نشر المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي برسم سنة 2018 الذي يقدم بيانا عن جميع أنشطة المجلس والمجالس الجهوية، وتطرق التقرير إلى بعض القطاعات التي تقع تحت وصاية وزارة الفلاحة والصيد البحري كمخطط الصيد البحري أليوتيس، وتقييم سلسلة إنتاج الزيتون، وبرنامج توسيع الرأي، وكذا المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
مخطط أليوتيس
وقام المكتب الأعلى للحسابات بتقييم قطاع الصيد البحري، وذلك من خلال تقييم ما تم إنجازه في إطار مخطط أليوتيس الذي يهم الفترة 2009-2020، وكذا الوقوف على الصعوبات والاكراهات التي يعرفها القطاع.
ويساهم قطاع الصيد البحري بشكل مهم في الاقتصاد المغربي، حيث بلغت صادرات المنتجات البحرية 22 مليار درهم سنة 2017، وهو ما يمثل حوالي 50% من صادرات المواد الغذائية والفلاحية، و10% من مجموع الصادرات.
ومن بين ملاحظات المجلس على المخطط أنه لم يحدد بدقة الغلاف المالي الإجمالي، ولا الميزانيات المخصصة ومصادر تمويل المشاريع المبرمجة، كما لم يتضمن أي برمجة لتنفيذ هذه المشاريع.
وفيما يخص تحقيق الأهداف المسطرة، سجل المجلس الأعلى ضعف نسبة إنجاز المشاريع المهيكلة، وبطء تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية، منها حجم المغرب في السوق الدولية، وإنتاج وتربية الأحياء البحرية، وكذا استهلالك المنتجات البحرية داخليا.
كما تم تسجيل نقص في الموارد البشرية والمعدات العلمي المخصصة للبحث في مجال الصيد البحري. ووقف قضاة المجلس على وجود نقص في التجهيزات المينائية اللازمة لرسو وتفريغ المنتجات السمكية وكذا غرف التبريد ومصانع الثلج.
وأشار التقرير إلى فشل عملية إعادة تنظيم تدبير موانئ الصيد، والتي تم إطلاقها سنة 2009، وبخصوص تطوير شبكة أسواق بيع السمك بالجملة أكد التقرير أنه لم ينجز بشكل تام الإجراء الأول المتعلق باستكمال إنشاء عشرة أسواق، حيث تم إنشاء خمسة أسواق من أصل ثمانية. أما بالنسبة للإجراء الثاني المتعلق ببناء عشرة أسواق إضافية فلم يبدأ بعد.
من جهة أخرى جاء في الوثيقة أن قطاع الصيد في أعالي البحار، والذي يمثل 40% من قيمة أنشطة الصيد البحري، لم يتم دمجه بعد في دائرة تسويق منتجات الصيد البحري التي يدبرها المكتب الوطني للصيد ولا يؤدي ضريبة أسواق السمك.
سلسلة إنتاج الزيتون
يحتل قطاع الزيتون مكانة مهمة في النسيج الفلاحي المغربي، ويكتسي أهمية اقتصادية واجتماعية وبيئية، حيث يساهم في حدود 5 %من الناتج الوطني الفلاحي الخام، كما تمتد مساحة الزيتون بالمغرب على ما يفوق مليون هكتار.
وانطلاقا من ذلك قام المجلس الأعلى للحسابات بتقييم سلسلة إنتاج الزيتون، وسجل على إثرها عدة ملاحظات من بينها أن المساحة المخصصة للزيتون عرفت ارتفاعا بنسبة 32% ما بين موسمي 2008/2009 وموسم 2016/2017، وهو ما يمثل حوالي 84 %من الهدف المتوقع، غير أن هذه الزيادة تهيمن عليها المساحات البورية، والتي شكلت 86% من المساحة الإجمالية التي تم زرعها بالزيتون.
وفيما يتعلق بالإنتاج الوطني من الزيتون، فقد بلغ 1.56 مليون طن في موسم 2017/2018، علما أن متوسط معدل الانتاج بين موسمي 2008/2009 و2017/2018 حوالي 1.3 مليون طن، أي ما يمثل 54 %من الهدف المسطر.
هذا، ولم يتجاوز متوسط المردودية خلال نفس الفترة 1.4 طن للهكتار الواحد، وهو إنجاز لا يرقى إلى الهدف المسطر في طنين للهكتار في أفق 2020.
وفيما يخص محددات الانتاجية في مجال زراعة الزيتون، سجل التقرير ضعف النسيج الانتاجي بسبب صغر مساحات ضيعات الزيتون، بحيث يشكل صغار الفالحين الذين يملكون مساحات تقل عن خمس هكتارات ما يقرب 93 %من مزارعي الزيتون بالمغرب، كما سجل قلة تنوع الاصناف المزروعة، بحيث لازال صنف "البيشولين" المغربي مهيمنا على مزارع الزيتون، إذ يشكل 90 %من مجمل مزارع الزيتون على الصعيد الوطني.
وسجل التقرير كذلك، ضعف نسب إنجاز مشاريع التجميع، إذ لم يتم إنجاز سوى ثلاثة مشاريع فقط تخص التجميع الانتاجي. كما أنه لم يتم إنجاز سوى 20 مشروعا للتجميع التضامني، وهي مشاريع أنجزت في إطار مبادرة حساب تحدي الألفية، وهو ما يمثل تباعا 1.76% و 6% من مجموع المشاريع المتوقعة، والبالغ عددها على التوالي 170 مشروعا إنتاجيا، و340 مشروعا تضامنيا.
