القائمة

أخبار

حكومة بن كيران والملفات الاجتماعية مواجهة مفتوحة على التصعيد

الملفات الاجتماعية التي تعلن عن نفسها اليوم في شكل احتجاجات عنيفة تحدي مباشر لحكومة بن كيران، لا يؤمن فاعلوها إلا بشرعية وحيدة هي شرعية الإنجاز، بتوفير مناصب الشغل ومحاربة الفقر والتهميش والفوارق المجالية بين مناطق المغرب.

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

لم تنتظر الملفات الاجتماعية الخارقة التي تواجه اليوم حكومة عبد الإله بن كيران مرور المائة يوم الأولى من عمر الحكومة لتعلن عن نفسها في الشارع العام، بل داهمت عمل الحكومة الحالية قبل أن يستقر الوزراء على كراسيهم، واستنفرت أجهزة الدولة حتى قبل أن يستكمل تنصيب الحكومة أمام البرلمان.
هكذا شهدت شوارع الرباط نزولا نوعيا لخريجي الجامعات والمعاهد من ذوي الشواهد العليا، يرفعون مطلبا واحدا هو التوظيف والتشغيل. كما سجلت شوارع تازة وأزقتها مواجهات مباشرة بين الساكنة وقوات الأمن في أعنف المواجهات التي يعرفها المغرب اليوم، والتي مازالت حلقاتها متواصلة إلى اليوم. سكان تازة، وغيرها من المدن الأخرى، يطالبون برفع التهميش عن منطقتهم ومعالجة القضايا الاجتماعية من سكن وصحة وتعليم وبطالة..
مطالب مشروعة
المطالب التي يرفعها الشباب من ذوي الشواهد العليا وسكان تازة وخريبكة وغيرها.. مطالب اجتماعية مشروعة، تؤكد شرعيتها الفشل الذريع لسياسات التنمية التي حكمت البلاد لعقود، ليستيقظ الجميع أمام اختلالات اجتماعية كبرى، وفوارق مجالية تحكم على المغرب أن يسير بوثيرتين مختلفتين.
غير أن المشاكل الاجتماعية اليوم، والتي لم تنتظر سياق الربيع العربي لتعلن عن نفسها بل ظهرت قبل ذلك بكثير في شكل احتجاجات دورية عرفها المغرب، أصبحت اليوم أكبر من الحلول الأمنية التي اعتمدتها الدولة سابقا، حيث لن يعد ينفع أن تدجج السلطات العمومية قواتها العمومية بمختلف أنواع الهراوات المحلية والمستوردة لقمع المحتجين كما كانت تفعل دائما، بل باتت الاحتجاجات تنتج لنفسها آليات ذاتية للمقاومة، بدءا من المواجهة العنيفة في الشارع إلى استثمار شبكة الإنترنيت للدعاية دون انتظار ما ستنقله الصحافة الرسمية والمستقلة، ووصولا إلى أكثر الأشكال عنفا وهو إحراق الذات الذي بات سلوكا احتجاجيا متزايد الانتشار.
فشل في النموذج التنموي وعدم فعالية الحل الأمني دفع الدولة إذن إلى المراهنة على استثمار الرأسمال المعنوي والسياسي والشعبي الذي يحضى به الإسلاميون المغاربة لتهدئة احتجاجات الشارع.

تطمينات بن كيران
الرئيس الحالي للحكومة سعى منذ الأيام الأولى لحكومته إلى تبني إستراتيجية مغايرة في معالجة الملفات الاجتماعية، وهي الحوار المباشر مع الخرجين في الرباط وطمأنتهم واستعمال قاموس ديني يمكن أن يهدئ من روع المحتجين.
بيد أن استمرار الاحتجاجات وتصاعدها اليوم سواء في الرباط العاصمة أو من مناطق أخرى كتازة مثلا، سرعان ما أبان على محدودية هذا الأسلوب الجديد. إذ لن تنفع ابتسامة بن كيران والعثماني والرميد كذلك في بناء المشروعية الوحيدة التي بات يؤمن بها الشباب اليوم وهي مشروعية الإنجاز، أي إنجاز المشاريع التنموية الموفرة لمناصب الشغل والقضاء على الفقر.
وهنا  يعود التساؤل الأول الذي ارتفع منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة وفوز حزل العدالة والتنمية: هل كانت الاحتجاجات التي شهدها المغرب وتمثلت في حركة 20 فبراير تطمح فقط إلى تنصيب بن كيران رئيسا للحكومة؟ أم أن الاحتجاجات كانت تسعى إلى تغيير وضع المغرب ومعالجة ملفاته الاجتماعية والاقتصادية الحارقة؟
طبعا لم يحتج المغاربة فقط ليكون بن كيران رئيسا للحكومة، لأن الأمر أكبر بذلك بكثير، وفشل بن كيران ومعه الائتلاف الحكومي الحالي في معالجة الملفات العاجلة والملحة سوف يفتح لا محالة الباب لعودة سريعة لهذه الاحتجاجات.
 

هناك احتمال آخر هو أن تسبق الملفات الاجتماعية بن كيران وحكومته، وتنتزع الدولة كما فعلت مع اليوسفي تدبير الملفات أمنيا، على أن تبقي لرئيس الحكومة الحالي واجهة سياسية ودعائية قد يبدأ بتبرير وتفسير الحل الأمني.