تطرقت وثيقة للمخابرات المركزية الأمريكية صدرت بتارخ 16 ماي 1975، ورفعت عنها السرية في 17 ماي 2006، للوضع في الصحراء الغربية، ولتحركات الأطراف المتنازعة على الإقليم.
وجاء في الوثقة أن فريق تحقيق "تابع للجنة الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار في الصحراء الإسبانية زار هذا الأسبوع" مدريد وسيزور المغرب والجزائر وموريتانيا.
وتابعت "دفعت المزاعم الأخيرة في الصحافة الإسبانية حول المحادثات السرية بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا لتسوية مشكلة الصحراء وزير الخارجية (الإسباني) كورتينا إلى الإعلان عن أن إسبانيا تواصل دعم استفتاء تقرير المصير تحت رعاية الأمم المتحدة".
فيما "قال مسؤول في وزارة الخارجية الإسبانية للسفارة الأمريكية إن القصص الصحفية جاءت من بعض المسؤولين الإسبان الذين يفضلون تسوية تفاوضية تأخذ في الاعتبار تصميم الملك المغربي الحسن على ضم الصحراء. وقد ضعفت حجج هؤلاء المسؤولين بسبب مطالبة الحسن المتجددة بالسيادة على الصحراء".
وأوضحت الوثقة أن إسبانيا تعتبر نفسها "ليست طرفاً في النزاع الإقليمي، بل إن مدريد لا تنوي التخلي عن جيبي سبتة ومليلية الواقعين في شمال المغرب". ويقال بحسب المصدر ذاته "إن صيغة كورتينا تحظى بدعم فرانكو الكامل. ويبدو أن مدريد تعتقد أن الاستفتاء من شأنه أن يؤدي إلى تصويت لصالح دولة مستقلة".
وفي ظل هذا الوضع كانت إسبانيا تخطط لإجراء استفتاء في الإقليم قبل منتصف عام 1975، وقالت وكالة المخابرات الأمريكية "توترت العلاقات بين المغرب والجزائر مؤخراً مرة أخرى بشأن قضية الصحراء الغربية. فالجزائر، عازمة على منع ضم المغرب للإقليم، وتؤيد الاستفتاء المقترح، على افتراض أنه من شأنه أن يؤدي إلى استقلال المنطقة. ومثل هذا الحل من شأنه أن يحرم المغرب من أي شكل من أشكال السيطرة ويفتح الإقليم للنفوذ الجزائري".
وأضافت "اصطدمت الدولتان بشأن تقرير المصير للصحراء في اجتماع وزراء خارجية جامعة الدول العربية في القاهرة الشهر الماضي. وفي اليوم التالي لنهاية الاجتماع، حذر الحسن الثاني من أن المغرب سوف يستخدم القوة، إذا لزم الأمر، لمنع "تقرير المصير في الصحراء". ومع ذلك، لا يزال الحسن الثاني يفضل التوصل إلى تسوية من خلال المفاوضات الثنائية".
فيما فضلت موريتانيا "لعب دور الوسيط في نزاع الصحراء"، وفي "الماضي اعتمدت موريتانيا على الجزائر للدفاع عن مصالحها. وفي الآونة الأخيرة، قبلت نواكشوط قرضاً تنموياً بقيمة 15 مليون دولار أميركي عرضته الرباط في محاولة واضحة لشراء الدعم الموريتاني في قضية الصحراء الغربية. ولكن الموريتانيين سوف يظلون متشككين في النوايا المغربية، ومن غير المرجح أن يخاطروا بإهانة الجزائر من خلال تنمية علاقات وثيقة للغاية مع الرباط".
المغرب يؤجل خطط إسبانيا
وأمام هذا الوضع، قدم المغرب قرارا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في ماي 1975، من أجل إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري بشأنه، وهما جعل إسبانيا تضطر لتأجيل خطتها بشأن الاستفتاء إلى حين صدور قرار المحكمة.
ووكان على المحكمة أن تنظر في "ما إذا كانت الصحراء الغربية خاضعة لإدارة أية حكومة قبل الاحتلال الإسباني، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي الروابط القانونية التي كانت قائمة آنذاك بين الإقليم والمغرب وموريتانيا". وقدمت "إسبانيا والمغرب وموريتانيا مذكرات مكتوبة إلى المحكمة"، فيما "أخطرت الجزائر المحكمة برغبتها في عرض وجهات نظرها كطرف مهتم".
وتوقعت المخابرات الأمريكية أنه "في مواجهة المطالبات المتنافسة بالمنطقة، قد تحكم المحكمة بأن الصحراء الغربية كانت إقليماً غير خاضع للإدارة. وهذا من شأنه أن يعيد المشكلة إلى الجمعية العامة، التي من المرجح أن توصي بتنفيذ القرارات القائمة التي تدعو إلى إجراء استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة".
وفي 16 أكتوبر 1975 أصدرت المحكمة قرارها الاستشاري، والذي تضمن أن الصحراء لم تكن يوما "أرضا خلاء"، وأنه كانت هناك روابط قانونية وأواصر بيعة بين سلاطين المغرب وبين الصحراء.
ووجه الملك الحسن الثاني خطابا في نفس اليوم ودعا لتنظيم مسيرة خضراء سلمية لاسترجاع الصحراء، وقال الملك الراحل إن محكمة العدل الدولية سجلت في قرارها أن هناك روابط قانونية أولا وروابط بيعة بين المملكة المغربية وبين الصحراء، موضحا أن استعمال هيئة المحكمة في نص القرار لكلمة "بيعة" عوض "سيادة"، استعملت "ما هو مناسب للتاريخ الذي استعمرت فيه الصحراء".
وأضاف "بقي لنا أن نتوجه إلى أرضنا، الصحراء فتحت لنا أبوابها قانونيا، اعترف لنا العالم بأسره بأن الصحراء كانت لنا منذ قديم الزمن، واعترف لنا العالم أيضا بأنه كانت بيننا وبين الصحراء روابط وتلك الروابط لم تقطع تلقائيا وإنما قطعها الاستعمار".