نشر أربعة باحثين من قسم العلوم الهندسية، في جامعة أكسفورد، دراسة حول احتمالية حدوث "لعنة الموارد" في المغرب نتيجة لتطورات الطاقة المتجددة في المملكة، وأشاروا إلى كيفية منع المخاطر ذات الصلة أو التخفيف منها من خلال السياسات.
ولعنة الموارد هي حالة متناقضة حيث تنمو دولة غنية الموارد بشكل أبطأ من نظيراتها الفقيرة، كما هو حال نيجيريا، وأنغولا حيث أثرت وفرة النفط سلبًا على نسب النمو وتسببت في تزايد الفساد.
وبحسب الدراسة التي نشرت تحت عنوان "الطاقة المتجددة في المغرب: تقييم مخاطر لعنة الموارد"، فإنه "يُنظر إلى الانتقال إلى الطاقة المتجددة على أنه وسيلة للحد من أعراض لعنة الموارد الموجودة في البلدان التي تعد بالفعل منتجة كبيرة للنفط والغاز"، ومع ذلك، فإنه "يمكن أن يولد خطر لعنة الموارد الخاصة به في البلدان التي تتجه نحو الطاقة المتجددة".
وأكدت الدراسة أن "خطر لعنة الموارد القائمة على الطاقة المتجددة مرتفع بشكل خاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل". حيث "تميل موارد الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية إلى أن تكون أكثر وفرة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، مما يخلق فرصة كبيرة لتطوير الطاقة المتجددة للتصدير في تجارة الكهرباء الإقليمية الشائعة الآن. وبينما يسعى المجتمع العالمي إلى تقليل الأضرار المناخية، من المرجح بشكل متزايد أن تستورد البلدان ذات الدخل المرتفع المزدحمة والمتعطشة للطاقة الطاقة المتجددة من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من أجل تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بتكلفة منخفضة".
ومن الممكن حسب الدراسة أن تؤدي تجارة الطاقة المتجددة العابرة للحدود الوطنية إلى خلق تنمية اقتصادية؛ على سبيل المثال، خلقت الطاقة المتجددة ما يقدر بنحو 28000 فرصة عمل في شمال أفريقيا في عام 2019، ومع ذلك، فإن هذه الفرصة مصحوبة أيضًا بمخاطر، والتي تتفاقم بسبب ميل البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى خلق مؤسسات ضعيفة يمكن أن تسبب لعنة الموارد أو تؤدي إلى تفاقمها.
"المغرب معرض أيضًا للعديد من أعراض لعنة الموارد. على سبيل المثال، لبناء البنية التحتية للطاقة المتجددة، قد يحصل المغرب على قروض من منظمات دولية مثل الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبنك الاستثمار الأوروبي، كما فعل سابقًا، مما يخاطر بالتبعية الاقتصادية".
وبالمثل، يعتمد المغرب حاليا على التكنولوجيا الخارجية للألواح الشمسية وتوربينات الرياح، فضلا عن المهندسين الخارجيين لتثبيت وصيانة هذه الأصول. ويتجلى هذا الاعتماد بالفعل في التعاقد مع شركة من دولة الإمارات العربية المتحدة لصيانة محطة نور 1 للطاقة الشمسية المركزة وشركات إسبانية مختلفة لهندسة المشروع والمشتريات والبناء. وفي حين أن توافر الأراضي لا يشكل عائقا قويا في المغرب، فإن تطورات الطاقة المتجددة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الضغط الحالي على موارد المياه. علما أن ندرة المياه خلقت منذ فترة طويلة تحديات تنموية وبيئية، وتتطلب مشاريع الطاقة المتجددة كميات كبيرة من المياه للتبريد.
وحسب الدراسة يمكن أن تنشأ التوترات حول تحويل المياه من الزراعة، خاصة وأن الزراعة توظف حوالي 33٪ من القوى العاملة في المغرب وتشكل حصة كبيرة من الإمدادات الغذائية المحلية والصادرات.
كما أن إنشاء البنية التحتية للطاقة المتجددة في الصحراء حسب الدراسة يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات في هذه المنطقة المتنازع عليها. يمكن أن يؤدي استخراج الطاقة المتجددة إلى صراعات قانونية وسياسية مماثلة لتلك المتعلقة باستغلال موارد الأسماك أو الفوسفاط في المنطقة.
كما أن الأضرار يمكن أن تلحق بالنباتات والحيوانات والمناظر الطبيعية المحلية، من خطوط النقل ومزارع الطاقة المتجددة؛ ويمكن أن يؤدي انخفاض رأس المال الطبيعي إلى الإضرار بالصناعات الأخرى مثل السياحة البيئية والزراعة.
ويمكن لتحويل الاستثمارات بعيداً عن رأس المال البشري أن يساهم في إهمال الاستثمار في البرامج الاجتماعية إذا تم الحصول على إيرادات الطاقة المتجددة. كما يمكن أن يصبح تحويل مسار الأراضي بالطاقة المتجددة أكثر ربحية من الزراعة، ليصبح "محصولًا نقديًا" جديدًا ويقلل من إنتاجية الغذاء والأمن الغذائي.
ومن المحتمل أن يدفع تحويل المواهب من قطاعات أخرى إلى استنزاف هذه القطاعات، وهو ما أطلقت عليه الدراسة "هجرة الأدمغة" الداخلية في المغرب.
وحذرت الدراسة أيضا من "هيمنة الأجانب على الوظائف ذات الدخل المرتفع/الوظائف التي تتطلب مهارات إذا لم يتوفر التدريب المناسب لجميع جوانب إنتاج الطاقة المتجددة في البلد، فقد يهيمن الأجانب على أفضل الوظائف (مثل الإدارة والأدوار الفنية)".
كما حذرت من عدم المساواة في الدخل وأشارت إلى أنه قد يجني أولئك الذين يمتلكون موارد/أصول الطاقة المتجددة فوائد كبيرة دون حدوث تغييرات مقابلة في أجور العمال، مما يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في الدخل في المغرب.
وتحدثت الدراسة أيضا عن "الاستيلاء على الأراضي غالباً ما يتم بناء مشاريع الطاقة المتجددة في المناطق القروية الفقيرة حيث تكون الأراضي وفيرة/رخيصة الثمن. قد يكون سكان الريف المغاربة عرضة لاتفاقيات غير عادلة".
ومن الأضرار المحتملة أيضا "فقدان القدرة التنافسية لقطاعات التصدير الأخرى يمكن أن يؤدي تصدير الطاقة المتجددة إلى اختلال التوازن التجاري وارتفاع قيمة العملة، مما يؤدي إلى معاناة الصناعات المحلية الأخرى". وأيضا "الحد من التنوع الاقتصادي يمكن التركيز على الطاقة المتجددة على حساب القطاعات الأخرى. ومع ذلك، يمكن أيضًا استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل قطاعات أخرى".
كما أن "ارتفاع إيرادات الطاقة المتجددة يمكن أن يجعل الحكومة أقل عرضة للمساءلة أمام إرادة شعبها ويشجع الفساد".
وأوصى واضعو الدراسة بـ"التفاوض بعناية على اتفاقيات التمويل المشترك القوية لحماية نمو المغرب على المدى الطويل واستقلاله السياسي"، و"تطوير قدرات الابتكار للطاقة المتجددة"، و"مواصلة وتعزيز وتحفيز وإنفاذ تقييم الأثر البيئي لتطورات الطاقة المتجددة".