في هذا الجزء المخصص للحديث عن الوضع في الصحراء خلال سنوات الستينات، يؤكد البشير الدخيل (من مواليد 8 أبريل 1954 بالعيون)، أن هذه المدينة التي كانت ولا زالت تعد كبرى حواضر الصحراء، كانت صغيرة جدا، مشيرا إلى أن عدد سكانها لم يكن كبيرا، غير أنها "كانت توجد بها كل المقومات الأساسية للعيش".
وعن الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة آنذاك، قال البشير الدخيل، "في سنوات الخمسينات كان هناك جيش التحرير والتدخل الاستعماري، لكن من بداية الستينات إلى بداية السبعينات كان هناك نوع من السلم، نحن جيل الخمسينات تربينا بين مجتمع مسلم ذو جذور بدوية، وبين المدارس الغربية".
وتابع أن الوضع كان "غير متحرك"، ولم يكن آنذاك المفهوم "الصحراوي" موجودا، فضلا عن بقية المفاهيم التي أصبحت اليوم متداولة، وكان العالم بحسب محدثنا مقسما "بين مسلم ونصراني، وإن لم تخني الذاكرة فقد جاء الصحافي والكاتب المصري الراحل محمد حسنين هيكل إلى مدينة العيون في السبعينات، وكتب أنه وجد مجموعة من البشر تقسم العالم إلى قسمين مسلم ونصراني".
وأوضح أن المنطقة كانت تعيش في عزلة عن العالم العربي والإسلامي، "إلى درجة أن أولى علاقاتنا مع العالم العربي تعود إلى ما بعد عملية خط الرملة (عملية عسكرية ضد احتجاجات سكان مدينة العيون) التي قامت بها إسبانيا، حيث بدأنا آنذاك نشاهد الأفلام العربية...".
ويضيف "آنذاك أنا كنت من الناس الذين بدأو يؤمنون أن هناك وضعا غير طبيعي، وأنه لابد لنا أن نقوم بشيء ما من أجل تغيير هذا الوضع".
وعن ما يتذكره عن جيش التحرير قال البشير السيد "أتذكر عندما هجمت علينا الطائرات التي يناديها الصحراوين باسم "السفيرات" وبدأو يضربوننا بالرصاص، وأتذكر أنني رأيت آنذاك ولأول مرة شخصا يرتدي لباسا عسكريا، إخوتي الذين يكبرونني سنا كان بعضهم عضوا في جيش التحرير، الذي كان يتكون من الصحراويين وغير الصحراويين".
وأوضح أن جيش التحرير الذي انتقل من شمال المغرب إلى الصحراء ورفض إلقاء السلاح بعد اتفاقية إيكس ليبان "كان جيشا يحارب الاستعمار، لكن بعد ذلك تدخلت فرنسا وإسبانيا في عملية إيكفيون ووضعوا الحدود، وهي الحدود التي لم تضع اعتبارا لأي شيء، فتجد عمك وراء الحدود وابن عمك في أرض أخرى...".
وتابع أنه بعد "عملية إيكفيون تم فرض حدود جديدة، وأصبح هناك جزء من الناس معزول بشكل كلي عن ذويه، وبتنا مؤمنين بأن هذا الوضع يجب أن يتغير، وكان لزاما علينا أن نحرك النخلة لكي تتساقط الثمار".
وعن انتماءات سكان الصحراء في العقد السادس من القرن العشرين قال البشير الدخيل "العالم كان بسيطا آنذاك، ولم تكن هناك أحزاب سياسية، ولا جمعيات، كان هناك مجموعة من الناس الرابط بينهم بدرجة أولى الدين الإسلامي والانتماء إلى الأرض، كان السكان يحبون السلام والعدل والمشاكل كانت بسيطة جدا".
وعن ما إذا كانت لهؤلاء السكان ارتباطات بالملوك المغاربة قال "طبعا، علاقتنا مع الملوك، ليست وليدة سنة 1975، نحن مسلمون أشعريون مالكيون، وندعو إلى السلطان في المساجد، وحتى المقرر الذي كان يلقن للأطفال في المساجد هو نفس المقرر الذي كان يلقن لهم في فاس والرباط وباقي المدن".
وأكد أن فكرة "الشعب الصحراوي" لم تكن واردة آنذاك، ولم "يكن هناك أي تمييز سياسي، فنحن مسلمون يمثلنا السلطان".