قال وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في مداخلة له خلال اجتماع للجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، يوم أمس الإثنين، في تعليق له على الاحتجاجات التي تشهدها مدينة جرادة إن هناك "أهداف مشبوهة لدى بعض الأطراف للعبث بمصالح الساكنة"، واتهم بعض الجهات بالـ"حرص على زرع المزيد من الاحتقان وإطلاق العنان لتصريحات غير مسؤولة، يتم استغلالها من طرف المنابر الصحفية الأجنبية المعادية لمصالح المملكة".
وتابع أن بعض الجهات المعترف بها كالنهج الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وأخرى غير معترف بها كجماعة العدل والإحسان تسعى إلى "توسيع مساحات الاحتجاج بمختلف مناطق المملكة واختراق واستغلال أي حركة اجتماعية لتأجيج الوضع".
وفي ردعه على اتهامات لفتيت قال مصطفى البراهمة الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي في تصريح لموقع يابلادي "الاتهامات التي كالها وزبر الداخلية لمنظمات سياسية وحقوقية من ضمنها النهج الديمقراطي، في حد ذاتها تعبير عن فشل الدولة في إيجاد حلول معقولة وقابلة للتنفيذ ومقنعة للمحتجيين، الذين أقرت وزارة الداخلية نفسها بمشروعية مطالبهم".
وأضاف البراهمة أن الدولة لو "لجأت إلى التفاوض المباشر مع قادة الحراك المحلي ووضعت برامج آنية وعلى المدى المتوسط، وخلقت حلول مرضية لاستجاب لها السكان".
وتابع "الدولة نهجت من جديد المقاربة الأمنية القمعية المتممثلة في فض الاحتجاجات بالعنف، واستعمال أساليب غير مقبولة من ضمنها الدهس بسيارات الشرطة، وهذه المسألة هي التي تؤجج الحراكات الاجتماعية، التي تسببت فيها السياسات النيوليبيرالية للحكومات المتعاقبة".
هذه السياسات تؤدي حسب البراهمة "إلى الفقر والتهميش، خصوصا في مناطق ما يسمى المغرب غير النافع، وهو ما يعطي الإحساس بالغبن والظلم، والناس خرجت للمطالبة برفع الظلم، ويستحقون منا كتنظيم سياسي الدعم والمساندة".
"أما البحث عن مشجب –يضيف البراهمة- وتعليق فشل الدولة في الحراكات الاحتجاجية عليه، لن يجدي نفعا، بل يجب حل المشاطل الحقيقة من قبيل إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات والاستجابة لمطالبهم، ونبذ العنف في التعاطي مع الاحتجاجات السلمية".
بدوره قال أحمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان "موقفنا من هذه التصريحات هو الرفض، ونعتبرها اتهامات باطلة، ولا تستند على حقائق، وبالتالي هذا النوع من التصريحات لايمكن إلا أن تفسر بعجز مسؤولي الدولة عن تحمل مسؤوليتاهم فيما يقع من احتجاجات وما يجري من مظاهرات".
وأضاف "المحرك الأساسي لذه الاحتجاجات كان باعترافهم هم أنفسهم (الدولة) بأنها مشروعة ونابعة من مطالب ذات طابع اقتصادي واجتماعي، وبالتالي فهذه الحراكات التي يعرفها المغرب في العديد من المناطق، هي أغلبها كانت عفوية، وكان متزعموها والناطقين باسمها في أغلب الأحيان لا ينتمون إلى أي حزب من الأحزاب، ولا إلى أي منظمة من المنظمات كيفما كانت".
وأكد أنهم في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يعتبرون هذه النوع من التصريحات:
"هروب من تحمل المسؤولية ومحاوولة تحميل هذه المسؤولية لجهات أحيانا خارجية، كما كان الشأن في الريف، أو داخلية كما هو الآن بالنسبة لحراك جرادة، هذا الأسلوب هو أسلوب قديم يقوم على التلفيق واختلاق أعداء وهميين من أجحل تبرير ما يحدث وما يمكن أن يحدث فيما بعد من اعتماد للمقاربة الأمنية في التخلص من الحركات الاحتجاجية".
من جهته كتب حسن بناجح عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان في تدوينة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك "هناك هدفان، عام وخاص، من تصريح وزير الداخلية"
الهدف العام بحسب بناجح من تصريح وزير الداخلية ضد العدل والإحسان والنهج والجمعية هو "تبرير القبضة الأمنية، وشرعنة الاعتقالات، والتهييء للأحكام الثقيلة ولتصعيد القمع، أكثر مما هو مصعد، وإعلان رسمي عن إصرار الدولة على عدم الاستجابة للمطالب البسيطة والمشروعة للمحتجين، وتعليق الفشل على الآخرين رغم ما في ذلك من تناقض مع الاعتراف الرسمي المتكرر بفشل النموذج المخزني في التنمية". أما الهدف الخاص بحسب المتحدث ذاته:
"فهو محاولة استباقية لتجنب مصير سلفه وإن كان يكرر نفس وسائله، علما أن تكرار الوسائل يؤدي إلى النتائج نفسها. وإن كان قليل من صدق في ما أعلن لكان المطلوب التقديم بمقدمات ضرورية للتعبير عن نية حل الأزمة، وذلك بإطلاق سراح المعتقلين وإزالة مظاهر العسكرة وإعلان رسمي لفتح أبواب الحوار أمام اللجان الممثلة لكل حراك".