في نهاية شهر دجنبر وبداية شهر يناير، تأسست منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب المعروفة اختصارا بـ"أوطم"، وتم الإعلان عن حل الجمعيات الطلابية التي سبقتها.
وقبل سنة 1956 كانت قد تأسست عدة تنظيمات طلابية كجمعية مسلمي شمال إفريقيا التي تأسست سنة 1912، والجمعية العامة لطلاب الرباط التي تأسست سنة 1927، واتحاد طلاب المغرب الذي تأسس سنة 1947.
وعرفت منظمة أوطم منذ تأسيسها، وإلى غاية مؤتمرها الرابع الذي عقد سنة 1959، سيطرة حزب الاستقلال عليها بشكل كلي، ولكن بعد انشقاق حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 عن حزب الاستقلال، دخلت المنظمة النقابية الطلابية، مرحلة جديدة وأصبحت تابعة للحزب الجديد.
وتم التعبير عن هذه التبعية بصراحة، خلال المؤتمر الرابع للمنظمة المنعقد في شهر غشت من سنة 1959، من خلال الإعلان عن تأييد حكومة عبدالله ابراهيم التي تشكلت في 24 دجنبر1958، وكانت تضم بعض المؤسسين لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، لكن بمجرد أن سقطت هذه الحكومة بتاريخ 23 مايو 1960، دخل الحزب في معارضة شديدة للنظام، وهو نفس المنحى الذي سينحوه "اوطم"، حيث ندد بالطابع غير الديمقراطي للنظام، كما ندد بالقمع المسلط على حركة المقاومة وجيش التحرير وذلك خلال مؤتمره الخامس المنعقد بالدار البيضاء في يوليوز1960، بحسب ما يحكي محمد ضريف، في كتابه "الحركة الطلابية المغربية، قراءة في أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب 1956-1996".
وبحسب الكاتب ذاته فقد تميزت هذه المرحلة من تاريخ المنظمة الطلابية، بطغيان الاهتمامات السياسية، حيث أصبحت منظمة موازية لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، داخل الجامعات المغربية.
وفي سنة 1960، انعقد المؤتمر الخامس للحركة الطلابية، وهو المؤتمر الذي أطلق عليه اسم "مؤتمر الطلاق"، حيث نددت خلاله المنظمة بالطابع غير الديمقراطي للنظام المغربي، كما نددت بالقمع المسلط على حركة المقاومة وجيش التحرير.
وبعد سنة من ذلك وخلال المؤتمر السادس الذي انعقد بمدينة آزرو صيف سنة 1961، قرر المؤتمرون تنحيته ولي العهد من الرئاسة الشرفية لأوطم معلنا القطيعة مع النظام. وفي سنة 1962 قاطع الاتحاد الطلابي الاستفتاء حول أول دستور للبلاد.
انشقاق طلابي
وبعدما وجد حزب الاستقلال نفسه، خارج الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، قرر تأسيس نقابة طلابية موازية سنة 1962، تحت اسم "الاتحاد العام لطلبة المغرب".
آنذاك بدأ الصراع بين الطلبة داخل الكليات، ويحكي الأزهر علال، في كتابه "الماركسيون في المغرب، حوارات وأسئلة" أن الطلبة منعوا الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال علال الفاسي، من إلقاء كلمة داخل إحدى كليات فاس تحت اسم الاتحاد العام لطلبة المغرب وقال "لم ننسلخ عن توجهنا الاتحادي..ولم نقبل أن يتجاهلنا الزعيم المرحوم علال الفاسي، عندما أصر على أن يلقي محاضرة عن فلسطين في الكلية (فرع فاس) باسم الاتحاد العام لطلبة المغرب ..طلبنا من علال الفاسي ..أن يلقي كلمته باسم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ولكنه رفض ذلك، فقبلنا التحدي ولم تكفينا مقاطعة الطلاب للمحاضرة، بل ذهبنا إلى حد إفشال النشاط من أساسه، شوشنا على الأفراد العشرة أو العشرين في أحسن الأحوال، الذي جاء معظمهم من خارج الطلبة، ..حتى فصلنا الكهرباء، فانتهى كل شيء".
ولم يستطع حزب الاستقلال بعد ذلك فرض تواجده، بشكل بارز داخل معظم الكليات، وظل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب هو المهيمن، والأكثر تأثيرا وسط الطلبة.
أوطم أمام القضاء
في 15 أكتوبر من سنة 1964 جرت أول محاولة لحل النقابة الطلابية، حيث طالب وزير الداخلية في حكومة با حنيني بحل المنظمة، بدعوى عدم ملاءمة قانونها الأساسي لقرارات صادرة عن وزارته، لكن تم إبطال الدعوى في دجنبر من السنة ذاتها.
لكن الحكومة ستلجأ إلى حل آخر، حيث أصدرت ظهيرا يلغي ظهير 1961 الذي يعتبر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، جمعية ذات منفعة عامة، ليتم بعد ذلك قطع الدعم العمومي عن المنظمة سنة 1963.
ورغم ذلك استمرت المنظمة في نهجها المعارض للنظام، وهو ما أكدته في مؤتمرها التاسع سنة 1964.
وفي أكتوبر من سنة 1965، انعقد المؤتمر العاشر للمنظمة في ظل ظرفية سياسية حرجة كان يمر بها المغرب، حيث شهدت البلاد آنذاك سقوط العديد من القتلى، إثر مظاهرات حاشدة في الدار البيضاء، وكذا إعلان حالة الاستثناء من قبل الملك الراحل الحسن الثاني بتاريخ 7 يونيو.
وبعد سنة من ذلك انعقد المؤتمر الحادي عشر، في ظل حملات القمع والقرارات التأديبية في حق مسؤولي أوطم، واختطاف أعضاء من اللجنة التنفيذية من بينهم الرئيس آنذاك.
وانعقد المؤتمر الموالي للمنظمة في يوليوز من سنة 1968، بعد منع السلطات انعقاد المؤتمر في سنة 1967.
واستمر الوضع على حاله إلى حدود سنة 1969، حيث أصبحت المنظمة تعتبر نفسها أداة سياسية للتغيير، بحسب ما ذكره محمد ضريف في كتابه "الحركة الطلابية المغربية، قراءة في أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب 1956-1996".
وتبنت المنظمة أنداك الماركسية، بكل أصنافها اللينينية والماوية والتروتسكية، وأدانت الأحزاب ونعتتها بالإصلاحية والانتهازية، لتنهي بذلك تبعيتها لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.