رغم أنه لم تعد تفصلنا سوى أيام معدودات عن اعتماد مجلس الأمن الدولي قرارا جديدا بخصوص قضية الصحراء الغربية، إلا أن تحركات جبهة البوليساريو بدت محتشمة، مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات السابقة.
وتراجع عدد الرحلات التي قام بها امحمد خداد منسق جبهة البوليساريو مع بعثة المينورسو، في العواصم الأوروبية بشكل كبير، واقتصر على التوجه إلى روسيا في 11 أبريل الجاري، حيث استقبله بموسكو، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول إفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.
وخلال نفس الفترة من السنة الماضية، سافر خداد إلى المملكة المتحدة وهولندا وأجرى محادثات مع دبلوماسيين في البلدين، كما أنه توجه إلى العاصمة السويدية ستوكهولم التي تعتبر محطة دائمة لمسؤولي البوليساريو أثناء عرض النزاع الإقليمي أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، تراجعت تحركات البوليساريو واللوبي الموالي لها بشكل كبير، فبينما كانت لجنة حقوق الإنسان في الكونغرس الأمريكي توجه الدعوة في السابق لكل من أميناتو حيدر والمسؤول في منظمة هيومن رايتس ووتش إيريك جولدشتاين، من أجل مناقشة قضية الصحراء، بعثت الولايات المتحدة الأمريكية هذه السنة دبلوماسيا من سفارتها في الرباط بداية مارس الماضي إلى مدينة العيون، من أجل الاجتماع بأميناتو حيدر رئيسة تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان.
بدورها بدت الجزائر أكثر انشغالا بمشاكلها الداخلية، وتراجعت تحركاتها الداعمة للجبهة الانفصالية خلال الآونة الأخيرة، فقد تم تأجيل موعد انعقاد الندوة الدولية التي يطلق عليها اسم "حق الشعوب في المقاومة: حالة الشعب الصحراوي"، وهي الندوة التي دأبت الجزائر على احتضانها سنويا خلال شهر أبريل.
وتعد هذه الندوة التي تشرف "اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي" على الإعداد لها، موعدا سنويا يجمع داعمي أطروحة البوليساريو، وشهدت نسخة السنة الماضية مشاركة زعيم الانفصاليين إبراهيم غالي.
كما كان لافتا للانتباه، عدم تحرك انفصاليي الداخل بالتزامن مع مناقشة قضية الصحراء في مجلس الأمن، حيث فشلوا في تنظيم مسيرة يوم 20 أبريل الجاري بمدينة العيون، كانوا يريدون من خلالها الرد على المهرجان الخطابي الذي نظمه حزب الاستقلال بالمدينة ذاتها والذي عرف مشاركة الآلاف الأشخاص.
ويوم أمس كان منتظرا أن يتم تنظيم وقفة للمطالبة بتقرير المصير في مدينة العيون، وفي الوقت الذي حضر فيه رجال الأمن فضل الانفصاليون الذين دعوا إلى الوقفة البقاء في منازلهم.
وتطرح التعبئة الضعيفة لجبهة البوليساريو العديد من الأسئلة خصوصا إذا ما كانت الجبهة قد تأثرت بالحراك الذي تشهده الجزائر، وسبق للقيادي الانفصالي محمد خداد أن حاول التأكيد في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية على عدم تأثر الجبهة سلبا بعدم الاستقرار السياسي الذي تعرفه الجزائر.
لكن الوقائع على الأرض تقول عكس ما ذهب إليه خداد، فقبل 22 فبراير الماضي، موعد أول خروج للجزائريين إلى الشارع للمطالبة بتراجع بوتفليقة عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة، كانت البوليساريو نشيطة داخل البرلمان الأوروبي من أجل دفع المشرعين الأوروبيين إلى رفض المصادقة على اتفاق الصيد البحري الموقع بين الرباط وبروكسيل.