وسبق لعيوش أن رفع توصيات للملك، باسم جمعية زاكورة للتربية التي يرأسها، وأوصى فيها بتديرج التعليم الأولي، مما أثار حفيظة العروي، وجعله يخرج إلى العلن بعد غياب طويل.
في بداية البرنامج تحدث عبد الله العروي، عن انشغاله بالموضوع، وتساءل قائلا إنه اذا تم وضع الدارجة كلغة وطنية، فبأي حرف ستكتب، ففي حال اعتماد الحرف العربي في تدوينها، فلا فائدة منها، وإن تم تدوينها بالحرف اللاتيني فسنكون آنذاك قد ابتعدنا عن موروثنا الثقافي.
فيما قال عيوش إنه انطلاقا من تجربته في الميدان التي تقارب 20 سنة، فإنه يرى أن اعتماد الدارجة في التعليم الأولي، سيسهم في تطوير مستوى التعليم، لأن الكثير من المغاربة لايفهمون العربية، ويتحدثون لهجات مختلفة.
وذكر عيوش أن التوصيات التي جاءت بها مؤسسة زاكورة التي يرأسها، لم يملها أحد، وأن ما أثار النقاش حولها هو، حضور الهمة وعزيمان للندوة. مؤكدا أن القصر لم يتدخل.
فيما تساءل العروي عن القيمة المضافة للتوصيات، وقال إنها نافلة، خصوصا وأن استعمال الدارجة يتم في المراحل الأولية للتعليم. وأورد مثالا قال فيه إن المربية تتكلم بالدارجة...
وفي رده قال عيوش إن التواصل شيئ، واستعمال الدارجة في التعليم شيئ آخر، مؤكدا أن المدرسة تستقبل التلاميذ في السنوات الأولى بلغة لا يعرفونها، مضيفا أن استعمال الدارجة في التعليم يساعد على النجاح. ويقلل من الهدر المدرسي وأوضح أن 6 في المائة من التلاميذ فقط هم من ينهون الدراسة الجامعية....
بالمقابل تساءل العروي عن نوعية المجتمعين في الندوة التي استضافتها مؤسسة زاكورة للتربية، وعن مدى احترام تمثيل عدد من التخصصات التي يراها ضرورية...وعاد العروي ليؤكد أن المقترح زائد ولاحاجة للمغرب به، مبرزا أهمية الاعتناء بالتعليم الأولي، خصوصا من 3 إلى 6 سنوات، وعلى المدرس حسب العروي، أن يتدرج في استعمال اللغة بحسب الفئات العمرية...
مؤكدا أن اللغة العامية، محدودة المفاهيم، فالدارجة من الممكن أن تستعمل في توصيل المعنى، ولكن التعليم يجب أن يبدأ بالعربية الكتابية مع شرط التبسيط، فيما يخص النحو والإملاء...
فيما قال عيوش إن التنوع في اللهجات أمر جميل، وأنهم في مؤسسة زاكورة يعدون قاموسا خاصا بالدارجة، بحروف عربية، مضيفا أنهم سيضعون قواعد لها مستقبلا. وهذا الأمر بحسبه لن يضعف اللغة العربية الفصحى بل سيقويها، فنحن –الكلام لعيوش- لانريد القضاء على اللغة العربية، وندافع عن اللغات الأمازيغية بل ونريد ترسيمها.
ورأى العروي في قضية تدوين العامية، تقويضا للوحدة الوطنية، خصوصا وأن المغرب يحتوي على لهجات متعددة، وفي حال طبقت توصيات عيوش، فإننا بحسب العروي سنعاني من خطر التقوقع على الذات، واستدل في كلامه، بلغة مالطا التي دونت بعد استرجاعها من قبل المسيحين، وتم الاعتماد في ذلك على الدارجة العربية التي كان سكان تلك المنطقة يتحدثونها، مما جعلها تفقد أهميتها، وضرب مثالا آخر باللغة السواحلية المنتشرة في عدد من الدول الإفريقية، والتي لم تلاقي إشعاعا دوليا رغم توفرها على عدد من المبدعين...
وأضاف أنه في حالة تدوين الدارجة فإننا سنجمدها، وبعد سنوات سنعاني من نفس الأمر مع الدارجة المكتوبة، والأخرى المتطورة، وهذا الأمر هو الذي وقع للأتراك، فأغلبهم لم يعد يفهم خطب مصطفى كمال أتا ترك..
وخلال المناظرة استنجد كل طرف بعدة إحصائيات تدل على وجاهة الرأي الذي يدافع عنه، وقال عيوش إن الدارجة مليئة بالإبداع الذي يكاد يكون منعدما في اللغة الفصحى، فيما رد عليه العروي بأن ذلك ليس إبداعا، وأنه لا يمكن التسلق من الشفوي الفلكلوري إلى الأدب الراقي.
وختم العروي كلامه برفضه المطلق، لاعتماد الدارجة في التعليم، ودعا وزير التربية الوطنية إلى إيلاء الاهتمام بروض الأطفال، وأضاف "أرفض أن تكون لغتنا الوطنية هي الدارجة لأن هذا سيفصلنا عن محيطنا وعن ثقافتنا، أنا غير مستعد لأن أفرط في لغة يتكلمها 300 مليون شخص، وستكون في يوم من الأيام في مستوى اللغات الأخرى".