تحول الحجر الصحي المفروض في المغرب إلى مأساة بالنسبة للعديد من المغاربة الذين وجدوا أنفسهم فجأة بعيدين عن أهلهم وأسرهم، وفي ظل عدم وجود وسائل للنقل بين المدن، قرر بعضهم قطع مئات الكيلومترات مشيا على الأقدام تحت أشعة الشمس الحارقة للاجتماع بأبنائهم وأسرهم.
وأمام هذا الوضع قرر مواطن مغربي مقيم في مدينة أكادير اسمه رضى الطاوجني تقديم يد المساعدة لهم على قدر استطاعته، إذ يقطع بشكل متكرر الطريق الواقعة بين أمسكرود التابعة لإقليم أكادير، وإيمنتانوت التابعة لإقليم شيشاوة، على متن سيارته التي يحملها بالماء وأنواع مختلفة من الأطعمة.
وفي حديثه لموقع يابلادي قال إنه كان في الماضي يقطع نفس الطريق من أجل مساعدة الرعاة والسائقين الذي تعترض طريقهم المشاكل، لكن في الوقت الحالي يسعى لتقديم يد العون للأشخاص الذين يصادفهم في الطريق.
وأكد أن "هؤلاء أشخاص ضعفاء لا يملكون المال ولا الموارد اللازمة، للبقاء بعيدا عن منازلهم، كما أن لبعضهم أسرا تعتمد على تواجدهم لتوفير قوت يومها، وهو ما دفعهم لاختيار هذا الحل القاسي والذي يكاد يكون مستحيلا".
وفي طريقه يوزع الطاوجني الماء والطعام على من يصادفهم، كما يقدم لهم مساعدات مادية، ويصر على مساعدتهم في الوصول إلى منازلهم.
وأول أمس السبت نشر على حسابه بالفايسبوك مقطع فيديو لرجل منهك غادر مدينة طاطا في اتجاه إمنتإنوت التي تبعد عنها بحوالي 300 كلم، مشيا على الأقدام لمساعدة والديه المريضين وأبنائه.
وقال الطاوجني "هذا الشخص فقد وظيفته ووجد نفسه عالقا في طاطا بعد إعلان الحجر الصحي"، وتابع "لقد كان مرهقا عندما التقيت به ومصابا بكدمات في قدميه".
وأوضح الطاوجني أنه التقى مع العديد من الأشخاص في الطريق والذين لا يزال يتذكر تفاصيل رحلاتهم الطويلة مشيا على الأقدام، وقال إن إحداهم كانت أما قوية لكن علامات اليأس كانت بادية على وجهها، كانت تقطع الطريق بمفردها مشيا منذ أربعة أيام، لتكون برفقة أطفالها، وتابع "يوم السبت التقيت هذه السيدة التي غادرت سيدي إيفني لتكون بجانب فلدات أكبادها في مدينة الجديدة".
وأوضح أنه هذه السيدة لم تكن "تملك أي خيار آخر لأنها تركت زوجها وأبناءها المرضى وحدهم"، مضيفا أنه "لحسن الحظ وافقت سيدة على أن تقلها، وتأخذها إلى منزلها بمدينة مراكش".
نفس الأمر وقع مع شخص من زاكورة، سار مشيا على الأقدام لمدة عشرة أيام، ليكون برفقة ابنته التي طردت من الحي الجامعي بأكادير الذي أغلق أبوابه بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية، وقال "هذا الأب اتصل بي وأخبرني أنه وصل أخيرا إلى مدينة أكادير ليكون مع ابنته التي وجدت نفسها من دون مأوى. انه أمر محزن ومفرح في نفس الوقت عندما ترى تضحية هذا الأب من أجل ابنته".
وإضافة إلى طول الطريق وحرارة الشمس، يواجه هؤلاء الأشخاص بحسب الطاوجني أخطارا أخرى، "فالنوم في العراء ليس دائما آمنا، حيث توجد العديد من الحيوانات الخطرة، والحشرات السامة". كما أن العديد من الأشخاص أخبروه أنهم "تعرضوا للسرقة والاعتداءات في طريق عودتهم إلى بيوتهم".
ورغم أن الحجر الصحي يبقى ضروريا لتجنيب البلاد أسوء السيناريوهات، إلا أنه حول حياة بعض الأشخاص إلى جحيم بعدما فقدوا أعمالهم ووجدوا أنفسهم من دون مأوى بعيدين عن أسرهم وعائلاتهم.