بحكم الجوار المباشر صار المغرب والجزائر أكثر بلدان المغرب الكبير تأثيرا وتأثرا بما نتج عن الاستعمار الفرنسي، منذ أن وطأت أقدام الغزاة أرض الجزائر سنة 1830م إلى وقتنا الحاضر، بحيث أحدث الاحتلال الفرنسي هزة عنيفة في المغرب، فقد أحس المغاربة بالخطر الداهم، وأيقظ الشعور الاسلامي ووحدة المصير لدى الشعوب المغاربية، فهبوا لمساندة المقاومة والكفاح الجزائري ضد المستعمر، وهكذا فقد تلقت حركة الأمير عبد القادر أشكالا من الدعم من طرف السلطان المغربي مولاي عبد الرحمان، يقول علال الفاسي:. ".. وما حاولت فرنسا إحتلال الجزائر، حتى تقدم المغرب بالاحتجاج وتنشيط المقاوم".
كما يذكر الناصري في كتابه الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى ".... وكان السلطان المولى عبد الرحمان يومئذ بمراكش، فاتصل به خبر الجزائر في أوائل صفر، فنهض إلى مكناسة في التاريخ المذكور، فلم وقع بأهل الجزائر ما وقع إجتمع أهل تلمسان وتفاوضوا في شأنهم واتفقوا على أن يدخلوا في بيعة السلطان المولى عبد الرحمان رحمه الله، فجاؤوا إلى عامله بوجدة، فعرضوا القائد أبي العلاء ادرسي بن حمان الجواري وعرضوا عليه أن يتوسط لهم عن السلطان في قبول بيعتهم والنظر لهم بما يصلح شأنهم ويحفظ من العدو جانبهم... " ، نسجل في هذا رغبة أهالي تلمسان كأول بادرة للمقاومة المتحدة بين الشعبين المغربي والجزائري التي كانت بمثابة انطلاقة لهذا التعاون بين الشعبين وإنذارا للفرنسيين بمواجهة متحدة.
ونتيجة لهذا التعاون وهذه المقاومة المشتركة بين البلدين والرفض المطلق للفرنسيين، وقعت معركة ايسلي سنة 1844م هذه المعركة التي شكلت ضربة موجعة للمغرب الأقصى والأوسط، فقد عبرت عن انهزام لواقعهم وضرب لتكافلهم، وهو ما أكده الجنرال بيجو الذي تولى الحكم في الجزائر في 29 ديسمبر 1840 إلى 29 يونيو 184 بقوله "إن مستقبل الجزائر يتوقف على هذه المعركة، فإن خسرنا سوف نضطر للعودة من حيث اتينا"، مما يؤكد انه كان لهده المعركة الأثر الكبير في تاريخ البلدين المغربي والجزائر.
لقد ساد الفعل التضامني على نطاق واسع رغم النزاعات التي كان يشعل فتيلها منظروا الاستعمار الفرنسي، وقد تجدد التضامن بين المغرب والجزائر في منتصف القرن العشرين في إطار الحركات الوطنية المغاربية من أجل التخلص من عهد الحجر والاستعباد، والتعاهد على الإتحاد من أجل تدارك ما فات وكسب رهان التحديات التي فرضها الواقع الدولي، غير أن ذلك ظل إلى يومنا هذا مجرد أمال تراود النفوس.
لقد كان المغرب من دول المغرب الكبير التي وصلها صدى ثورة أول نونبر الجزائرية التي اندلعت عام 1954م، لعدة اعتبارات تاريخية أولها قرب المسافة بينها وبين الجزائر، إلى جانب التاريخ المشترك من لغة ودين وكذلك العادات والتقاليد الواحدة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، وبالتالي أثر اندلاع الثورة الجزائرية في عمق المجتمع المغربي الذي راح حكومة وشعبا يتضامن معها ومع الشعب الجزائري، وقد قال الباحث بوعزة بوضرساية، في كتابه "المغرب الأقصى والثورة الجزائرية" إن ممثل المغرب لدى هيئة الأمم المتحدة عام 1955، أحمد بلا فريج ألح بقوة على وضع حد وبسرعة للمجازر المرتكبة في حق الشعب الجزائري، والكف فورا عن إراقة دماء هذا الشعب الذي حرمته فرنسا من أبسط حقوقه، كما أكد موقف المغرب حكومة وشعبا الرافض للطرح الاستعماري القائل أن الجزائر جزء لا يتجزأ من التراب الفرنسي، معتبرا ذلك ضربا من الخيال لا يسعها إلا أن تنهار أمام حقيقة القضية الجزائرية وثورة الشعب الجزائري.
كما بادر الطلبة المغاربة إلى احتضان الثورة الجزائرية من خلال تقديم الدعم الضروري لها لرفع الغبن الذي يعاني منه الشعب الجزائري، وتجلى موقفهم البطولي في دعوة إتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين كلا من الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الداعي لانعقاد المؤتمر، والاتحاد العام للطلبة التونسيين، وقد وجه المؤتمرون مطالب أساسية لكل من الحكومتين المغربية والتونسية تدعو إلى دعم الثورة الجزائرية، ومطالبتها ببذل الجهود لإيجاد مخرج مشترك لأزمة المغرب العربي في إطار مواجهة فرنسا لكونها العدو المشترك لسكان المغرب العربي.
وقد أكد الباحث عكاشة برحاب، صاحب كتاب "التضامن والتنافر في الاسطوغرافية المغاربية حالة المغرب والجزائر"أن موقف المغرب كان منسجما مع الآمال المعقودة على الحركات الوطنية المغاربية، وكان في مستوى التطلعات التي كانت تعقدها عليه فئات واسعة من أبناء الجزائر المحتلة، وهو ما تعكسه المواقف والممارسات الرسمية والشعبية على حد سواء تجاه المقاومة الجزائرية.