أطلق الإعلامي المغربي رشيد ازريقو صرخته الأولى سنة 1990 بمنطقة مقريصات التي تبعد عن وازان بحوالي 60 كلم. بهذه المنطقة تعلم الحروف الأولى، وحصل بها على شهادة الباكالوريا، لينتقل بعد ذلك لمدينة القنيطرة لمتابعة دراسته بجامعة ابن طفيل في شعبة علم الاجتماع، ورغم الصعوبات المالية التي واجهته، حصل على شهادة الإجازة بعد ثلاث سنوات من المثابرة.
وفي حديثه لموقع يابلادي قال "بعد حصولي على الإجازة بدأ يتملكني الخوف من البطالة، فكرت في دراسة مجال آخر يمكنني من الحصول على عمل بسرعة، واتجهت للميدان السياحي".
وقال إن أول مشكل اصطدم بها كان "عدم إتقاني للغة الفرنسية، لكن مدير المعهد الذي يقع في تطوان شجعني على متابعة التكوين في مجال التدبير".
وبعد سنتين حصل على شهادة تخوله ولوج سوق الشغل، فتوجه إلى وحدة فندقية في تطوان بحثا عن عمل، "لكن إدارة الفندق أخبرتني أنه لا توجد مناصب شاغرة رغم إلحاحي، وبعد أسبوع اتصلوا بي، واشتغلت كحامل أمتعة صيف 2016. أصدقائي في المعهد كانوا يحتقرون هذه الوظيفة لكن همي الوحيد كان هو الحصول على مورد رزق".
"بعد ثلاثة أشهر، فتحت الأبواب أمامي، وتوجهت إلى شفشاون واشتغلت في فندق، وبدأت أتعرف على السياح ومن بينهم الصينيين، وهناك بدأت علاقتي بالصين".
آنذاك بدأ ازريقو يقرأ عن الصين التي تعتبر سوقا سياحية كبيرة، وبدأ يتعلم اللغة الصينية، بتشجيع من السياح الصينيين، "وتساءلت لماذا لا أذهب إلى الصين؟"، وواصل "كان هدفي من زيارة الصين تعلم اللغة والعودة إلى المغرب للعمل، لأنني كنت أرى مستقبلي في السياحة".
وبالفعل، في شهر فبراير من سنة 2018، وصل رشيد إلى العاصمة الصينية بيكين، وتحدث عن لحظاته الأولى قائلا "وصلت إلى الصين أصبت بدهشة واستغراب كبيرين، وتبادرت إلى ذهني مجموعة من الأسئلة حول مدى صواب قراري، خصوصا وأني لا أعرف أي أحد، وقفت متسمرا في مكاني والناس يمرون من حولي".
"أثناء تواجدي بالمغرب بحثت عن مدرسة لتعلم اللغة الصينية في بكين، تواصلت معهم منحوني تأشيرة صالحة لمدة ستة أشهر، كان هدفي هو إتقان اللغة بسرعة، كنت أخصص 12 ساعة في اليوم لدراسة الصينية".
ويوضح أنه بعد ذلك "حصلت على شهادة إتقان اللغة، كانوا يطلبون الحصول على 300 نقطة، أنا حصلت على 395 نقطة، الأستاذة التي درستني قالت لي عندما علمت أنك أتيت من شمال إفريقيا ظننت أنك لن تتقن اللغة".
وقال إن من بين المواقف الطريفة التي يتذكرها في الصين "كانوا يسألونني عن أصلي وأقول لهم أنا إفريقي من شمال القارة من المغرب، فيبدون استغرابهم ويسألونني: لماذا لون بشرتك أبيض؟، بالطبع سؤالهم ليس عنصريا، هم يجهلون الكثير عن إفريقيا والمغرب".
وبحسبه فإن "مفتاح الصين هو اللغة الصينية، لن ينفعك أي دبلوم إن لم تتقن اللغة". بعد ذلك سمحت له قناة "الصين العربية" (Catv) الخاصة بإجراء تدريب لديها، و"بالتزامن مع ذلك تسجلت في تكوين المذيع المتميز لمعهد الجزيرة عبر الأنترنيت، كان آنذاك مجانيا".
وبعد انتهاء فترة التدريب، عرضت عليه القناة العمل معها، وفي شهر غشت من 2018 وقع معها عقد عمل، وبدأ يقدم برنامجا باللغة الصينية حول الطبخ الصيني.
وقال "طرحت فكرة البرنامج نظرا للأفكار الخاطئة المنتشرة حول الأكل الصيني. المطبخ الصيني غني ومتنوع بشكل كبير، ومائدتهم لها تاريخ ضارب في القدم، أكل الحشرات والحيوانات ليس عادة يومية".
وأضاف في الصين "هناك تنوع كبير، ونحن نجهل الكثير عن هذه الدولة، وربما الصين نفسها هي من تسببت في ذلك، لأنها كانت منغلقة على ذاتها...، يجب أن نتقبل الآخر كما هو، وليس كما نريده نحن أن يكون".
وواصل أنه "بعد مدة انتقل من تقديم برنامج الطبخ، لتقديم نشرات إخبارية وتغطية فعاليات، أقوم بأي شيء حسب الطلب. في زمن كورنا كنت المكلف بمتابعة الوضع في ووهان، حاورت الطلبة العرب وأيضا السفير المغربي".
وبالإضافة إلى عمله في القناة الصينية، يعمل الإعلامي المغربي الشاب كمراسل لإذاعة ميدي 1 في الصين منذ شهر مارس الماضي.
وتأسف ازريقو لكون "الحضور المغربي في الصين مقارنة بالجاليات العربية الأخرى ضعيف جدا. أجهل سبب ذلك هل لبعد المسافة أم للأفكار المسبقة عن الصين؟ أقول للمغاربة: من وصل إلى الصين وصل إلى المستقبل".
وعن علاقته بالمغرب قال إنه خلال شهر أكتوبر زار المملكة، وبعد عودته بدأ فيروس كورونا في الانتشار وأقفلت الحدود، وتابع "في المستقبل القريب لا أفكر في الاستقرار في المغرب".
وفي زمن كورونا، شكل رشيد ازريقو مصدرا مهما للأخبار لعدد من القنوات العربية التي كانت تربط به الاتصال للحديث عن الوضع في الصين.