القائمة

أخبار  

الكركرية.. طريقة صوفية مغربية الأصل تبتغي الوصول إلى الله وتعتبر لباسها "الغريب" وسيلة لاختبار النفس

مع بداية القرن الثالث الهجري، بدأت الحركات الصوفية تظهر في المجتمعات الإسلامية، خصوصا مع مطالبة البعض بالزهد في الدنيا واتباع ما جاء به دين الاسلام، وكانت بدايات هذه الحركات فردية قبل أن تصير طرقا لها مشايخها ومقراتها، ومن بين هذه الطرق الطريقة الكركرية التي تتخذ من مدينة العروي مقرا لها.

نشر
بعض أتباع الطريقة الكركرية
مدة القراءة: 4'

لا يمكن الحديث عن التاريخ الإسلامي دون المرور على شخصيات كانت منتسبة للطرق الصوفية، مثل جلال الدين الرومي، وأبو حامد الغزالي وابن عطاء السكندري، وغيرهم من الشخصيات التي تركت أثرا كبيرا في تاريخ الاسلام.

ومصطلح الصوفية يبقى مصطلحا واسعا يضم المئات من الطرق المنتشرة عبر ربوع العالم الإسلامي، وتشتهر كل طريقة عن الأخرى بشيوخها وأعلامها وكتبها، ومن بين هاته الطرق الطريقة الكركرية التي باتت حديث الساعة هاته الأيام في شمال إفريقيا وخاصة بالجزائر.

وتنتسب الطريقة الكركرية إلى الشيخ محمد فوزي الكركري، وتتخذ من مدينة العروي ضواحي الناظور مقرا لها، وبحسب ما جاء في موقعها الإلكتروني فإنها تمتاز بعدة مميزات منها "ملازمة السنة في الأقوال والأفعال والأحوال" ، و "سهولة الفتح أو سرعته، فالمريد في هذه الطريقة يفتح الله عليه في أقرب مدة وأسرع وقت بفضل الله تعالى".

وتمزج هذه الطريقة بحسب ذات المصدر "بين الجذب والسلوك، وبين الفناء والبقاء، فتلميذها فان باق في نفس الوقت"، ويؤكد الموقع أن الكركرية "تجمع جميع مدارس التصوف ومشاربه، فتجد فيها تصوف الفقيه، وتصوف العابد، وتصوف المنطقي والحكيم والطبيعي، كل واحد يجد فيها مشربه الذي يلائمه".

ومن الاهداف الكبرى التي تضعها الطريقة امام عينيها وتبتغي تحقيقها بحسب نفس المصدر "الوصول إلى الله تعالى و التحقق من معرفته المعرفة القلبية على بساط الشهود والمشاهدة، كما تهدف إلى نشر المحبة والسلام بين الخلق...، و تهدف إلى تخليص المريد من قيود الهوى والنفس، حتى يكون حرا مما سوى الله تعالى". وتعتمد في ذلك على قاعدة تقول "إستحقر نفسك وعظم غيرك...فمن نظر إلى نفسه بعين النقص وإلى غيره بعين الكمال قلت عيوبه وكثرت حسناته وعظم نوره".

وفي تصريح لموقع يابلادي قال عبد الحفيظ الرباطي أحد منتسبي الطريقة الكركرية في المغرب، إن الطريقة منتشرة في القارات الخمس وتابع "توجد بالإضافة إلى البلد الأصلي المغرب في الجزائر وتونس ومصر والسعودية والإمارات وسلطنة عمان، وفي فرنسا وإسبانيا وهولندا، وأمريكا وفي كندا والبرازيل...".

وقال إن أتباع الطريقة الكركرية عبر العالم لا يتعرضون للمضايقات "باستثناء الضجة الإعلامية التي أثارتها الصحف الجزائرية مؤخرا وهذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن القول إنها جاءت اعتراضا على الطريقة الكركرية".

وتابع قائلا "الطريقة الكركرية طريقة أًصيلة في المجتمع المغربي لأنها طريقة درقاوية شاذلية مشيشية، وهي ليست حديثة العهد، ما يثير الاهتمام مؤخرا هو اللباس المرقع وهذا اللباس تكلم عنه أقطاب الصوفية الأوائل، باعتباره وسيلة من وسائل تربية النفس والارتقاء بها".

وأوضح أن "الألوان في المرقعة تدل على الكون كاملا، نحاول أن يكون الفقير الكركري عنده محبة ووصال بينه وبيين جميع ذرات الكون، بحكم أن الكون متجلي بهذه الألوان".

وأضاف أنه "وسبق لسيدي احمد ابن عجيبة وهو مفسر وفيقه وعلامة أن شرح في كتابه المباحث الأصلية بعض أبيات ابن البنا السرقسطي وهو علامة مغربي أيضا، وتحدث عن أصل المرقعة كوسيلة للتغيير، وقال إن هناك مرقعة بالألوان وبغير ألوان، غير أن الملونة تعطي ثمرة أكثر للنفس".

وأوضح أن ارتداء المرقعة يبقى اختياريا "فهناك من المنتسبين الذين لا يرتدونها، من أراد أن يختبر نفسه في المجتمع هل يستطيع أن يصبر ويتحمل كلام الناس وأن يسير بالرحمة بين الخلق، فإنه يرتدي هذا اللباس، وهو بمثابة ميزان يزن به نفسه".

ونفى الرباطي أن تكون الطريقة الكركرية تهتم بالمظهر وقال إنها بالمقابل "تحاول إصلاح القلب، فالأساس إصلاح القلب أما الباقي مجرد وسائل للوصول إلى هذا المقصد الأعلى وهو إصلاح القلب، وإزالة كل الأمراض والظلمات منه".

وعن أعداد أتباع هذه الطريقة قال "ليس لدينا إحصاء محدد للأسف، ولكن هناك إقبال على الطريقة بشكل يومي من داخل المغرب وخارجه، عموما المريدون يمكن أن نقول إن أعدادهم تقدر بالآلاف".

وأكد أن مريدو الكركرية يحتفلون سنويا بعيد المولد النبوي في الزاوية بالعروي، كما يتم تنظيم مجلس للذكر بشكل أسبوعي، في المنازل وفي فروع الزاوية المنتشرة في ببعض المدن.