وثيقة وكالة المخابرات المرركزية الأمركية "CIA" الموقعة من قبل مديرها وليام كولبي إيغان، تلقي المزيد من الضوء على بعض صفحات التاريخ المغربي. فالوثيقة التي نشرها موقع "غاسيطا" والمرسلة إلى هينري كيسينجر وزير الخارجية (1976 - 1977) في عهد الرئيس الأمريكي جيرالد فورد (1974 - 1977)، تتحدث عن الوضع في الصحراء قبل أسبوعين فقط من إعلان الملك الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء.
ومن خلال ما جاء في الوثيقة يتضح أن الحسن الثاني أخفى عن حلفائه الأمريكيين أمر تخطيطه لتنظيم مسيرة سلمية نحو الصحراء. فهل كان ذلك بمثابة إجراء وقائي من قبل الملك الراحل، خصوصا أن ذلك تلا الانقلاب الفاشل الذي قاده الجنرال أوفقير؟
عدم استرجاع الصحراء سيؤدي إلى سقوط الحكومة
في تحليله للوضع ركز مدير وكالة "CIA" وليام كولبي إيغان على النزاعات والصدامات التي قد تحدث نتيجة تضارب المصالح بين المغرب وإسبانيا من جهة، وبين المغرب والجزائر من جهة ثانية.
وحذر كولبي من أن "الوجود العسكري الإسباني في الصحراء يمكن أن يتسبب في نزاع عسكري"، وهو النزاع الذي من المرجح أن يؤدي إلى "سقوط الحكومة في الرباط" في حال فشل المغرب في استرداد الصحراء.
وذكر كولبي أن الملك الحسن الثاني "أعلن في شهر غشت (1975) عن نيته السيطرة على الصحراء الإسبانية قبل نهاية العام، بالقوة إذا لزم الأمر"، ومع ذلك أشار كولبي إلى أن الملك من المحتمل أن يؤجل قراره حتى صدور الحكم من محكمة العدل الدولية بشأن قضية مطالب موريتانيا والمغرب في الصحراء.
المدير السابق للمخابرات (4 شتنبر 1973 حتى 30 يناير 1976) توقع أن تتأثر إسبانيا في حال فقدانها السيطرة على الصحراء، وأشار إلى إمكانية اندلاع "أزمة سياسية" في البلاد.
وقال كوبلي في تشخيصه للوضع في الصحراء، بحسب ما ورد في الوثيقة أن الملك الحسن الثاني قد يغير رأيه من مسألة الدخول في حرب مع إسبانيا، وقد يعول على "وساطة دولية مواتية". وتشير الوثيقة إلى نشر المغرب ابتداء من منتصف 1974 أكثر من 55 ألف جندي في المنطقة على الرغم من أن البلاد تعاني من "مشكلات خطيرة" بما فيها "الروح المعنوية المنخفضة" للقوات المغربية.
موقف الولايات المتحدة ودور الجزائر
تشير الوثيقة إلى أنه في حال نشوب نزاع مسلح بين المغرب وإسبانيا فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، ويشرح كولبي أن "اتفاقيات الدفاع والتعاون" (9 غشت 1970)، تؤكد على دعم أمريكا دبلوماسيا لإسبانيا، وهو ما سيكون "مخالفا للضمانات المبدئية" التي قدمتها واشنطن بخصوص مطالب المغرب في الصحراء.
وحذر مدير وكالة المخابرات المركزية السابق، إدارة الرئيس فورد من نقض التزاماتها تجاه الحسن الثاني، منبها إلى إمكانية تدهور العلاقات بين الحليفين.
كما تشير الوثيقة إلى دور الجزائر في قضية الصحراء، مشيرة إلى أنها من الممكن أن توفر الرجال والمعدات لجبهة البوليساريو.
ومع مرور السنوات اتضح أن توقعات كولبي بخصوص وقوع حرب بين المغرب وإسبانيا كانت خاطئة، غير أنها كانت صائبة فيما يخص دعم الجزائر لجبهة البوليساريو وهو الدعم الذي لا يزال مستمرا إلى اليوم.