بعثت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية رسالة إلى كل من بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، ومصطفي الرميد وزير العدل والحريات، حول موضوع "إصلاحات قانون العنف الأسري".
وتناولت الرسالة الإصلاحات التي تبنتها الحكومة في مجال مواجهة العنف ضد المرأة بما في ذلك العنف الأسري. وتشمل هذه الإصلاحات مشروع قانون أعد في 2015 يتعلق بإصلاح القانون الجنائي (مشروع القانون الجنائي)، ومشروع آخر أعد في 2015 أيضا يتعلق بتنقيح قانون المسطرة الجنائية (مشروع قانون المسطرة الجنائية) ومشروع آخر أعد في 2013 يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء (مشروع القانون 103-13 أو مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء). علمنا أنه تم تحيين هذا المشروع الأخير، ولكنه لم يُنشر بعد للعموم.
ورحبت المنظمة الدولية "بالالتزام المعلن من قبل الحكومة المغربية بتحقيق المساواة للمرأة وحمايتها من العنف"، وقدمت مجموعة من الملاحظات والتوصيات "لتعزيز" هذه الإصلاحات، وركزت الرسالة بشكل خاص على العنف الأسري.
وأوصت المنظمة بتعريف "العنف الأسري" في مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء ومشروع القانون الجنائي وإدراج العنف الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي، وتعريف هذه المفاهيم بما يتناسب مع توصيات الأمم المتحدة. وأضافت أنه يجب التأكيد على أن الاغتصاب الزوجي جريمة.
وطالبت أيضا بتوسيع مشاريع القوانين من مجال جرائم العنف الأسري، بما يشمل – في ظروف معينة – الأشخاص الذين لهم أو كانت لهم علاقة حميمة، مثل العلاقة الزوجية أو غير الزوجية أو العلاقة بين شخصين من نفس الجنس أو علاقات غير المتعايشين والأشخاص الذين تربطهم علاقات عائلية ببعضهم البعض والأفراد الذين ينتمون لنفس الأسرة.
وأوصت أيضا بإلغاء إمكانية فرض عقوبات مخففة من مشروع القانون الجنائي على الضالعين في جرائم ارتكبت في حق أفراد من الأسرة لأنهم اكتشفوا بصدد علاقة جنسية خارج إطار الزواج. كما يجب إلغاء تجريم العلاقات الجنسية التي تتم بين بالغين بالتراضي.
وفي الجانب المتعلق بمسؤوليات أعوان انفاذ القانون والنيابة العامة، أوصت هيومن رايتس ووتش بأن يحدد مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء واجبات الشرطة في حالات العنف الأسري، بما يشمل منحها سلطات كافية لدخول الأماكن وتنفيذ اعتقالات، وإجراء تقييمات للمخاطر الموجودة، ومقابلة الأطراف والشهود، وتسجيل الشكاوى، وإعلام المشتكيات بحقوقهن، وإعداد تقارير رسمية، ومساعدتهن على الحصول على علاج طبي، وتوفير أشكال الحماية الأخرى لهن.
وطالبت بأن يوجه مشروع القانون الوزارات المعنية إلى تبني سياسات "مؤيدة للاعتقال ومؤيدة للمحاكمة" في حالات العنف الأسري عندما يوجد سبب يدفع إلى الاعتقاد في حصول جريمة. وأن يفرض مشروع القانون على الشرطة والنيابة (أو قضاة التحقيق عند الاقتضاء) التنسيق فيما بينهم في قضايا العنف الأسري، وتسهيل الاتصال المباشر ببعضهم البعض. وعلى السلطات ألا تلزم ضحايا العنف الأسري بنقل الوثائق بين هذه المصالح.
وطالبت بأن يتضمن مشروع القانون تأكيدا واضحا على أن مسؤولية مقاضاة العنف الأسري تقع على عاتق النيابة، وليس الضحايا، وأن يحدد المعايير الدنيا فيما يتعلق بالمعلومات التي يتعين على النيابة إبلاغها للضحايا.
وبخصوص مسؤوليات نظام العدالة، قالت المنظمة إنه يجب أن يحافظ مشروع قانون مكافحة العنف ضد النساء على الحكم المتعلق بأنواع الأدلة التي يمكن اعتمادها في المحاكم، مع التأكيد على أن شهادة الضحية يُمكن أن تكون كافية للإدانة. وأنه يجب أن يتضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية حكما موازيا يتعلق بجرائم الاعتداء، بما يشمل العنف الأسري.
وجاء في الرسالة الموقعة من طرف ليسل غارنثولتز مديرة قسم حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش، أنه رغم أن خطورة الإصابات، كما يحددها الأطباء، هي أحد العوامل التي يُمكن أن تُعتمد في تحديد عقوبة المدانين، إلا أنه يجب إعادة التأكيد في مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء أو مشروع القانون الجنائي على العجز الجسدي كعامل نهائي. أما العوامل الأخرى بحسب الرسالة فيجب أن تعكس توجيهات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المتعلقة بالعقوبات، بما يشمل تاريخ الاعتداء وخطر تكراره والحاجة إلى إعادة تأهيل وعوامل التشديد.
كما يجب أن يدعو مشروع قانون حسب المنظمة الحقوقية إلى محاربة العنف ضد النساء لتبني بروتوكولات رسمية لإجراء فحوص الطب الشرعي في قضايا العنف الأسري. كما يجب أن يؤكد بوضوح أن للشرطة سلطة الاعتقال بغض النظر عما إذا كان للمشتكي شهادة طبية تثبت عجزه.
وفي ما يتعلق بحماية الضحايا جاء في الرسالة أنه ينبغي أن يحافظ مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء على الحكم الخاص بتدابير الحماية مع إضافة معلومات توضيحية. كما جاء فيه أن يتضمن المشروع أوامر حماية طارئة وأخرى طويلة المدى، مع توضيح القيود أو الشروط التي يُمكن أن تفرضها، والإجراءات الخاصة بكل نوع منهما. تماشيا مع دليل الأمم المتحدة، يجب أن يسمح المشروع بأوامر حماية مدنية وجنائية.
وأثناء حديث الرسالة عن مساعدة الضحايا أشارت إلى أن يجب أن يعرف بشكل أوضح دور الحكومة في تقديم الدعم والخدمات للناجيات من العنف الأسري، بما يشمل الملجأ والخدمات الصحية والرعاية النفسية والمساعدة القانونية والخطوط الساخنة. وأن يُنشئ مشروع القانون صندوق ائتماني أو أي مساعدات مالية أخرى للناجيات من العنف الأسري.
وأوصت أيضا بأن يحافظ مشروع القانون على الأحكام المتعلقة بالتنسيق والوحدات المتخصصة في الهيئات الحكومية التي تتعامل مع العنف ضد النساء والأطفال. كما يجب أن يضيف أحكاما حول تدريب الموظفين ومراقبة فعالية هذه الوحدات ومحاسبتها.