في يونيو من سنة 1990، صادق مجلس الأمن الدولي بالإجماع، على مخطط التسوية، لإنهاء نزاع الصحراء المستمر منذ سنة 1975، والذي يقوم على إجراء استفتاء لتقرير المصير، بعد تحديد هوية من يحق لهم المشاركة فيه.
وفي شهر أبريل من سنة 1991، تم تشكيل البعثة الأممية لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية المعروفة اختصارا باسم المينورسو، وفي شتنبر من نفس السنه تم الإعلان عن وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو.
لكن الاستفتاء واجهته صعوبات كبيرة، فيما يتعلق بتحديد هوية المشاركين فيه، حيث أصرت البوليساريو على السماح فقط لأولئك الذين المدرجين في قوائم التعداد الإسباني لعام 1974 بالتصويت، في حين قال المغرب إن ن التعداد كان معيبا وأن عددا من الصحراويين فروا من الاحتلال الإسباني إلى شمال المغرب، ويجب أن يشملهم التصويت.
ولم تنجح الجهود الأممية للتوصل إلى توافق بين الجانبين، وبحلول سنة 1999، حددت الأمم المتحدة حوالي 85.000 ناخب، أغلبهم غرب الجدار الرملي، ومع بداية الألفية الثالثة وصلت العملية إلى طريق مسدود، وطلب الأمين العام للأمم المتحدة من الأطراف للمرة الأولى البحث عن حلول أخرى.
وبدأت قرارات مجلس الأمن حول النزاع، تشير بدل مخطط التسوية، إلى البحث عن حل عادل ودائم متوافق عليه بين أطراف النزاع.
وفي سنة 2007، قدم المغرب مقترحا جديدا لإنهاء النزاع، يتمثل في الحكم الذاتي، تحتفظ فيه الدولة المغربية بالصلاحيات السيادية الرئيسية، بينما تتمتع جهة الصحراء بصلاحيات واسعة تسمح للمواطنين المغاربة الصحراويين بتدبير شؤونهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأشاد المنتظم الدولي بمصداقية هذه المبادرة في عدة مناسبات، وتم اعتبارها مبادرة جدية وموثوقة وواقعية.
وأعلنت كل من الجزائر وجبهة البوليساريو، رفضهما للمقترح المغربي، وأشارا إلى تشبثهما بمخطط التسوية، الذي أعلنت الأمم المتحدة أنه غير قابل للتطبيق.
وأمام هذا الوضع، وتعذر تحقيق تقدم في الملف، أعلن المبعوث الأممي للصحراء بيتر فان فالسوم سنة 2008، أنه توصل إلى خلاصة مفادها، أن خيار الاستقلال الذي تطالب به البوليساريو "غير واقعي"، وأن قيام دولة سادسة في المغرب العربي غير ممكن.
الجزائر طرف رئيسي
وقال في مذكرته أمام مجلس الأمن الدولي في شهر أبريل من سنة 2008 "إن استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا"، داعيا "الدول الخمس عشرة، أعضاء المجلس، إلي التوصية بمواصلة المفاوضات، مع الأخذ بالاعتبار الواقع السياسي والشرعية الدولية" وأن "الذي يهم هو التوصل إلى توافق بين هذين المبدأين".
وأضاف "لقد أحسَـست بالحاجة إلي إعادة التأكيد علي هذه الخلاصة، المتمثلة في أن استقلال الصحراء الغربية ليس هدفا قابلا للتحقيق، لأنه يبدو أن هذه الخلاصة قد تم حجبها خلال مفاوضات مانهاست، مع أن هذه الحقيقة التي تفرِض نفسها اليوم، كانت هي أساس مسلسل المفاوضات الجارية حاليا".
واقترح المبعوث الأممي سحب المغرب لمبادرته بمنح الحكم الذاتي للصحراويين وسحب جبهة البوليساريو لطلبها بتقرير المصير بـ"شكل مؤقت" من جدول المفاوضات والتفاوض بشكل حقيقي وبدون شروط مسبقة، ولكن على أساس فرضية مؤقتة، مفادها أنه لن يكون هناك استفتاء مؤدي إلى الاستقلال كخيار، وبالتالي، فإن النتيجة ستكون بالضرورة أقل من الاستقلال الكامل.
واقترح الدبلوماسي الهولندي، أن تكون المفاوضات القادمة على أساس ألا يرغم مجلس الأمن المغرب على استفتاء في الصحراء الغربية، وأن لا تعترف الأمم المتحدة بسيادة المملكة على الإقليم دون اتفاق بين الجانبين.
وأكد أن الجزائر طرف رئيس في النزاع، وقال "إن السبب الرئيسي الذي يجعلني أجِـد أن الوضع القائم أمرٌ لا يُـطاق، كونه وضعا تجِـد فيه راحتها، ليس فقط أطراف غير معنِـية لبلدان بعيدة، ولكن أيضا أطراف مؤيِّـدة بشكل غير مشروط لجبهة البوليساريو، والتي لم تعِـش هي نفسها داخِـل المخيَّـمات، ولكنها مُـقتنعة بأن أولئك الذين يعيشون في هذه المخيمات، ربّـما يفضِّـلون البقاء هناك بصورة دائمة، بدل الاتجاه نحو حلٍّ مُـتفاوض بشأنه أن يكون أقل من الاستقلال الكامل".
إشادة وانتقادات
ووصف المغرب تصريحات المبعوث الأممي، بأنها "شجاعة"، وقال خالد الناصري، وزير الاتِّـصال والناطق الرسمي باسم الحكومة آنذاك إن فالسوم "توصل إلى خلاصة شجاعة وواضحة، وهي أن استقلال الصحراء خيار غير واقعي، لأن قيام دولة سادِسة في المغرب العربي، خيار انتحاري من شأنه أن يزعزع الاستقرار".
وأضاف "هذا يدعم قناعاتنا وموقفنا البنـاء. نأمل أن يدرك الجزائريون كما جبهة البوليساريو أنه من العبث الجري وراء سراب دولة سادسة في المغرب العربي".
بالمقابل قال زعيم جبهة البوليساريو آنذاك محمد عبد العزيز، "إن هذه التصريحات تقصي فالسوم تلقائيا من مهمته كمبعوث شخصي للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للصحراء الغربية ومن صفة الوساطة، وتشجع على عودة المواجهات".
وتابع أن "تصريحات فان فالسوم لا تمثل إلا شخصه وتجرِده من أهليته للوساطة التي تلزمه بالإشراف على المفاوضات التي تدعو إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن"، وأنه كان "الأجدر بفان فالسوم تشجيع الحوار واحترام القانون الدولي، بدل الاكتفاء بالدعم المجاني لاقتراح المغرب".
كما قامت الصحافة الجزائرية بمهاجمة الدبلوماسي الهولندي، ووصفته بأنه "عميل" للمغرب، مشيرة بدورها إلى أن "وساطته انتهت".
بالمقابل قال زالمان خليل زاد، المندوب الدائم الأمريكي إن فكرة فان فالسوم "جديرة بأن تؤخذ جديا بعين الاعتبار".
ويوم 21 أغشت 2008، انتهت ولاية بيتر فان فالسوم، كمبعوث أممي لنزاع الصحراء، ولم يقم الأمين العام الأممي بان كي مون بتمديد فترة ولايته، ليخلفه الأمريكي كريستوفر روس بداية من 1 يوليوز 2009.