهكذا قرر عدد من منتسبي حزب التحرر والاشتراكية (حزب التقدم والاشتراكية حاليا)، الذي كان يتزعمه علي يعتة، الخروج عن الحزب وتأسيس منظمة سرية في سنة 1969، وهي المنظمة التي ستعرف فيما بعد باسم "إلى الأمام".

وفي 30 غشت من سنة 1970 أعلنت المنظمة عن نفسها، بزعامة أبراهام السرفاتي و عبد اللطيف اللعبي، ودعت إلى  القيام بثورة شعبية ضد النظام ووجهت سهام نقدها للتوجه العام لحزب التحرر والاشتراكية.

بعد ذلك تعرضت لقمع شديد وزج بمعظم أعضائها في السجون كما لقي العديد من نشطائها حتفهم كسعيدة المنبهي و عبد اللطف زروال و أمين التهاني...، وعرفت منظمة إلى الأمام بمواقفها الخارجة عن نطاق الخطاب التقليدي للأحزاب الإصلاحية خاصة فيما يتعلق بطبيعة النظام الحاكم في المغرب وقضية الصحراء الغربية، حيث أعلنت في بلاغ لها يوم 19 أكتوبر سنة 1975، عن معارضتها للمسيرة الخضراء التي دعا إليها الحسن الثاني ووصفتها بـ"المسيرة الصفراء"، وبأنها "مسيرة الخداع والنفاق" والتي يهدف من ورائها الحسن الثاني "إلى استعباد سكان الصحراء بالقوة والدخول في حرب ضد الجزائر الشقيقة".

واعتبرت مشكل الصحراء مشكلا "سياسيا يدور حول حق جماهير الصحراء في تقرير مصيرها، وليس مشكلا قانونيا".

فترات تطور منظمة إلى الأمام

يمكن تقسيم تاريخ منظمة إلى الأمام إلى ثلاث فترات لكل فترة ميزاتها عن الأخرى. تمتد الأولى من 1970 إلى 1972: تميزت هذه الفترة بدخول الفكر اليساري إلى الجامعات المغربية، حيث أقبل العديد من الطلبة على الانتساب لهذه المنظمة، أما الفترة الثانية فقد امتدت من سنة 1972 إلى سنة 1977، وهي الفترة التي تميزت فيها لمنظمة بالتقهقر والعزلة والتهميش، خصوصا بعدما قادت نقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب إلى الطريق المسدود بعد سيطرتها عليها، حيث تم حظر المنظمة سنة 1973.

وجاءت التطورات التي عرفتها البلاد مع بداية أحداث 1973، واتساع موجة القمع والاعتقالات، لتزيد من تهميش منظمة إلى الأمام، التي أصبح أعضاءها محسوبين على رؤوس الأصابع، وحاولت المنظمة الخروج من أزمته طيلة هذه الفترة لكذ دون جدوى.

أما الفترة الثالثة، فهي لفترة التي تلت سنة 1977 وتميزت بصراعات داخلية بين ما تبقى من المنظمة، ما أدى إلى دخولها في مرحلة التشتت التنظيمي والسياسي والإيديولوجي، واستمرت المنظمة على هذا الحال إلى حدود سنة 1994 حيث تم الإعلان رسميا عن حلها.

وفي السنة الموالية قامت مجموعة من الناشطين السابقين في المنظمة بتأسيس حزب سياسي أطلق عليه اسم "حزب النهج الديمقراطي"، ويقول هؤلاء إن الحزب يشكل استمرارا للمنظمة على المستوى السياسي والفكري.

ويلخص الحزب أهدافه في بناء الاشتراكية كنظام يقضي على الرأسمالية واستغلال الإنسان للإنسان، والنضال ضد تبعية المغرب للإمبريالية الأمريكية. ويبنى الماركسية كإديولوجية له ويعتبر أن العقبة الأساسية، في الفترة الراهنة، أمام تقدم المغرب في تحقيق أهدافه هي المافيا المخزنية، حسب تعبيره.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال