لا يزال طريق تصفية الأجواء بين المغرب وجنوب إفريقيا شاقا وطويلا، فبعد الرسالة الملكية للقمة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الإثنين الماضي بمقرها في نيويورك، تحت اسم "قمة نيلسون مانديلا للسلام"، والتي أشادت بالزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، طالب الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوسا المجتمع الدولي بدعم جبهة البوليساريو.
وكان الملك محمد السادس قد قال في رسالته إن مانديلا "كان يكن مودة وتقديرا صادقين لوالدنا، جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه.وقد نشأت هذه المودة بينهما بحكم الدعم غير المشروط، الذي قدمه المغرب لحركات التحرير الإفريقية".
وأَضاف أن موقف مانديلا المؤيد للحفاظ على السيادة الوطنية للدول، أهله "ليكون رسولا للسلام وللتفاهم بين الأمم، بعيدا عن التقلبات والأزمات والحسابات والانقسامات وآثارها السلبية. فقد تصدى مانديلا لدعاوى الانفصال وكافة أوجه انعدام الاستقرار، بالدعوة إلى الوحدة، وعيا منه بأنه لا ازدهار لقارتنا إلا في ظل سلامة الوحدة الترابية لدولها".
وواصل الملك قائلا "لقد أثبت لنا نيلسون مانديلا أن الحوار والتفاوض مسار لا ينبغي أن يتوقف، مهما بلغ عمق الانقسامات والخلافات؛ والحال أنه طالما أهدرنا فرصا لتحقيق السلام، رغم أنها كانت في المتناول".
لكن يبدو أن الرسالة الملكية لم تنجح في كسب ود الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوسا، ففي كلمته بمناسبة "قمة نيلسون مانديلا للسلام" دعا إلى دعم "شعب الصحراء الغربية" في سعيه "للاستقلال"، بل ووصل به الأمر إلى حد المساواة بين جبهة البوليساريو والشعب الفلسطيني.
وفي اليوم الموالي، وفي كلمته التي ألقاها على منبر الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، دافع الرئيس الجنوب إفريقي مرة أخرى عن جبهة البوليساريو، ودعا المجتمع الدولي إلى دعم "حق الشعب الصحراء الغربية في تقرير المصير" بحسب ما تناقلت وسائل إعلام جنوب إفريقية.
يذكر أن اعتراف جنوب إفريقيا بـ"جمهورية" البوليساريو في 15 شتنبر من سنة 2004، شكل نقطة فاصلة في العلاقات بين الرباط وبريتوريا، حيث استدعى المغرب آنذاك سفيره من بلاد مانديلا وقطع علاقاته الدبلوماسية معها.
وبقي الأمر على حاله إلى حين إجراء الملك محمد السادس مباحثات مع الرئيس السابق لجنوب إفريقيا جاكوب زوما على هامش قمة الاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي التي عقدت بأبيدجان، في الكوت ديفوار يومي 29 و 30 نوفمبر 2017، حيث اتفق قائدا البلدين آنذاك على تبادل التمثيل الدبلوماسي.
وفي 20 غشت الماضي عين الملك محمد السادس يوسف العمراني سفيرا للمملكة في بريتوريا، لكن يبدو أن ذلك لم يغير من سياسة جنوب إفريقيا، التي تعد من بين أكبر مساندي الجبهة الانفصالية في العالم.