رأى عبد الرحيم بوعبيد النور في 23 مارس من سنة 1922 في مدينة سلا، وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1934، والتحق بثانوية مولاي يوسف في الرباط، وفي 1938 حصل على شهادة الدروس الثانوية.
وفي سنة 1945 التحق بمعهد الدراسات السياسية في باريس بفرنسا بعد نيله شهادة الإجازة في القانون، وفي عام 1949 انخرط في هيئة المحامين بالرباط.
كما انخرط مبكرا في مقاومة الاستعمار الفرنسي، حيث ساهم في تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى سلطات الحماية يوم 11 يناير 1944، وكان من بين أصغر الموقعين عليها، واعتقله الاستعمار الفرنسي مرتين.
وشارك بوعبيد في مفاوضات "إيكس ليبان" مع فرنسا التي مهدت لاستقلال المغرب، وعين بعد ذلك أول سفير للمغرب في باريس من أجل مواصلة المفاوضات لنيل الاستقلال، ثم عين بعد ذلك وزيرا للدولة مكلفا بشؤون المفاوضات في حكومة مبارك البكاي.
تولى بعد ذلك وزارة الاقتصاد الوطني والمالية من أكتوبر 1956 إلى مايو 1960، وأضيفت له كذلك مسؤولية وزير الفلاحة، وكان نائب رئيس الحكومة في حكومة أحمد بلافريج وعبد الله إبراهيم.
بوعبيد والحسن الثاني
لكن بعد وفاة محمد الخامس سنة 1961 وتولي الملك الحسن الثاني عرش البلاد، وجد كل من بوعبيد والملك الجديد نفسيهما في العديد من القضايا على طرفي نقيض.
ففي سنة 1962 قرر حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مقاطعة الاستفتاء على أول دستور للبلاد، وشارك عبد الرحيم بوعبيد الذي كان آنذاك من أبرز قيادي الحزب في حملة المقاطعة من خلال ترؤسه للعديد من التجمعات الشعبية، وفي اجتماع عقد بالرباط، قال:
"إننا نواجه خيارا أساسيا. إما أن نستمر كشعب وكمنظمة متجذرة في الجماهير، في النضال من أجل تحرير بلادنا من الاستعمار والإقطاع والرجعية، وإما أن نقبل نصا دستوريا مزورا ومعدا من قبل كَتَبَةِ الاستعمار. إذا كان الأمر ينبغي أن يكون كذلك، فستكون لدينا مسؤولية ارتكاب جريمة بحق الأجيال المقبلة".
هذا القرار جعل الحسن الثاني يشن حملة اعتقالات وقمع في صفوف قادة الحزب والمتعاطفين معه، وبلغت هذه الحملة أوجها سنة 1965، باختطاف القيادي البارز في الحزب المهدي بنبركة واغتياله، وهي القضية التي لا زالت خيوطها لم تتضح لحد الآن.
وفي سنة 1975 تم تأسيس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وفي 10 يناير من السنة ذاتها انتخب بوعبيد كاتبا أول للحزب في مؤتمر استثنائي، وأعيد انتخابه لثلاث ولايات متتالية على رأس الحزب.
السجن أحب إلي
في سنة 1981، توجه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني إلى العاصمة الكينية نيروبي من أجل المشاركة في قمة منظمة الوحدة الإفريقية، وأعلن في خطابه أمام القمة الافريقية قبول المغرب إجراء استفتاء في الصحراء.
وفي الخامس من شهر شتنبر من نفس السنة، صدر بلاغ للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، يحدد فيه رأي الحزب من قضية الصحراء المغربية إثر قبول الحسن الثاني بإجراء استفتاء لتقرير المصير، وأعرب الحزب من خلال البلاغ عن الموقف المعارض لفكرة الاستفتاء في الصحراء. وأكد فيه "أنه ينبغي العودة إلى الأمة عن طريق الإستفتاء فيما يخص السيادة الترابية"، مما أثار غضب الملك الراحل الحسن الثاني.
وبعد يومين فقط اعتقل عبد الرحيم بوعبيد، كما اعتقل بعض قياديي الحزب من قبيل محمد اليازغي، ومحمد الحبابي، ومحمد منصور، ومحمد الحبيب الفرقاني، و في 24 شتنبر 1981 أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط حكمها على كل من عبد الرحيم بوعبيد، ومحمد اليازغي، ومحمد الحبابي، بسنة سجنا نافذا، وعلى محمد منصور بسنتين سجنا مع وقف التنفيذ، وعلى محمد الحبيب الفرقاني بسنة واحدة موقوفة التنفيذ. وقال عبدالرحيم بوعبيد في ختام هذه المحاكمة :
"هذه المحاكمة سيكون لها تاريخ، فأنتم لكم الأمر ونحن نقول: ربي السجن أحب إلي من أن ألتزم الصمت، وأن لا أقول رأيي في قضية مصيرية وطنية ومقدسة".
في 1 ماي من سنة 1991، كان آخر ظهور جماهيري لعبد الرحيم بوعبيد، بمناسبة مهرجان نقابي للاحتفال بعيد الشغل. وفي الثامن من يناير من سنة 1992 أسلم الروح إلى بارئها بالعاصمة الرباط عن عمر يناهز 69 عاما.