لسنوات عمل الرؤساء الفرنسيون المتعاقبون على قصر الإليزيه، على توفر الدعم لقادة بلدان شمال إفريقيا عندما يواجهون مشاكل داخلية. الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون لم يكن استثناء بخصوص هذه السياسة التي امتدت لسنوات.
وقال خلال ندوة صحافية عقدها يوم أمس بالعاصمة الرباط في تعليق منه على الاحتجاجات التي تشهدها منطقة الريف منذ ما يقارب السبعة أشهر "إن قضية احتجاجات الحسيمة تبقى شأنا داخليا ولا يمكنني إعطاء موقف بخصوصه" وتابع أن الملك قلق بشأن "وضعية هذه الجهة التي يحبها".
وأكد ماكرون "أن الملك محمد السادس يعتبر أن احتجاجات الريف أمر طبيعي وهذا أمر يضمنه الدستور".
وقال ماكرون إن الملك محمد السادس عبر له عن رغبته في تهدئة الوضع من خلال الاستجابة لمطالب المحتجين وإيلاء اهتمام لهذه المنطقة، وأوضح أنه لم يستشعر أي خوف بوجود إرادة للقمع، وإنما إرادة للاستجابة مع الوقت للأسباب العميقة للاحتجاجات.
شراك مع بنعلي وهولند مع بوتفليقة
ولم يكن غريبا عدم استجابة الرئيس الفرنسي للرسالة المفتوحة التي وجهتها له العديد من الجمعيات والشخصيات الفرنسية، والتي تتحدث عن ما أسمته "القمع الذي يعاني منه نشطاء الحراك السلمي في الريف".
ففي العلاقات الفرنسية مع دول شمال إفريقيا، السياسة الواقعية دائما هي التي تسود، ويتم تغليبها على باقي الاعتبارات كحقوق الإنسان، وماكرون لم يكن استثناء لهذه القاعدة.
فخلال العهدة الثانية للرئيس جاك شيراك وأثناء زيارته لتونس سنة 2003 قال في مؤتمر صحافي "أول حق من حقوق الإنسان هو الأكل، وتوفير التعليم والحصول على سكن، ومن وجهة النظر هذه علينا أن ندرك أن تونس متقدمة بفارق كبير مقارنة بالعديد من البلدان". هذا التصريح شكل آنذاك صدمة للمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان وللسياسيين اليساريين في فرنسا.
وبعد إثنى عشر سنة من ذلك، وأثناء زيارة الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولند إلى الجزائر، وجد نفسه مجبرا على الإجابة عن سؤال وجه له حول الوضع الصحي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وقال "ما يمكنني قوله أن الرئيس وبعد أن التقيته ساعتين كاملتين اليوم، أنه حافظ على كامل قواه العقلية وقدرة تحليل الوضع السياسي والدولي، فأعلم أنه لا يقدر على التنقل منذ فترة لكنه حافظ على كامل قواه العقلية هذا أكيد".
ومن المستبعد أن يقدم الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون جوابا مختلفا إذا طرح عليه نفس السؤال أثناء زيارته المقبلة للجزائر.