توالت نكسات البوليساريو خلال الأيام الأخيرة، فبعد فشلها في دفع البرلمان الأوروبي إلى التصويت ضد الاتفاقيات التجارية مع المغرب، وكذا إدراج الولايات المتحدة الأمريكية الصحراء ضمن المساعدات المالية المقدمة إلى المغرب، بدأ دعم الجبهة الانفصالية في أمريكا اللاتينية يتراجع.
فبعد إعلان المعارضة الفنزويلية التي تطالب الرئيس نيكولاس مادورو الذي يعتبر من بين أهم حلفاء البوليساريو في العالم، بأنها ستستأنف العلاقات مع المغرب على أسس سليمة وواضحة، وأنها ستقطع علاقاتها بالانفصاليين، دعا رئيس المجلس البيروفي للتضامن مع البوليساريو في سابقة من نوعها الجبهة لقبول مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007.
وكتب ريكاردو سانتشيث سيرا، مؤسس ورئيس "المجلس البيروفي للتضامن مع الشعب الصحراوي"، في مدونته "نحن الكثيرون من بين المؤيدين الدوليين لجبهة البوليساريو نعتقد أن الأخيرة يجب أن تغتنم الفرصة التاريخية التي تتيحها لها العملية السياسية للأمم المتحدة وتقبل الحكم الذاتي، بضمانات دولية، الذي اقترحه المغرب".
وأضاف أن "الذين يؤمنون بالشيء نفسه وسط البوليساريو هم كثر، والعديد منهم جهروا بانشقاقهم علانية"، مشيرا إلى أن التزامه لأزيد من عشر سنوات إلى جانب البوليساريو كمؤسس ورئيس للمجلس البيروفي للتضامن مع البوليساريو يمنحه "السلطة الأخلاقية، والحق وواجب الصدق مع أصدقائه من البوليساريو".
وأوضح سانشيث سيرا، أن الواقع الدولي يؤكد أن الهدف الذي تسعى إليه البوليساريو والمتمثل في إقامة دولة مستقلة في الصحراء يضل "وهما".
وبحسب سييرا الذي زار في العديد من المناسبات مخيمات تندوف، فإنه بات "من الضروري الاعتراف بأن المغرب قد غير موقفه من النزاع بالانتقال من الاندماج الكامل إلى الحكم الذاتي السياسي الموسع بضمانات دولية".
بالمقابل أكد أن جبهة البوليساريو "ظلت حبيسة موقفها الذي يبحث عن الاستقلال والذي تعتبره العديد من الدول الكبرى خيارا عفا عنه الزمن وقفزة في الفراغ مما يعني الرهان على دولة فاشلة وبؤرة ضد السلم والأمن".
وفي هذا الصدد، كتب "لكنني لا أريد أن يحولني صمتي أو تصفيقي للانتصارات الزائفة إلى متواطئ في استمرار المأساة الإنسانية في مخيمات تندوف".
وتحدث عن طول أمد نزاع الصحراء، وتساءل "ألن يكونوا (الصحراويين) في وضع أفضل من خلال العودة إلى بلدهم ولم الشمل مع عائلاتهم؟".
وكان ريكاردو سانتشيث سيرا، من بين أهم مؤيدي الجبهة الانفصالية في البيرو، وسبق لممثلة الجبهة في ليما خديجة المخطار، أن سلمته في شهر يوليوز من سنة 2017 "شهادة دكتوراه فخرية"، واعتبرته آنذاك "صديق الشعب الصحراوي". آنذاك تحدث سيرا عن عزمه على "مواصلة دعم الشعب الصحراوي والمرافعة عن قضيته العادلة وكفاحه المشروع من أجل الحرية والاستقلال".
وكانت وسائل إعلام تابعة لجبهة البوليساريو إضافة إلى الوكالة الجزائرية الرسمية، تقوم بتغطية أنشطة الفاعل السياسي البيروفي، الداعمة للأطروحة الانفصالية باستمرار.
وسبق لوكالة الأنباء الجزائرية أن نشرت قصاصة إخبارية في شهر أكتوبر من سنة 2015، قالت فيها إن المجلس البيروفي للتضامن مع الشعب الصحراوي دعا "حكومة البيرو إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي جمدت "جورا" سنة 1996".
يذكر أن البيرو اعترفت ب"جمهورية" البوليساريو في 16 غشت من سنة 1984 خلال عهدة الرئيس الأسبق فيرناندو بيلوند تيري، ووصل أول "سفير" للبوليساريو إلى ليما في سنة 1986 أي في عهد الرئيس آلان غارسيا.
وبقيت الأمور على حالها إلى أن قام الرئيس البيروفي الأسبق ألبيرتو فوجيموري (1995-2006)، بتجميد الاعتراف بـ"جمهورية" البوليساريو سنة 1996.
وفي شهر شتنبر من سنة 2017، قامت السلطات البيروفية بطرد ممثلة الجبهة الانفصالية خديجاتو المخطار، وقال وزير الداخلية البيروفي، كارلوس باسومبريو في حينه إن القيادية الانفصالية "ليس معترفا بها وليست مدعوة من قبل وزارة خارجية البيرو".