القائمة

أرشيف

تاريخ: عندما تضايق الملك محمد السادس من مناداة القذافي له بـ"يا بني"

مع بداية الألفية الثالثة، بدأت تظهر مؤشرات على وجود تقارب ليبي مغربي، وفي سنة 2001 توجه الملك محمد السادس إلى ليبيا. التقى آنذاك بالزعيم الليبي معمر القذافي، غير أن هذا الأخير كان فظ الكلام، وهو ما تضايق منه العاهل المغربي الذي لم يكن قد مضى على حكمه للمغرب سوى أقل من سنتين.

نشر
القذافي إلى جانب الملك محمد السادس
مدة القراءة: 4'

لم تكن العلاقات المغربية الليبية، على ما يرام إبان فترة حكم الملك الحسن الثاني، والعقيد القذافي، ووصل الأمر إلى حد القطيعة، بسبب دعم الزعيم الليبي لجبهة البوليساريو، وبعد رحيل الملك الحسن الثاني، وتولي الملك محمد السادس العرش بقيت العلاقات باردة.

ورغم محاولات المغرب تجاوز الخلافات، وتطبيع العلاقات بين البلدين، مع مطلع الألفية الثالثة، إلا أن تصرفات الزعيم الليبي معمر القذافي، كانت تحول دون ذلك. 

كلام القذافي يضايق محمد السادس

في بداية شهر نونبر من سنة 2000، أعلن الوزير الأول المغربي عبد الرحمان اليوسفي، عن زيارة الملك محمد السادس لليبيا، وقالت جريدة الشرق الأوسط نقلا عن اليوسفي بأن الملك محمد السادس أبلغ مبارك عبد الله الشامخ رئيس وزراء ليبيا خلال استقباله له في الدار البيضاء، بقراره زيارته لليبيا.

وبحسب ما يحكي الكاتب السوداني طلحة جبريل في كتابه "الملك والعقيد"، فقد زار الملك محمد السادس ليبيا في شهر يناير من سنة 2001، و"شاءت الصدف أن أكون ضمن الوفد الصحافي الذي رافق العاهل المغربي في زيارته إلى ليبيا".

ويؤكد طلحة جبريل أن زيارة الملك محمد السادس إلى ليبيا اتسمت بالكثير من "الارتجال على مستوى البروتوكول، حتى حفل العشاء الذي أقامه العقيد معمر القذافي للملك تحت خيمة إسمنتية، قدمت خلاله وجبة متواضعة أعدها طهاة يوغسلاف".

وتعمد القذافي بحسب نفس المصدر مناداة الملك محمد السادس بعبارة "إبني محمد" وهو "ما أثار استياء الملك لكنه كتم غيضه. ومن بين ما جرى خلال لقاء الزعيمين، بخيمة في باب العزيزية بطرابلس، قيام القذافي بعرض "صورة تجمعه بالملك الحسن الثاني لم تكن لها في الواقع أية دلالة".

نفس الرواية أكدها وزير الخارجية الليبي السابق، عبدالرحمن شلقم في حوار مع صحيفة الحياة اللندينة، نشرته على موقعها الإلكتروني يوم 11 يوليوز من سنة 2011، حين قال إن تصرفات القذافي كانت فضة مع مجموعة من قادة الدول وقال  "كان القذافي يتعاطى مع رئيس تانزانيا كوكويتا. شكا إلي الرئيس، وعمره 61 سنة، أن القذافي يخاطبه قائلاً له:"يا ابني". كان يستخدم الأسلوب نفسه في مخاطبة العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي كان أيضاً يتضايق. الشيء نفسه بالنسبة إلى الملك عبدالله الثاني والرئيس بشار الأسد. تصور أن القذافي يقول:"يا ابني يا أوباما". الحقيقة أن هذه الصيغة من القذافي كانت مقصودة لممارسة نوع من الفوقية وتأكيد أنه الطرف الأكثر أهمية أو خبرة".

القذافي وعبد الرحمان اليوسفي

وأمضى القذافي مدة اللقاء في "أحاديث عامة، بل أمضى الكثير من الوقت وهو يتحدث عن تجمع دول الساحل والصحراء، الذي اخترع له اسما كاريكاتوريا هو "سين صاد"".

آنذاك طالب القذافي بحسب ما جاء في كتاب "الملك والعقيد" من الملك محمد السادس المشاركة في القمة التي ستعقدها هذه المجموعة، في العاصمة السودانية الخرطوم، لكن الملك لم يلبي طلب القذافي وأرسل مكانه الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي وهو ما لم يعجب الزعيم الليبي.

وعندما التقى القذافي باليوسفي أخبره "بأنه غير راض من عدم مشاركة الملك محمد السادس في قمة "سين صاد" على الرغم من أنه وعده بالمشاركة".

وفي قمة دول الساحل والصحراء التي عقدت في العاصمة الليبية طرابلس سنة 2002، حدثت "مخاشنة لفظية" بين القذافي واليوسفي بشأن نزاع الصحراء، وتعمد يومها القذافي بأن يخاطب اليوسفي باسم "عبد الرحيم" رغم أن أحد مساعديه نبهه إلى أن اسمه هو "عبد الرحمان"، لكنه "استمر في مناداته باسم "عبد الرحيم" وكانت تلك إحدى طرقه في الاستفزاز".

ويؤكد طلحة جبريل أن العلاقة، بين القذافي والملك محمد السادس، ظلت "تحيط بها الكثير من الشكوك المتبادلة. ورغم الزيارة الملكية، لم يترك القذافي المغرب وشأنه، إذ كان بين الفينة والأخرى يمد يده إلى جبهة البوليساريو، ويقدم لها المساعدات.

ففي سنة 2009 وجه دعوة إلى محمد عبد العزيز زعيم جبهة البولياسريو لحضور احتفالات "ثورة الفاتح من شتنبر"، وهو ما أثار غضب الملك محمد السادس، الذي طلب من "وفد مغربي يقوده الوزير الأول المغربي وقتها عباس الفاسي، بالانسحاب من الاحتفالات ومغادرة ليبيا".

كما طلب بحسب كتاب طلحة جبريل من "وحدات عسكرية مغربية كانت ستشارك في استعراضات عسكرية بالانسحاب والعودة أدراجها".

آنذاك أصدرت اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي للجماهيرية الليبية، بيانا فسرت فيه ملابسات استقبال محمد عبد العزيز وقالت إنه "لا وجود لأية أبعاد سياسية في هذا الخصوص، وهي تعبر عن حرصها الشديد، على استمرار وتدعيم وترسيخ العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات".

بعد ذلك سيكف القذافي عن استفزاز المغرب، بسبب انشغاله بتصفية الملفات الثقيلة التي تورط فيها، مثل قضية لوكيربي، وقضية أسلحة الدمار الشامل، وتطبيع العلاقات مع واشنطن، وكذا بسبب الانشغال بحلمه في أن يصير، زعيما ذا شأن في إفريقيا، وهو ما جعله يطلق على نفسه لقب "ملك ملوك إفريقيا"، ويطالب الجميع بمناداته بهذا اللقب.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال