قام مجموعة من خبراء في ميدان الاقتصاد، يعملون في جامعات من دول مختلفة، بإجراء دراسة، تهدف إلى معرفة ما إذا كان الإنسان يفضل إرضاء مصلحته الذاتية أو يميل لاختيار الجوانب الإنسانية، وذلك بإضاعة محفظات نقود عن عمد، داخل مؤسسات عمومية وخاصة في 335 مدينة بمختلف دول العالم من بينها المغرب، ومعرفة ردود أفعال الأشخاص الذين يعثرون عليها.
ووضع الخبراء مبالغ متفاوتة في 17 ألف محفظة شفافة تسمح برؤية النقود بداخلها دون الحاجة لفتحها، كما تم وضع مفتاح بداخلها وثلاث بطاقات عمل تحمل اسم والبريد الإلكتروني للشخص، ولائحة مشتريات تم كتابتها باللغة المحلية لكل بلد، لكي يوهموا الشخص الذي يعثر عليها بأن صاحبها هو ابن بلده.
وأوضح الخبراء في دراستهم أن 13 من مساعديهم، تظاهروا بأنهم عثروا على محفظات وأعادوها إلى مختلف المؤسسات، سواء بنوك ـومسارح أو متاحف أو مكاتب بريد أو فنادق أو حتى مكاتب عامة.
ويتوجه المساعدون الذي تم اختيارهم لتنفيذ المهمة، إلى موظف المؤسسة، ويبلغونه بأنهم عثروا على المحفظة، ويقولون له "من المرجح أن أحدهم قد أضاعها، أنا مستعجل وعلي الذهاب، هل يمكنك أن ترجعها إلى صاحبها؟"، ثم يغادرون المكان دون تركه أي تفاصيل أخرى.
وكان الهدف الرئيسي من ذلك، هو معرفة ما إذا كان الموظف الذي يستلم المحفظة سيقوم بالاتصال بمالكها المفترض، الذي يظهر اسمه وبريده الإلكتروني في ثلاث بطاقات عمل متطابقة داخل محفظة النقود، أم لا.
وتبين من خلال الدراسة، أن غالبية الأشخاص اللذين تم اختبارهم قاموا بإرجاع المحفظة التي كانت تحتوي على مبالغ مالية أكبر، فيما لم يرجعوا المحفظة التي تحمل بداخلها مبلغا صغيرا. ووصلت نسبة إرجاع المحفظات التي لا تحمل نقودا إلى 40 في المائة، بينما وصلت نسبة إرجاع المحفظات التي تحمل 13 دولار إلى 51 في المائة.
وقرر الباحثون رفع حجم المخاطرة، وقاموا بوضع مزيد من النقود في المحفظات، في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبولندا، حيث وصلت نسبة إرجاع المحفظات التي تحمل 94 دولار لأصحابها الافتراضيين، إلى 72 في المائة، مقابل 61 في المائة بخصوص المحفظات التي تحتوي على 13 دولارا، أما إذا كانت المحفظات فارغة فالمعدل لا يتجاوز 46 في المائة.
أما في المغرب، فقد وصلت نسبة إرجاع المحفظات التي لا يوجد بداخلها نقود إلى 15 في المائة، فيما تم ارجاع المحفظات التي تحمل نقودا بنسبة 25 في المائة، حيث جاءت المغرب في ذيل البلدان التي لا ترجع عادة المحفظات، بعد الصين.
وقال أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إن "الدليل يوضح أن الناس يميلون للاهتمام بمصالح الآخرين، ويتهربون من فكرة أن يروا أنفسهم لصوصا".
وقال مشارك آخر من جامعة زيورخ إن "فجأة تشعر أنها سرقة" عندما يكون هناك نقود في المحفظة، مؤكدا أن الشعور "بأنها سرقة يزداد عندما تزداد النقود في المحفظات".