أكد المحجوب السالك في الجزء الثالث من حواره المصور مع موقع يابلادي، أن الوالي مصطفى السيد (مؤسس جبهة البوليساريو) توجه إلى ليبيا بعدما تأكد أن الجزائر لن تقوم بتسليح المقاتلين الصحراويين، مضيفا أن "القذافي كان مستعدا لتسليح البوليساريو، بل كان مستعدا ليجعل من الجبهة، نواة ثورة شعبية في المنطقة ضد كل الأنظمة الموجودة في المغرب العربي".
وتابع أن "القذافي أخبر الوالي أنه لا مشكل لديه في تسليح البوليساريو، غير أنه أخبره أن المنطقة تهيمن عليها الجزائر،(...)إذن كيف نمرر السلاح؟".
وحاول الزعيم الليبي في البداية تمرير السلاح عن طريق مدينة غدامس الليبية الحدودية على الجمال، لكنها ما إن وصلت إلى برج المختار في الجنوب الجزائري، حتى حجزتها السلطات الجزائرية. ولجأ الوالي بعد ذلك إلى محاولة "تهريب الأسلحة عن طريق الثورة في غينيا بيساو، ولكن السينغال احتجزتها في نهر السينغال".
وطلب الوالي بعد ذلك من القذافي "أن يضع له الأسلحة في صناديق وأن يكتب عليها صناديق دبلوماسية، وأن يرسلها في الطائرة إلى نواكشوط وأنه سنتولى أمر إرسالها إلى المقاتلين". آنذاك أخبره، القذافي "أن الوضع خطير والعالم مليء بالعمليات الإرهابية...، فرد عليه الوالي إن كنتم فعلا ثوار وتريدون تحرير الصحراء، فنحن أبناء الصحراء نريد تحريرها أعطونا السلاح، وكان الأمر كذلك".
ووصل السلاح إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط وسلمته السفارة الليبية إلى الوالي، فأوصله بمعية مجموعة من المقاتلين الصحراويين إلى شمال شرق الزويرات وبعد ذلك حملوه في الإبل إلى المقاتلين".
ولذلك كانت عملية 20 ماي من سنة 1974 بحسب السالك "عملية استعراضية، حيث أطلق الثوار زخات من الرصاص على القوات الاسبانية التي ارتعشت لأنها أول مرة ترى هذا النوع الحديث من الأسلحة".
بعد ذلك احتجت إسبانيا على الجزائر ظنا منها أن السلاح المستعمل ضدها في الصحراء جزائري، ونادي "الحاكم العسكري في المحبس الحاكم العسكري في تندوف، وعبر له عن رفض ونكران الدولة الاسبانية لتخلي الجزائر عما تدعيه من حسن الجوار والعلاقات الطيبة، وقيامها بتسليح مجموعة المقاتلين ضدها".
وبعد وصول الخبر إلى الرئيس الجزائري الهواري بومدين تساءل عن "الكيفية التي استطاع من خلالها هؤلاء أن يهربوا السلاح في هذه المنطقة".
إثر ذلك يحكي السالك أن "الهواري بومدين بعث طائرة خاصة من مطار بوفاريك، إلى تندوف (....) من أجل نقل الوالي مصطفى السيد، الذي بات في فندق جنيف في العاصمة الجزائرية، وفي الساعة العاشرة من اليوم الموالي استقبله الهواري بومدين، في القصر الرئاسي".
وبحسب ما حكي الوالي فإنه "قبل أن يجلس، سأله الهواري بومدين، من أين أتيتم بالسلاح، قال له يا سيادة الرئيس نحن نواجه قوة استعمارية، وأي مكان فيه السلاح سنتوجه إليه حتى وإن كان الشيطان، وهنا هدأ بومدين، وتذكر الزمن الذي كان يهرب فيه السلاح إلى الثورة الجزائرية من القاهرة، وخاطبه قائلا من اليوم لا تذهب عند القذافي نحن سندربكم ونسلحكم".
وبفضل المساعدة الجزائرية يضيف السالك "أسسنا في فبراير سنة 1975 أول دفعة من مقاتلي جيش التحرير التي ستكون نواة، الجيش الصحراوي وكنت من قيادة هذه الدفعة، كنا 125 شاب صحراوي تلقينا التدريب العسكري، قبل لم نكن نعلم شيئا عن الأسلحة، كنا مجرد انتحاريين".
وعن المقابل الذي طلبته الجزائر مقابل تسليح مقاتلي البوليساريو قال السالك "لما كان الوالي حيا لم تكن الجزائر تطلب منا شيئا لأنها كانت تخاف منه، وتعرف بأنه رجل ليس من طينة الرجال الذين يمكن تركيعهم، الجزائر خافت من القذافي، وعلمت أنه إذا دخل السلاح الليبي إلى المنطقة، فإنه ستكون هناك عصا للقذافي في المنطقة".
لذلك سعت الجزائر إلى "استمالة البوليساريو لكي لا تكون أداة في يد القذافي يزعج بها ليس فقط الجزائر بل كل المنطقة، ولو لم يقم الوالي بتهريب السلاح عن طريق ليبيا، لم تكن الجزائر لتساعدنا".
وعن المؤتمر الثاني الذي نظمته جبهة البولياسريو فوق التراب الجزائري في غشت من سنة 1974 قال السالك، أنذاك كان السلاح وصلنا للتو، المؤتمر الثاني كان أول وآخر مؤتمر ديمقراطي تعرفه البوليساريو، (...) كانت المرة الأولى التي أرى فيها أنا تندوف في حياتي. وكان آخر مؤتمر يحضره الوالي رحمة الله عليه، المؤتمر أصبح أكثر وضوحا وأتى ببرنامج عمل وطني، أوضح أننا نهدف إلى بناء دولة صحراوية، تكون للجماهير المشاركة الفعالة فيها، وأن علينا أن نتعاون من الآن على هذا الأساس".
وختم حديثه قائلا "بعد المؤتمر الثاني أصبحت القضية أكثر وضوحا، وكان لها تأثير كبير في تغيير المواقف والأهداف التي كانت مرسومة، والتي لم تعلنها البوليساريو إلا بعد شهر غشت من سنة 1974".