ما تأثير ما يقع في الجزائر حاليا على دول الجوار وخاصة المغرب؟
التأثير لم يصل بعد، لأن التطورات لازالت مفتوحة ولم تصل إلى نهايتها.
في الجزائر الإصلاحات التي قام بها بوتفليقة داخليا لا تظهر في الخارج، هذا أجل عددا من الملفات والآن فتحت، وهم مقبلون على ما نسميه نحن في المغرب والعالم بالانتقال الديمقراطي، حتى الآن تبدو أمور الانتقال مضبوطة، من المستبعد أن تنفلت لأسباب متعددة: التوازنات على الصعيد الدولي هي في صالح الجزائر، لأن الولايات المتحدة وروسيا مستفيدة مما يقع، وكذلك الصين التي تتمتع بحضور قوي في البلاد.
فرنسا هي الوحيدة المتضررة مما يجري، آخر رموز باريس في الجزائر كان هو رمطان العمامرة وقد تمت إزاحته. اللوبي الفرنسي غير مقبول لا في الذاكرة الشعبية ولا في الإدارة الجزائرية، هم محاربون، خصوصا بعد تورطهم فيما يسمى بالحركة الأمازيغية، ونحن نرى خلال المظاهرات الأخيرة كيف توحد الجزائريون خلف علم واحد. إذن هناك توازنات جديدة جيدة لصالح الجزائر.
وما يقع في صالحنا، لأن أي تقدم في العملية الديمقراطية، أي في دور الصحافة وهيئات المجتمع المدني والأحزاب، في صالح دول المغرب العربي.
نحن نعلم أن الأقلية الاستخباراتية العسكرية التي خلقت المشكل مع المغرب لا مستقبل لها في البنية السياسية، وبالتالي أول ربح سيكون في نظري هو فتح الحدود البرية، وهذا يعني الكثير بالنسبة للمغرب سواء بالنسبة للمقاولة الصغرى أو المتوسطة بالخصوص، أو في الجانب المتعلق بالتجارة. دون أن نهمل الجانب السياحي، فتشييد مدينة السعيدية في الشرق كان يهدف إلى جلب الجزائريين أساسا. وقبل غلق الحدود كان حوالي 20 ألف شخص يدخلون المملكة يوميا.
الجيش الجزائري لا زال ممسكا بدواليب الأمور، ألن يؤثر ذلك على العلاقات مع المغرب مستقبلا؟
لن يؤثر ذلك على التقارب المحتمل بين المغرب والجزائر، لأن ميزان القوى سيتغير، عندما تصبح هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات، وترفع الرقابة على الأحزاب السياسية، ستغير الأمور، ستكون الحياة السياسية مفتوحة.
ماذا عن اتحاد المغرب العربي؟
من المؤكد أن ما يجري جيد لبناء المغرب العربي، لأن لعبة التوازنات هي التي عرقلت بناء الاتحاد المغاربي، فكل دولة كانت تريد أن تهيمن، موريتانيا مثلا تعيش على وقع انقلابات عسكرية متتالية، مرة تكون تابعة للمغرب ومرة أخرى للجزائر.
في تونس الإرادة السياسية للأحزاب مع المغرب، ولكنهم رهينة للجزائر، لأن الجزائر الحالية أو يمكننا القول السابقة، لها مراكز نفوذ وتأثير كبير في البلاد. إذا رفعت الجزائر قبضتها على تونس وعلى موريتانيا، وتخلت عن حساسيتها اتجاه المغرب، كل هذا سيكون في صالح الاتحاد.
في مؤتمر القمة العربية الأخير في تونس، اتضح أن الدول العربية كلها وصلت إلى قناعة مفادها ضرورة التخفيف من التوترات بينهم، وأهم مؤشر هو التعاون فيما بين وزارات الداخليات، الآن الأجهزة الأمنية العربية علاقاتها جيدة جدا، لأنهم يستشعرون خطر الإرهاب.
الاتجاه العام يسير في هذا المنحى، وبالتالي العلاقات المغربية الجزائرية جزء من هذا الاتجاه ومؤكد أنه كلما تحسنت الأوضاع في المغرب العربي ستتحسن في المشرق العربي.
والمغرب العربي في بعض القضايا المفصلية أكثر قوة واتحادا من المشرق العربي، مثلا صفقة القرن الذي ينتظر العالم أجمع ما ستسفر عنه، موقف الجزائر منها جيد، وموقف المغرب جيد جدا، وكذلك موقف تونس وموريتانيا.
في نظرك هل سيؤثر ما يقع أيضا على نزاع الصحراء؟
جبهة البوليساريو ليست بشيء، الأهم هي الجزائر. كل شيء سيتغير، طبعا هناك مؤشر سلبي ولكن في الظاهر فقط، ففي عز المظاهرات الجناح المتطرف وسط الجيش، ضاعف من دعمه للبوليساريو، ولكن هذا يدل على نقيضه، لأن الذين يخشون على مصير الانفصاليين هم الذين يضاعفون الدعم، وهذا دليل على الخوف.
أي تقدم لأي قطر عربي أو مغاربي في اتجاه الانتقال الديمقراطي، هو لصالح جيرانه وبالتالي سينتبه صناع القرار في الجزائر إلى خطئهم فيما يخص قضية الصحراء.
وأنا أعرف بعض السياسيين الذين يدركون ذلك منذ الماضي، كعبد الله جاب الله رئيس حزب العدالة والتنمية المحسوب على التيار الإسلامي، وعباس مدني مؤسس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المقيم حاليا في قطر، والذي له موقف جيد من قضية الصحراء.
أنا متفائل، حتى الآن، لأن التطورات تسير بشكل جيد، وكل تقدم من قبلهم في اتجاه الديمقراطية، سيكون تقدما في اتجاه التقارب، وملف الصحراء قابل للحل في آخر المطاف.