واستهل الملك محمد السادس خطابه قائلا "كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب! كم هو جميل هذا اليوم، الذي أحمل فيه قلبي ومشاعري إلى المكان الذي أحبه ! فإفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي. لقد عدت أخيرا إلى بيتي. وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد. لقد اشتقت إليكم جميعا".
وأضاف الملك في خطابه أن "الدعم الصريح والقوي، الذي حظي به المغرب، لخير دليل على متانة الروابط التي تجمعنا".
ورأى الملك محمد السادس أن الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984 كان ضروريا "فقد أتاح الفرصة للمغرب لإعادة تركيز عمله داخل القارة، ولإبراز مدى حاجة المغرب لإفريقيا، ومدى حاجة إفريقيا للمغرب".
وأكدا أن قرار العودة إلى المؤسسة الإفريقية جاء إثر "ثمرة تفكير عميق. وهو اليوم أمر بديهي".
وأوضح في خطابه أن المغرب رغم مغادرته لمنظمة الوحدة الإفريقية، إلا أنه لم يغادر أبدا أسرته الإفريقية وقال "لقد حان موعد العودة إلى البيت : ففي الوقت الذي تعتبر فيه المملكة المغربية من بين البلدان الأفريقية الأكثر تقدما، وتتطلع فيه معظم الدول الأعضاء إلى رجوعنا، اخترنا العودة للقاء أسرتنا. وفي واقع الأمر، فإننا لم نغادر أبدا هذه الأسرة".
وأكد الملك أنه بالرغم من عدم وجود المغرب داخل الاتحاد الإفريقي، إلا أن المملكة أبرمت مع البلدان الإفريقية منذ سنة 2000، حوالي ألف اتفاقية همت مختلف مجالات التعاون، مشيرا إلى أنه ارتأى شخصيا أن يعطي دفعة ملموسة لتوجه المغرب نحو إفريقيا "وذلك من خلال تكثيف الزيارات إلى مختلف جهات ومناطق القارة".
وتحدث الملك عن الاتفاقيات التي تم توقيعها إثر زياراته التي قام بها إلى عدد من البلدان الإفريقية، مشيرا على وجه الخصوص إلى مشروع أنبوب الغاز إفريقيا-الأطلسي، مع نيجيريا، مؤكدا أن هذا المشروع سيمكن "من نقل الغاز من البلدان المنتجة نحو أوروبا. بل أكثر من ذلك، ستستفيد منه كافة دول إفريقيا الغربية".
كما أشار في خطابه كذلك إلى إقامة وحدات لإنتاج الأسمدة بالشراكة مع كل من إثيوبيا ونيجيريا. وهي المشاريع التي ستعود "بالنفع على القارة بأكملها".
وذكَّر الملك في خطابه بدور المغرب في الحفاظ على استقرار القارة الإفريقية، حيث أوضح أن المغرب شارك "منذ استقلاله، في ست عمليات أممية لاستتباب الأمن في إفريقيا، وذلك بنشر آلاف الجنود في عدة جبهات".
وتابع أن القوات المغربية لا تزال، "إلى اليوم، منتشرة في أراضي جمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية".
وأتى الملك محمد السادس في معرض حديثه على ذكر إطلاق الملكة للعديد من عمليات تسوية الوضعية لفائدة المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
لا نريد خلق الانقسام..
وقال الملك محمد السادس في خطابه "إننا ندرك أننا لسنا محط إجماع داخل هذا الاتحاد الموقر". وأضاف "إن هدفنا ليس إثارة نقاش عقيم، ولا نرغب إطلاقا في التفرقة، كما قد يزعم البعض".
وتابع "وستلمسون ذلك بأنفسكم: فبمجرد استعادة المملكة المغربية لمكانها فعليا داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته، فإن جهودها ستنكب على لم الشمل، والدفع به إلى الأمام".
وأضاف الملك قائلا "لقد ساهمنا في انبثاق هذه المؤسسة الإفريقية العتيدة، ومن الطبيعي أن نتطلع إلى استرجاع مكاننا فيها. وطيلة هذه السنوات، وعلى الرغم من عدم توفره على موارد طبيعية، استطاع المغرب أن يصبح بلدا صاعدا، بفضل خبرته المشهود بها. وقد أضحى اليوم من بين الدول الأكثر ازدهارا في إفريقيا".
شعلة المغرب العربي انطفأت
أكد الملك أن المغرب ظل "يؤمن دائما، بأنه ينبغي، قبل كل شيء، أن يستمد قوته من الاندماج في فضائه المغاربي".
وأوضح أنه "غير أنه من الواضح، أن شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت، في ظل غياب الإيمان بمصير مشترك".
ورأى الملك محمد السادس أن الحلم المغاربي "يتعرض اليوم للخيانة" حتى انه بات يشكل اليوم "المنطقة الأقل اندماجا في القارة الإفريقية، إن لم يكن في العالم أجمع". وأكد أن "والمواطنون في البلدان المغاربية لا يفهمون هذا الوضع".
وجاء في الخطاب الملكي أن "هذا الوضع يكرس صواب التوجه الإفريقي للمغرب. فبلدي اختار تقاسم خبرته ونقلها إلى أشقائه الأفارقة. وهو يدعو، بصفة ملموسة، إلى بناء مستقبل تضامني وآمن".
وتابع الملك أن "المغرب لا يدخل الاتحاد الإفريقي من الباب الضيق، وإنما من الباب الواسع. وإن الاستقبال الحار الذي خصنا به إخواننا الأفارقة اليوم، لدليل قاطع على ذلك".
زوما..المغرب العضو رقم 55 في الاتحاد
وكان الملك محمد السادس قد حضر قبل إلقائه لخطابه حفل أداء اليمين من قبل كل من رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فاكي محمد وكذا باقي مفوضي الاتحاد.
وبعد الخطاب الملكي ألقى الرئيس الغيني ألفا كوندي الذي انتخب خلال الجلسة الافتتاحية للقمة الثامنة والعشرين لقادة دول ورؤساء حكومات بلدان الاتحاد الافريقي، رئيسا جديدا للاتحاد الإفريقي خلفا للرئيس التشادي ادريس ديبي، كلمة تحدث فيها عن دور الملك الراحل محمد الخامس، في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، مؤكدا أن الاتحاد الإفريقي يدين في وجوده إلى مؤتمر الدار البيضاء الذي عقد في يناير من سنة 1961.
وفي كلمتها رحبت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي المنتهية ولايتها نكوسازانا دلاميني زوما، بـ"العودة التاريخية للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي" وفي الوقت الذي تحاشت فيه الحديث في كلمتها عن البوليساريو مباشرة، قالت إن المغرب "سيكون العضو رقم 55 في الاتحاد".