القائمة

الرأي

العروي أو مقياس الديمقراطية؟

صباح يوم الأربعاء الماضي، كنت مدعواً رفقة ثلة من الباحثين والنشطاء المغاربة والعرب، للحديث في ندوة لمركز دراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بمدينة الرباط، حول ما تبقى من أثر انفجارات 2011، على مستوى الالتزام السياسي للشباب، ومُجمل المكتسبات السياسية والمؤسساتية. وفي التوقيت نفسه التأم بالصخيرات مؤتمر مؤسسة الفكر العربي «فكر 13»، الذي أصدر التقرير السابع للتنمية الثقافية حول [أربع سنوات من «الربيع العربي»]. فيما كانت المكتبة الوطنية في مساء اليوم ذاته، على موعد نادرٍ مع المفكر الكبير عبد الله العروي الذي ألقى محاضرة في موضوع: «المواطنة والمساهمة والمجاورة».

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

أثر الربيع العربي في التحول الديمقراطي، سيكون مرة أخرى حاضراً خلال نهاية الأسبوع الماضي، داخل الصحافة المغربية، تفاعلاً مع نتائج دراسة «مقياس الديمقراطية في العالم العربي»، الذي أعدته مبادرة الإصلاح العربي، والذي جعل من المغرب مُتصدراً لترتيب البلدان العربية وفقاً لشبكة من المؤشرات المتعددة التي تحاول رصد درجات التقدم نحو الديمقراطية في تسعِ دولٍ، انطلاقاً من رصد واقع الحريات واحترام المواطن، ومجال تطبيق القانون وشفافية العمل الحكومي والتقدم في الممارسة السياسية.

يُعد هذا المقياس رابع تجربة لتحليل وضع الديمقراطية في العالم العربي، غير أنه الأول منذ الانفجار الكبير للعام 2011.

لذلك، فهو يضع الدول في ثلاثة محاور وهي: البلدان التي عاشت ثورة أو انتفاضة شعبية، والبلدان التي تأثرت بالانتفاضات في الدول المجاورة، والبلدان التي اتخذت نهج الإصلاح التدريجي.

في محاضرة صاحب «الإيديولوجيا العربية المعاصرة «، نكتشف حجم الاستسهال الذي يتعرض له في التداول العمومي مفهوم مثل «المواطنة»، فعبد الله العروي -بعيداً عن أية مقاربة قانونية تبسيطية- يعتبر أن بناء المواطنة يحتاج إلى مقدمات ثقافية واجتماعية وأخلاقية وعقائدية، إن هي وجدت – نعم، إن هي وجدت – قد نتصور إمكانية تجسيد مفهومها، ولو على مراحل.

يختم العروي محاضرته الغنية بجُمْلةٍ تكثف – ربما- جزءاً أساسياً من مشروعه الفكري، وليس فقط، قراءته للمواطنة، عندما يقول: «لا حق بدون وعي»!

من جهة أخرى، قد يكون التصنيف الأخير لمقياس الديمقراطية، التفاتة موضوعية لمسارٍ مغربيٍ مُتميزٍ داخل ارتباكات ما بعد انفجارات 2011، غير أن قراءة النتائج الكاملة لدراسة مبادرة الإصلاح العربي، من شأنها أن تزرع قليلاً من القلق في اطمئناننا المُمكن على تصدر الترتيب العربي، فالمغرب يوجد كذلك – بشكلٍ مفارقٍ – في قمة الدول التي سجّلت تراجعات واضحة في ديناميكيتها الإصلاحية بين تاريخ مقياس الديمقراطية ما قبل الأخير، وزمن إعداد الدراسة الحالية.

وهذا يعني ببساطة أن تقدمنا النسبي مقارنة بمحيط إقليمي غير مستقر، يبقى محفوفاً بمخاطر التلكؤ والتراجعات والردة.

في ندوة مركز الأستاذ حبيب بلكوش، سيلخص الصديق محمد حفيظ أثر 20 فبراير في الواقع المغربي، انطلاقاً من مفارقة ضعف تأثيرها في السياسة، مقابل قوة تأثيرها في الثقافة السياسية، فيما سيقف أحد مُنظري اليسار المغربي الأستاذ الحبيب الطالب في دراسته المنشورة ضمن التقرير المذكور لمؤسسة الفكر العربي، على مفارقة أخرى، حيث المغرب يستقر والمسار الإصلاحي يتقدم، ولو ببطء وتثاقل، لكن القوى الديمقراطية التي كان لها الفضل التاريخي في هذا التقدم، تتقهقر وتضعف شعبياً!

هل نحتفل بالتصنيفات السعيدة والعابرة لمؤشرات الديمقراطية؟ أم نُنصت إلى عمق وتعقد مسلسل بناء المواطنة، ونبدأ في بناء مقدماته؟

أقتسم معكم السؤال، وإن كنت لا أحمل أي أوهام حول الجواب.

في المغرب؛ لا أحد بإمكانه الوقوف في وجه السهولة، ولو كان اسمه عبد الله العروي!

منبر

حسن طارق
أستاذ جامعي، برلماني
حسن طارق