في 14 فبراير الجاري، نشر الموقع الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية مقالا بعنوان: "القضية الليبية: بعد الاستبعاد غير المبرر في برلين، المغرب يسجل عودة قوية في برازافيل وأديس أبابا"، تضمن لهجة غير دبلوماسية للغاية اتجاه ألمانيا، التي استضافت مؤتمر برلين خلال شهر دجنبر الماضي.
وبعد وقت وجيز قام المسؤولون عن الموقع الرسمي للوزارة بحذف بعض المصطلحات من المقال ليبدوا أكثر دبلوماسية مما كان عليه عند نشره.
وتم الاحتفاظ بمصطلح "استبعاد" الذي يقلل من مكانة الدبلوماسية الألمانية، على الرغم من أن مؤتمر 19 يناير جمع القوى الدولية الفاعلة في الملف الليبي، كروسيا وفرنسا وأمريكا وتركيا.
وتزامن نشر هذا المقال مع انطلاق مؤتمر ميونيخ الأمني الذي عقد في الفترة ما بين 14 إلى 16 فبراير، وهو حدث دولي، تميز هذه السنة باجتماع للجنة متابعة تنفيذ مُخرجات مؤتمر برلين.
وعلى غرار مؤتمر برلين لم تستدع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المغرب للمشاركة في الاجتماع، في الوقت الذي حضرت فيه تونس التي لم تشارك بدورها في مؤتمر برلين.
ويؤكد غياب المغرب عن مؤتمر ميونيخ الأمني، استمرار تهميش الرباط في الملف الليبي، وينفي الأخبار التي تداولتها بعض وسائل الإعلام عن مراجعة المستشارة الألمانية لموقفها بخصوص إشراك المملكة في البحث عن حل للأزمة الليبية.
وما يفسر ذلك أيضا هو استثناء وزير الخارجية الألماني هايكو ماس للمغرب أثناء جولته في المنطقة، إذ أبدى في 23 أبريل أثناء زيارته لتونس أسفه "لعدم دعوة تونس إلى مؤتمر برلين في الوقت المناسب"، مؤكدا "التزام ألمانيا بإشراكها (تونس) في مختلف المحطات القادمة المتعلّقة بالملف الليبي ومنها بالخصوص متابعة تنفيذ مخرجات هذا المؤتمر".
وقبل ذلك شارك وزير الخارجية الألماني في اجتماع لوزراء خارجية دول جوار ليبيا في الجزائر (الجزائر، مصر، تونس، السودان، تشاد، النيجر، بالإضافة إلى مالي بصفتها متأثرة بالنزاع الليبي).
ويبدو أن الخلاف المغربي الألماني حول الملف الليبي عصيا عن الحل، وهو ما تفسره لهجة الدبلوماسية المغربية اتجاه برلين. ففي 18 يناير الماضي، أكد بيان صحفي صادر عن وزارة الشؤون الخارجية أنه "لا يمكن للبلد المضيف لهذا المؤتمر (ألمانيا)، البعيد عن المنطقة وعن تشعبات الأزمة الليبية، تحويله إلى أداة للدفع بمصالحه الوطنية".
وفي المقال الذي تم نشره في 14 فبراير الجاري، أبدى وزير الخارجية المغربي مرة أخرى، وبلهجة حادة استياء المغرب من عدم استدعائه لحضور المؤتمر.
ورغم ذلك يصمم المغرب على إيجاد مكان له في الوساطة للتوصل إلى حل للأزمة الليبية. وعلى عكس الجزائر تحتفظ المملكة بعلاقات جيدة مع الحكومة الموالية لخليفة حفتر. كما أن المغرب لا يزال يرتبط بعلاقات مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، ويحاول الحفاظ على نفس المسافة من أطراف النزاع.
فبعد اجتماعه يوم 29 يناير بوزير خارجية حفتر عبد الهادي الحويج، سارع بوريطة لالاتصال بوزير خارجية حكومة الوفاق وأكد له "وقوف المملكة المغربية ودعمها الكامل لحكومة الوفاق الوطني"، موضحا أن الرباط "لا تعترف إلا بالحكومة الشرعية لليبيا وفق اتفاق الصخيرات وقرارات مجلس الأمن".
ورغم ذلك تبقى حكومة الوفاق أقل قربا من المملكة، إذ سبق لها أن عبرت عن استيائها لغياب تونس وقطر عن مؤتمر برلين دون الحديث عن المغرب.