وقال الأمير إن اعتقال أنوزلا كان عقابا له على تناوله لعدد من الموضوعات التي أثارت ضجة في المغرب وجارجه، مثل قضية العفو الملكي عن مغتصب الأطفال "دانيال كالفن"، وكذا قضية فضح تراخيص مقالع الرمال...
وأضاف أن هذا الاعتقال يشكل "مظهرا من مظاهر العبث والعشوائية في اتخاذ القرارات، إضافة إلى كونه يكشف بالملموس عن ممارسة مخزنية متأصلة معروفة تستوقفنا جميعا بدلالاتها المتعددة. فليس هذه أول مرة يهوي فيها سيف ديموقليس على رأس صحفيين مستقلين أو فنانين أو مناضلين. وإذا كنا لا نعدم في التاريخ المغربي المعاصر نماذج من هذه الممارسات، كما هو الحال مع انتهاكات حرية الصحافة في فترة "التناوب الديمقراطي" في أواخر التسعينات، فإن التاريخ الحالي يزخر بنماذج أكثر دلالة".
وكتب الأمير مولاي هشام أن هناك الكثير من أوجه الشبه والتقابل بين ما وقع في فترة "التناوب الديمقراطي" وما يقع في قضية علي أنوزلا، وتطرق إلى المنع الذي تعرضت له أسبوعيات لوجورنال والصحيفة ودومان، بعد نشرها وثيقة تكشف عن مشاركة زعماء من الحركة الوطنية في الانقلابات العسكرية بالمغرب. مضيفا "وإذا تمعنا جيدا في الأمر، تبين لنا أن هذا المنع شكل نقطة تحول في الموقف من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث ساهم في نزع المصداقية عن الحزب الذي كان من المفروض أن يحقق الانفتاح الديمقراطي للملكية".
وجاء أيضا في مقال الأمير "وها هو حزب العدالة والتنمية يقوم اليوم بممارسة الرقابة، بينما عانى هو نفسه ظلما من المضايقات ومحاولات التركيع غداة اعتداءات 16 ماي 2003. فبمجرد وصوله إلى الحكومة، أصبح يتصرف وفق معايير أولئك الذين شوهوا صورته، مكررا تجربة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. في تلك الفترة، باركت النخب السياسية المشاركة في "اللعبة السياسية" ما وقع، واليوم يتكرر نفس السيناريو مع حزب العدالة والتنمية...يقودنا هذا كله إلى الملاحظة المؤسفة الآتية: النخب السياسية المغربية لم تحاول قط فرض الإصلاحات على الملكية، واكتفت بما تكرمت به عليها هذه الأخيرة من منح. وظلت كل الإصلاحات بعيدة كل البعد عن دمقرطة الحياة السياسية. أما الديمقراطيون الحقيقيون ضمن تلك النخبة المدجنة الذين تجرأوا على المطالبة بالديمقراطية، فقد كان مصيرهم الترهيب أو السجن أو المنفى".
وحذر الأمير من أن المغرب ليس بمأمن من الآثار الناتجة عن الانتفاضات الشعبية التي عرفتها العديد من البلدان العربية سنة 2011. رغم التنازلات التي قدمها النظام في فترة أولى، لامتصاص الغضب الشعبي ونيل رضى الشركاء الغربيين... ولكنه أحس بالانتعاش واسترد قوته، بمجرد هدوء العاصفة...".
وختم مقاله بالقول "وفي بلد كالمغرب يتميز بعرض إعلامي وصحفي ضعيف جدا رغم كثرة الصحف والأسماء، وحيث الممارسة المستقلة والاحترافية عملة نادرة، يشكل الصوت الحر والتحقيقات غير المهادنة مصدرا للقوة والضرر البليغ، وهو ما يسعى المخزن إلى التحكم فيه إن لم نقل القضاء عليه نهائيا مهما كلفة ذلك من ثمن.
يجب ألا تمر محنة علي أنوزلا مر الكرام دون أن نستفيد منها الكثير، فخلف حرية الصحافة توضع كرامة المواطنين المغاربة في المحك، بل وسمعة بلد برمته".