القائمة

أخبار

دياسبو #380: بلال بن عبد الكريم.. مغربي يوثق تجربة الجيل الأول لمغاربة هولندا

يشارك بلال بن عبد الكريم قصة رحلة هجرة والديه وصمودهما في هولندا، مؤكدا على أهمية توثيق قصص المهاجرين المغاربة من الجيل الأول. يسلط كتابه Van dankbaar naar strijdbaar الضوء على التحديات والفرص التي يواجهها المغاربة الهولنديون، داعيا إلى الاعتماد على الذات، والمشاركة السياسية، والتحرر الثقافي.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

يتذكر بلال بن عبد الكريم قصة والديه—قصة الصمود والهجرة—مثل العديد من المغاربة المولودين في هولندا لآباء غادروا وطنهم بحثًا عن فرص أفضل.

ينحدر والده من تطوان شمال المغرب، وكان يبلغ من العمر 18 عاما فقط عندما قرر الرحيل إلى جبل طارق برفقة شقيقه الأكبر. من هناك، بدأت رحلة هجرته، حيث عمل في ستوكهولم بالسويد، ثم في توريمولينوس بإسبانيا، قبل أن يستقر أخيرا في هولندا. خلال محاولاته للاستقرار في أوروبا وتأمين عمل، التقى بشريكة حياته.

يقول بلال، وهو مدرس لمادة المواطنة في كلية مهنية بأمستردام، وسبق له أن عمل كأخصائي اجتماعي، ليصير فيما بعد كاتبا "في السبعينيات، هاجر العديد من أبناء ذلك الجيل إلى هولندا وبلجيكا وفرنسا. ذهب والدي أولًا إلى إسبانيا، لكنها لم تكن أفضل حالًا من المغرب اقتصاديًا، لذلك جاء إلى هولندا مع والدتي."

رحلة العمل والصمود

عمل والد بلال طباخًا في هولندا. وأثناء إقامته في السويد، تعلم الطبخ في مطعم إيطالي، مما ساعده لاحقا على العمل كطباخ في مطاعم إيطالية في أوترخت، إلى أن تمكن من امتلاك مطعمه الخاص. يسلط بلال الضوء على هذه القصة في كتابه Van dankbaar naar strijdbaar، حيث يسعى إلى توثيق قصص المهاجرين من الجيل الأول في هولندا، مثل والديه.

"من المهم بالنسبة لي أن أُظهر أن الجيل الأول، الذي غالبًا ما يُختزل في أرقام ويُطلق عليهم اسم 'العمال الضيوف'، كانوا أشخاصًا من لحم ودم، لديهم أفكار عن المستقبل وطموح وتاريخ."

بلال بن عبد الكريم

وتعتبر والته ومن بين الركائز الأساسية في قصة هجرة عائلته، وهي أيضا من تطوان، التي بذلت كل ما بوسعها للحفاظ على ارتباط أبنائها بجذورهم، ووطنهم، وثقافتهم—خاصة ثقافة تطوان بتاريخها وفولكلورها.

وقال"كانت دائمًا تحكي لنا قصصًا عن الإسلام والثقافة والتاريخ المغربي."

وُلدت والدته في المدينة العتيقة بتطوان، وكانت طالبة متفوقة نشأت في كنف أجدادها. وعلى الرغم من أنها لم تلتحق بالجامعة، إلا أنها كانت ذكية ومثقفة، وساعدت أبناءها على معرفة الكثير عن ثقافتهم. وفي هولندا، تعلمت اللغة بسرعة وكوّنت العديد من الصداقات.

نقطة تحول: التساؤل حول الهوية

عاش بلال طفولة سعيدة بفضل والديه. وقال  "بالطبع، هناك من تعرض للعنصرية والتمييز، لكن بالنسبة لي، نشأت في جزء من المدينة حيث كان الجميع تقريبا مغاربة، لذلك لم أكن واعيا بهذه الأمور."

لكن نقطة التحول الكبرى في حياته جاءت بعد هجمات 11 شتنبر 2001 في نيويورك، عندما بدأ يتساءل عن سبب النظر إليه بشكل مختلف ولماذا يُنظر إلى المغاربة على أنهم "الآخر".

"كنت في السابعة عشرة من عمري آنذاك. قبل ذلك، كانت هناك نقاشات في المدرسة، وكان هناك بالفعل سياسيون وصحف يتحدثون بسلبية عن المغاربة والمسلمين، معتبرين أنهم ليسوا جزءا من الثقافة الغربية. لكن بعد 11 شتنبر، أصبح كل مسلم موضع شك. حتى المعلمون في المدرسة بدأوا يطرحون أسئلة، ليس بدافع الفضول، بل لوضعك في تصنيف معين."

بلال بن عبد الكريم

شعر بلال بالحاجة إلى إيجاد إجابات للأسئلة التي كان تطرح عليه، والدفاع عن نفسه وثقافته ودينه. ولذلك، بدأ بقراءة القرآن، بالإضافة إلى التعمق في السياسة.

بعد إنهائه الثانوية، أثّر هذا الوعي في مساره المهني، فقرر دراسة العمل الاجتماعي، وركز على مساعدة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما، خاصة في الأحياء التي تعاني من الفقر والجريمة. وبعد خمس سنوات من العمل كأخصائي اجتماعي، قرر أن يصبح معلما.

دعوة للتحرر والمشاركة

يُدرس بلال منذ عشر سنوات، ويؤهل الشباب ليصبحوا أخصائيين اجتماعيين. جاءت فكرة تأليف كتابه خلال نقاش مع طلابه، حيث لاحظ أنهم لا يعرفون الكثير عن أصولهم وتاريخهم.

وقال "سألتهم ذات يوم: ماذا تعرفون عن المغاربة الهولنديين؟ فأجابوا فقط بذكر حكيم زياش ومسلسل 'موكرو مافيا'، مما جعلني أفكر في مسؤوليتنا في سرد قصتنا بأنفسنا."

ويرى بلال أنه إذا لم يتحمل المغاربة الهولنديون مسؤولية توثيق تجربتهم في أوروبا، فسيتم نسيانها تماما. ومن هذا المنطلق، بدأ كتابه بقصة والديه، ثم توسع ليشمل موضوعات أوسع مثل السياسة.

"بدأت الكتاب بسرد شخصي حتى يتمكن القارئ من التعرف عليّ، ولكن مع مرور الصفحات، يلتقي الشخصي بالسياسي، ويصبح الكتاب أكثر عمقًا في القضايا العامة."

بلال بن عبد الكريم

يتناول الكتاب الجوانب الإيجابية والسلبية، لكنه يركز على التحرر الذاتي، وهو ما يؤكد عليه بلال بقوله "ليس كتابا للشكوى فقط. بل أقول إنه للتحرر، علينا أن نكون مكتفين ذاتيا، ونشارك في المجتمع، ونستغل الفرص المتاحة."

واختتم حديثه قائلا  "هولندا بلد رائع. وأريدها أن تبقى عظيمة، ديمقراطية، وتحترم سيادة القانون. ولهذا السبب، أعتقد أنه يجب علينا أن نكون منظمين سياسيا ونشارك في صنع القرار."

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال