بدأت قصة غزوة بدر الكبرى بوصول أنباء عن قافلة تجارية كبيرة لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب، قادمة من الشام باتجاه قريش، محملة ببضائع كثيرة، ويحرسها حوالي 40 شخصا، إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قرر اعتراضها، ردا على قريش التي صادرت أموال المسلمين في مكة.
وجاء في كتاب "جوامع السيرة"، لعلي بن حزم الأندلسي "وقد كانت هذه العير قافلةً تجاريةً كبيرةً قادمةً من الشام تحمل أموالاً عظيمةً لقريش، وكان يقودها أبو سفيان، ويقوم على حراستها بين ثلاثين وأربعين رجلاً".
وعلم أبو سفيان بخبر خروج المسلمين لاعتراضه، فراسل قادة قريش، الذين وجدوا في الحادثة فرصة للقضاء على المسلمين، وفرض هيبة قريش على باقي القبائل العربية في المنطقة.
وجاء في كتاب "السيرة النّبويّة" دروس وعبر لمصطفى السباعي، "سمع أهل مكّة بما جاء به رسول أبي سفيان، وسرعان ما تجهّزوا، وخرجوا إليه في ما يُقارب الأَلْف مقاتل، منهم ستمئة يلبسون الدروع، أمّا البعير والخيل فكان معهم منها سبعمئة بعير، ومئة فرس، بالإضافة إلى القِيان معهم يُغنِّين بذَمّ المسلمين".
فيما كان عدد المسلمين الذين خرجوا لاعتراض القافلة 314، وغيرت القافلة مسارها وابتعدت عن جيش المسلمين، ويشير كتاب "الرحيق المختوم" لصفي الرحمن المباركفوري، أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم علم بخبر تغيير القافلة مسارَها، وأنّ جيش قريش خرج وواصل مسيره بالرغم من نجاة قافلتهم، "ورأى أنّ الرجوع يَدعم المكانة العسكريّة لقريش في المنطقة، ويُضعِف كلمة المسلمين، وليس هناك ما يَمنع المشركين من مواصلة مسيرهم إلى المدينة وغَزو المسلمين فيها، فسارع إلى عقد مجلس عسكريّ طارئ مع أصحابه".
وبين لهم خطورة الموقف، إذ "إنّهم مُقدِمون على أمر لم يستعدّوا له كامل الاستعداد؛ حيث كانوا قد خرجوا لأمر بسيط، ولكنّهم وُضِعوا في موقفٍ صعب"، بحسب ما أورد محمد الغزالي في كتابه "فقه السيرة"، وقرر المسلمون مواجهة جيش قريش الذي يفوقهم عددا بكثير.
ووصل جيش المسلمين إلى آبار بدر على بعد 155 كيلومترا من المدينة المنورة، و310 كيلومترات من مكة المكرمة، ليسيطر على مصادر المياه، وبدوره وصل جيش قريش إلى المنطقة.
وفي اليوم السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة، التقى الجيشان، وانتهت المعركة بمقتل نحو سبعين شخصا من قريش بينهم قيادات بارزة وفي مقدمتهم أبو جهل عمرو بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة.
وأسر المسلمون نحو سبعين آخرين، افتدوا بعضهم بالمال، وبعضهم الآخر بتعليم المسلمين القراءة والكتابة، كما صدر عفو عن أسرى آخرين فقراء ليس لديهم ما يمكّنهم من افتداء أنفسهم به.
وبعد المعركة، فرض المسلمون أنفسهم كقوة في الجزيرة العربية، فيما فقدت قريش هيبتها.
وجاء في كتاب "أهل الصفة في صدر الإسلام والدولة الأموية أثرهم الفكري والجهادي لعبد العزيز خليل محمد الفياض "تعد غزوة بدر الكبرى من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي؛ لأنها المعركة الأولى التي اصطدم فيها المسلمون بقيادة رسول الله يَة من المهاجرين والأنصار مع الكفار في معركة حقيقية فاصلة، ولأنها كانت الفرقان بين الحق والباطل".