بعد الجدل الذي أثاره حديث وسائل إعلام وطنية ودولية عن تعرض العاملات الموسميات المغربيات، في حقول الفراولة بإسبانيا لسوء المعاملة والاستغلال الجنسي، تقدمت لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب، بطلب لإنشاء لجنة استطلاعية وإيفادها إلى المملكة الإيبيرية من أجل الوقوف على حقيقة الأمور.
وسبق لسعيدة أيت بوعلي، رئيسة لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أن أكدت لموقع يابلادي يوم 9 يوليوز الجاري، أنها راسلت مكتب مجلس النواب لتشكيل اللجنة، مؤكدة أن الحديث عن أن القانون الداخلي للمجلس لا يسمح بإرسال لجان للاستطلاع خارج التراب المغربي، ليس صحيحا، لكن وبعد مرور أيام من ذلك، عادت لتؤكد في تصريح آخر للموقع أن القانون الداخلي للغرفة الأولى من البرلمان المغربي، يحول دون إرسال لجان للاستطلاع خارج التراب المغربي.
واعتمد مكتب مجلس النواب في اتخاذ قرار رفض تشكيل اللجنة الاستطلاعية، على المادة 107 من النظام الداخلي للغرفة الأولى، رغم أن هذه المادة لا تنص بشكل صريح على منع إيفاد لجان استطلاعية إلى الخارج.
ومن جانبه ذهب عمر الشرقاوي الأستاذ الجامعي في جامعة محمد الخامس بالرباط إلى أن التأويل الذي اعتمده مكتب مجلس النواب لهذه المادة هو التأويل الصحيح، وأن "هذه القراءة هي الوحيدة الممكنة لأن الأمر يتعلق بسيادة دول أخرى".
وفي نفس السياق قال النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية عبد الله بوانو في تصريح ليابلادي إنه "لا يمكن إيفاد لجان استطلاعية خارج التراب المغربي، كما لا يمكن للمغرب أن يستقبل لجانا من هذا النوع لأن الأمر متعلق بالسيادة".
ورغم أن المغاربة المقيمين بالخارج يشكلون حوالي 10 في المائة من المجموع الكلي للمواطنين المغاربة، إلا أن التأويل الذي أعطي لهذه المادة، يجعل مشاكلهم في بلدان المهجر خارج اهتمامات ممثلي الأمة.
لجنة استطلاع فرنسية في المغرب
ولكن مقابل الحديث عن عدم وجود إمكانية لإيفاد لجان استطلاعية للخارج، سبق للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الفرنسي أن أوفدت لجنة استطلاعية إلى دول المغرب العربي الخمس، خلال شهر شتنبر من سنة 2016.
والتقت اللجنة التي ترأسها غاي تسيي، بكل من رئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بنكيران، والوزير المنتدب في الخارجية ناصر بوريطة، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ادريس اليزمي، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نزار بركة، ورئيس وكالة مازن مصطفى الباكوري، وعدد من المسؤولين الآخرين.
وفي تصريح لموقع يابلادي قال عبد الرحيم العلام أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش إن المادة 107 التي اعتمد عليها مكتب مجلس النواب لتبرير قراره، تتحدث عن "موضوع يهم المجتمع، وهذا هو المدخل بالنسبة لهذه اللجنة، أي بما أن هناك موضوع يهم المجتمع ويثار حوله نقاش، وتوجد مغربيات تشتغلن في إسبانيا في ظروف معينة، فإن القانون الداخلي يمكن لجنة القطاعات الاجتماعية من البحث" في حقيقة تعرض العاملات المغربيات الموسميات لسوء المعاملة والاستغلال الجنسي.
وتابع العلام أنه "وبما أن هذه اللجنة هي لجنة القطاعات الاجتماعية فهذا الموضوع يدخل ضمن اختصاصاتها، ولم يحدد المشرع لها مكانا خاصا للاشتغال فيه، طبعا ما لم يوجد نص آخر خارج هذا القانون يمنع عنها ذلك، أما بناء على القانون الداخلي لمجلس النواب لا أرى أن هناك مانعا لاشتغال هذه اللجنة خارج المغرب".
وبحسبه فإنه كان من المفروض "أن يقبل طلب هذه اللجنة، لأنها تريد أن تستطلع حول موضوع يهم المجتمع". ويمكن لهذه اللجنة حسب المتحدث ذاته أن "تتقدم بطلب للمحكمة الدستورية من أجل توضيح الأمر أو تطالب بتدقيق في النظام الداخلي لمجلس النواب، وتضيف عبارة تمنع عليها العمل خارج المغرب أو العكس".
وختم حديثه قائلا "إذا كان الأمر فيه خلاف بإمكانهم أن يدخلوا تعديلا على النظام الداخلي لمجلس النواب، وفي جميع الأحوال أعتقد أنه من حق اللجنة أن تشتغل خارج المغرب بناء على النظام الداخلي لمجلس النواب".