أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريره السنوي برسم سنة 2019 تحت عنوان "فعلية حقوق الإنسان ضمن نموذج ناشئ للحريات"، وجاء التقرير مقسما على سبعة محاور أساسية تهم حماية حقوق الإنسان، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، والعلاقة مع المؤسسة التشريعية، وحقوق الإنسان والإعلام، والتعاون والعلاقات الدولية، ومتابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والآليات الوطنية المحدثة لدى المجلس.
وأكد التقرير، الذي يقع في 82 صفحة، في الشق المتعلق بحماية حقوق الانسان في المغرب، أنه رغم وقف تنفيذ عقوبة الإعدام فعليا منذ سنة 1982، مع استثناء واحد في سنة 1993، لا يزال القضاة يصدرون أحكاما بالإعدام، "حيث صدر منذ سنة 2019، 11 حكما ابتدائيا بالإعدام و11 قرارا استئنافيا بالإعدام، ويبلغ عدد المحكوم عليهم بالإعدام حاليا 70 شخصا منهم امرأة واحدة".
كما تناول المجلس في تقريره أيضا الاضراب عن الطاعم بالمؤسسات السجنية، وقال إنه تابع "بانشغال حالات الوفيات الناجمة عن الإضراب عن الطعام"، في السجون المغربية، وسجل وجود نقص على "مستوى القواعد التدبيرية لموضوع الإضراب عن الطعام". وأكد أنه يعكف "مع شركائه على إنجاز دليل يحدد أدوار المتدخلين بهدف التدبير الجيد لمثل هذه الحالات".
وقال المجلس إنه توصل بـ20 شكاية تتعلق بادعاءات التعذيب و58 تتعلق بادعاءات سوء المعاملة أو المعاملة المهينة، وأشار إلى أن "أغلبها لا يمكن إدراجه ضمن حالات التعذيب وسوء المعاملة، كما أن هناك حالات تراجعت عن ادعاءاتها واعتبرت أن ما تم الإدلاء به من طرف ذويهم ليس هو ما تم التعبير عنه حين تم التواصل معهم".
وتابع المجلس أن بعض المعتقلين خضعوا "لإجراءات تأديبية من طرف إدارة السجن"، ووضعوا بزنزانة تأديبية، مشيرا بحسبه إلى أن الأمر مرتبط بتنفيذ عقوبة تأديبية قانونية، وليست تعذيب".
ومن بين الحالات التي أشار إليها المجلس حالة زعيم حراك الريف ناصر الزفوافي، وقال إنه استنتج أن "الفحوصات الطبية التي تم إنجازها لا تتوافق وتصريحات المعني الأمر من حيث ادعاءات التعذيب".
وجاء في التقرير أنه على إثر الاجراءات التأديبية المتخذة في حق بعض معتقلي حراك الريف بسجن رأس الماء، "قام بزيارة إلى المؤسسة السجنية المعنية"، وقال إن "تسجيلات الفيديو تثبت أن المعتقلون الستة رفضوا العودة إلى زنزانتهم لأكثر من ساعتين"، ولم "يتم ملاحظة أي أثر للتعذيب" عليهم.
الحريات الأساسية
وبخصوص التظاهر السلمي، سجل المجلس "تزايدا مضطردا" لمختلف الحركات الاحتجاجية التي تجعل من الشارع العام فضاء لممارسة الفعل الاحتجاجي، حيث يصل المعدل إلى 46 مظاهرة في اليوم، وسجل أن هذه الحركات الاحتجاجية تحولت من فعل ممركز مؤطر "قانونيا" إلى فعل احتجاجي منتشر على ربوع التراب الوطني ومختلف في موضوعاته ومطالبه.
وأضاف أنه تم رصد وملاحظة مظاهرات وتجمعات منها ما مر في ظروف عادية، وأخرى عرفت تدخل القوات العمومية.
وخصص التقرير حيزا للحديث عن تشميع بيوت قيادات جماعة العدل والإحسان وقال إن "عدد هذه البيوت إلى 11 بيتا، في مدن مختلفة"، وأشار إلى أن قرارات تشميعها استندت "على ظهير الحريات العامة التي تنظم التجمعات العمومية، على اعتبار جعل البيوت الخاصة بالسكن، مصلى جماعي ومكانا للإقامة مجالس النصح"، وكذا على القانون المتعلق بالتعمير، "على اعتبار أن تلك البيوت لحقتها تغييرات غير مرخص بها"، وأوضح أن هذه القضايا معرضة أمام القضاء.
وفيما يتعلق بحرية الجمعيات سجل المجلس استمرار "عراقيل وممارسات إدارية منافية للقانون تعترض حرية الجمعيات وتضيق الفضاء المدني، خاصة فيما يتعلق بالتأسيس أو التجديد أو استغلال القاعات العمومية أو بتنظيم بعض الأنشطة". كما أن السلطات الإدارية المحلية بحسب التقرير "تشترط أحيانا على الجمعيات الادلاء بوثائق لا ينص عليها الفصل 5 المتعلق بالتصريح بالجمعيات، أو الإدلاء بعدد من نسخ الوثائق يفوق العدد المحدد بنفس الفصل".
وأوصى المجلس بمراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بمسطرة التأسيس والتجديد، والتمويل، والاستفادة من القاعات العمومية لتنظيم الأنشطة، بما "يضمن ممارسة حرية الجمعيات وفقا للدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، كما أوصى بمراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بالجمعيات وذلك باستبدال العقوبات السالبة للحرية بالغرامات.
وفي الجانب المتعلق بحرية التعبير قال المجلس إنه رصد خلال سنة 2019 عددا من المتابعات القضائية بسبب نشر مضامين في الفضاء الرقمي، خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وسجل "بانشغال إدانة بعض هؤلاء المتابعين بعقوبات سالبة للحرية وبالخصوص في أشكال التعبير التي تحظى بالحماية في المنظومة الدولية لحقوق الانسان".
وفيما يتعلق بحرية الصحافة، قال المجلس إنه تابع قضية الصحفيين الأربعة الذين قضت في حقهم المحكمة الابتدائية بمدينة الرباط بستة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة مالية، وسجل "احترام المحكمة، في نص الحكم، لحق الصحفيين في حماية مصادرهم وتشديدها في أكثر من مناسبة على حقهم في عدم الكشف عن مصدر معلوماتهم"، كما سجل كون العقوبة السجنية التي أقرها الحكم الابتدائي وأيدها الحكم الاستئنافي في هذه القضية عقوبة موقوفة التنفيذ".
وأوصى المجلس الوطني لحقوق الانسان بتعديل "جميع أحكام القانون الجنائي المتصلة بموضوع حرية التعبير، بما يتوافق مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وفتح نقاش عمومي حول "حرية التعبير والرأي والصحافة ينخرط فيه جميع الفاعلين المعنيين يأخذ بعني الاعتبار التحولات المرتبطة بهذا الموضوع".