برنامج توسيع الري
اعتمد المغرب سنة 2008" مخطط المغرب الأخضر" كاستراتيجية قطاعية في المجال الفلاحي. ويتضمن هذا المخطط سبع محاور أفقية، منها محور الماء الذي ينقسم إلى ثلاثة برامج للتهيئة الهيدرو فلاحية: برنامج توسيع الري، والبرنامج الوطني لاقتصاد مياه الري، وبرنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الري.
وقد قام المجلس الأعلى للحسابات بتقييم البرنامج الأول أي برنامج توسيع الري، والذي يهدف إلى إنشاء مدارات جديدة وتقوية المدارات التي تهيمن عليها السدود، وذلك على مساحة تقدر بحوالي 160 ألف هكتار. ويتألف هذا البرنامج من 20 مشروعا في الفترة 2020-2008، بتكلفة إجمالية تقدر بمبلغ 21.5 مليار درهم.
وسجل قضاة المجلس عدة ملاحظات، من أبرزها أن السياق الوطني المائي يتميز بضعف الإمكانيات السنوية من الموارد المائية الطبيعية في المغرب، حيث تعتبر من بين الأضعف في العالم.
كما تبين حسب التقرير أن وثائق تخطيط الموارد المائية في المغرب، والمتمثلة في المخطط الوطني للماء والمخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة للموارد المائية على مستوى الأحواض المائية لم تتم المصادقة عليها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هيئات الحكامة وتنسيق الموارد المائية صارت غير مفعلة. وعلى مستوى البرنامج، أكد التقرير ظهور عدة نقائص فبالنسبة لكيفية إعداد برنامج توسيع الري، لوحظ وجود اختلافات بين مشاريع البرنامج والبرامج المتضمنة في إطار وثائق تخطيط الموارد المائية. بالإضافة إلى ذلك، لوحظ غياب معايير الانتقاء وتحديد الأولويات فيما يخص المشاريع.
كما يعرف البرنامج وتيرة تقدم إجمالية ضعيفة، حيث بلغت المساحة المجهزة ما يعادل 11.2% من المساحة المبرمجة، أما المساحة المزودة بمياه الري، فلم تبلغ سوى6.2 %من المساحة نفسها.
أما على مستوى المشاريع، فقد تم تسجيل نقائص على مستوى كل مراحل دورة حياتها، انطلاقا من التخطيط، ثم التنفيذ والتتبع والتقييم، إلى مرحلة إغلاق المشروع.
أما فيما يتعلق بالتتبع والتقييم، فقد سجل غياب نظام معلوماتي لإدارة وتتبع المشاريع، وعدم تعميم عمليات التدقيق والتفتيش على كل المشاريع. أما فيما يهم إغلاق المشاريع، فقد لوحظ غياب الإغلاق الرسمي لها، وعدم إعداد خالصات مرجعية لها، بالإضافة إلى عدم أرشفة الوثائق الخاصة بها.
وفيما يتعلق بالملك العام المائي خلص التقرير إلى وجود ممتلكات معروفة وغير مضبوطة بشكل كاف من طرف وكالات الأحواض المائية، وأيضا ضعف حصيلة تحديد الملك العام المائي، ووجود قصور في استخدام نظام الرخص والامتيازات لاستغلال الملك العمومي المائي، وضبط غير كافي لوضعيات مستغلي الماء.
وفيما يخص الحفاظ على الملك العام المائي وحمايته، لاحظ المجلس تدهور القدرة على تعبئة الموارد المائية، والاستغلال المفرط لمياه بعض الفرشات المائية، وهدر المياه على مستوى شبكات نقل وتوزيع مياه الري.
المكتب الوطني للسلامة الصحية
وفي الشق المتعلق بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الذي تم إنشاؤه سنة 2009، والذي يعتبر مؤسسة عمومية تحت وصاية وزارة الفلاحة والصيد البحري تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، فقد لاحظ المجلس عدم تمتع المكتب بالاستقلالية الكافية عن سلطة الوصاية، وكذا عدم ملاءمة الموارد البشرية لحجم المهام الموكولة له. أما بالنسبة لسلامة السلسلة الغذائية فقد تبين غياب سياسة عمومية متكاملة، بالإضافة إلى غياب آلية للتقييم العلمي للمخاطر الصحية.
ولا حظ المجلس وجود ضغط على الموارد البشرية المحدودة للمكتب، وكذا نقص في الإرشادات الموفرة للفاعلين. كما تبين أن المراقبة الصحية لمصالح المكتب على المواد الغذائية تشوبها بعض النواقص، من بينها ضعف المراقبة الجماعية للمطعمة الجماعية، وغياب مراقبة بقايا المبيدات في الفواكه والخضروات الموجهة للسوق المحلية على عكس المنتجات الموجهة للتصدير، وغياب المراقبة الصحية في أسواق الجملة للفاكه والخضر، وغياب مراقبة المواد الغذائية التي تحتوي على عناصر معدلة جينيا.
كما لاحظ المجلس عجز مراقبي المكتب عن ردع المخالفين، لأنهم لا يملكون صلاحية إقرار الإغلاق الكلي أو الجزئي لأية مؤسسة مخالفة.