في مطلع القرن القرن الماضي، نظم السكان المحليون في كاتلونيا مظاهرات عارمة ضد قرار الحكومة الاسبانية التي كان يقودها أنطونيو مورا القاضي بتجنيد المزيد من الإسبان وإرسالهم للمشاركة في حرب الريف بالمغرب.
حرب الريف والأسبوع المأساوي
بعدما تمكنت القبائل الريفية من هزيمة بوحمارة، استغل الشريف محمد أمزيان وحدة القبائل في منطقة الريف، ودعاهم إلى حمل السلاح في وجه المستعمر الإسباني، وفي 9 يوليوز 1909، هاجم الثوار الريفيون عمال شركة "مناجم الريف" التي كان يستفيد منها الإسبان، وبعد أسبوعين هاجموا مراكز الاسبان المتواجدة بسيدي موسى.
وفي 27 يوليوز التقى الثوار مع القوات الإسبانية في بني نصار قرب مدينة الناظور، وتواجهوا في معركة أطلق عليها بالريفية اسم إغزارن اوشان، أي واد الذئب، وكانت الغلبة في هذه المعركة لثوار الريف بقيادة المجاهد محمد أمزيان، حيث قتل فيها الجنرال بينتوس والمئات من الجنود الإسبان، وهو ما جعلت القوات الإسبانية تستشعر الخطر، وطالبت من الحكومة الاسبانية في مدريد إرسال المزيد من الدعم.
وأصدرت الحكومة الاسبانية التي كان يترأسها أنطونيو ماورا قرارا يقضي بتجنيد المزيد من الإسبان لدعم العمليات العسكرية في منطقة الريف، فتسبب هذا القرار في إشعال سخط المعارضة الشعبية داخل المملكة الإيبيرية، وخصوصا بعد وصول أخبار الهزيمة في معركة وادي الذئب.
وبدأت المظاهرات في مدينة برشلونة في 25 يوليوز وامتدت إلى 2 غشت من سنة 1909، و سمي هذا الأسبوع بالأسبوع المأساوي. وانتقلت عدوى هذه المظاهرة إلى مختلف المدن الكتلانية وحتى خارج الإقليم.
قمع وقتلى وجرحى
ووقعت مواجهات دامية بين المحتجين والأمن الاسباني خصوصا في برشلونة، والمدن الكتالونية، وتحولت المظاهرات إلى احتجاجات ضد العسكر ورجال الدين، وأحرقت العديد من الكنائس، والمدارس الدينية، وأقيمت الحواجز والمتاريس، وهوجمت عربات النقل وتوقفت خطوط السكك الحديدية، وأعلن المتظاهرون عن قيام الجمهورية.
لكن وبعدما بدأت الأمور تخرج عن السيطرة فعليا، تدخل الجيش الإسباني، وواجه المتظاهرين بلغة الحديد والنار، وأقيمت المحاكم العسكرية، وتم إعدام خمسة أشخاص، أبرزهم المفكر فرانسيسكو فيرير.
وأمام تصاعد حدة الغضب، اضطر وزير الداخلية الاسباني آنذاك إلى فرض الرقابة على كل الأخبار الآتية من الريف، بل وقطع الاتصالات الهاتفية والتليغراف مع المغرب، وصارت مدينة برشلونة معزولة عن محيطها الخارجي، وأعلنت حالة الطوارئ لتمكين الجيش من التدخل في أية لحظة.
سقوط الحكومة
وتصاعدت الاتهامات في كامل التراب الإسباني بعد ذلك لقيادة الجيش والحكومة، فسقطت حكومة أنطونيو مورا، وعوضت بالحكومة الليبرالية لسيخيسموندو موريت في 21 أكتوبر من سنة 1909، واستقالت هذه الحكومة بدورها في 9 فبراير 1910 لتعوض بحكومة بديلة يقودها خوسي كاناليخاس.
ورغم الهزائم التي تلقتها في الريف والاضطرابات الداخلية، لم ترتدع الحكومة الاسبانية، وأرسلت أزيد من 40 ألف جندي تحت قيادة ثلاثة جنرالات لوضع حد للمقاومة الريفية، لكن هذه القوات تلقت هزيمة أخرى في موقع "إجذياون" بقبيلة آيت شيكار، بتاريخ 20 شتنبر 1909، واستمرت بعد ذلك المواجهات بشكل متقطع إلى 14 ماي 1912 حيث استهدفت القوات الإسبانية احتلال عزيب حدو علال أوقدور، وخلالها رصد الجواسيس خروج محمد أمزيان رفقة نحو 700 من المجاهدين، متوجها إلى قبيلة بني سيدال، وتتبعوا خطواته إلى أن نزل بمسجد تاوريرت بكدية حامد للمبيت، وتم إبلاغ القوات الإسبانية التي سارعت إلى محاصرته، واستشهد فجر يوم 15 ماي 1912.
وبعد ذلك طغى ملف حرب الريف على المناقشات السياسية في إسبانيا، وخصص البرلمان جلسات مطولة لمناقشة هذه الحرب في شهر يوليوز من سنة 1910، وبدأت الأصوات تتعالي من وسط زعماء الأحزاب لدعوة الحكومة الاسبانية إلى الانسحاب من شمال المغرب والتخلي عن مشروعها الإمبريالي.