القائمة

أرشيف

3 مارس 1961..بعد وفاة غامضة لمحمد الخامس الحسن الثاني يتولى عرش المغرب

في الثالث من شهر مارس سنة 1961، اعتلى الامير الحسن عرش والده محمد الخامس بالقصر الملكي بالرباط، وقد أصبح ملكا للمغرب وعمره لم يكن يتجاوز الثلاثين، وقد تمت مراسيم توليه العرش بحضور سامي الشخصيات السياسية والدينية في المملكة، والذين بايعوه بهذه المناسبة، علما أن أباه محمد الخامس كان قد رسمه وليا للعهد قبل أربع سنوات.

نشر
الملك الراحل الحسن الثاني
مدة القراءة: 5'

في 3 مارس من سنة 1961، أصبح الحسن الثاني رسميا ملكا للمغرب، وذلك بعد وفاة والده محمد الخامس في السادس والعشرين من شهر فبراير من سنة 1961.

قبل هذا التاريخ كان الحسن الثاني قد عمل إلى جانب والده مستشارا سياسيا بحكم تكوينه الدراسي وثقافته الواسعة والنباهة التي عرف بها منذ الصغر، إذ حضر ولم يتجاوز بعد سن الرابعة عشرة اللقاء التاريخي بين والده والرئيس الأميركي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل في الدار البيضاء عام 1943.

وفي التاسع من شهر يوليوز من سنة 1957 تم تنصيب الأمير الحسن وليا للعهد، وقال أبوه محمد الخامس بمناسبة تنصيبه بحسب ما يورد المجلد السابع من موسوعة "مذكرات من التراث المغربي":

"ولقد سرنا كل السرور ما تقدمت به من متمنيات وأفصحت عنه من رغبات بإسناد ولاية عهدنا إلى نجلنا البار الأمير مولاي الحسن أصلحه الله وكان السرور أتم والفرح أعم لكون هذه الرغبات جاءت تلقائية عاطفية وجدانية دفع إليها شعور باطني عميق وإحساس نفسي نبيل. وإن الأمة المغربية أجمعت عليها مغير استثناء ممثلة في مجلسها الوطني وأحزابها السياسية وهيئاتها العلمية ومنظماتها النقابية ومؤسساتها المهنية وجماعاتها الشعبية. فطيلة أسابيع تلقى القصر الملكي آلاف العرائض والرسائل والبرقيات في تأييد الملتمس الذي تقدمت به حكومتنا في هذا الشأن حتى صارت قضية ولاية العهد بمثابة استشارة شعبية، تلاقت فيها أماني الملك والشعب في نقطة سواء. فإزاء هذه الرغبات الملحة والملتمسات القوية قررنا تنصيب ابننا الأمير مولاي الحسن فيما رشحناه له صغيرا تنصيبا رسميا شرعيا قانونيا، فهو ولي عهدنا ووارث عرشنا والقائم بأمر الملك المضطلع برئاسة الدولة من بعدنا. (...).

يابني:

أصيك بالمغرب بلدكم الكريم ووطنك العظيم، مستقر الجد والوالد ومستورد الطارق والتالد.

إياك أن تقبل المساومة على أمنه وسلامة سكانه، وإذا داهمته الأخطار أو تهددته الأعداء فكن أول المدافعين وسر في طليعة المناضلين كما رأيتني تعرضت معي للبلاء فبدوت بطلا كامل الرجولة شهما تام المروءة.

(...) وكن يابني ديمقراطي الطبع شعبي الميول والنزعات، فأنت تعرف أن أسلافك الأكرمين ما وصلوا إلى الملك قهرا ولا اقتعدوا العرش قسرا وإنما كان تقدمهم إلى السلطان ضرورة دعت إليها مصلحة الوطن العليا".

وفاة محمد الخامس

في السادس والعشرين من شهر فبراير من سنة 1961 توفي محمد الخامس عن سن يناهز 52 سنة، وكانت الوفاة مفاجئة حيث لا زال هذا الحدث يطرح العديد من الأسئلة التي لا تزال لحدود اليوم من دون أجوبة.

القصة المتداولة هي أن  محمد الخامس أصيب بوعكة صحية تطلبت إجراء عملية جراحية بسيطة على مستوى الأنف، غير أنه أسلم الروح إلى بارئها بعدما فشلت العملية، التي أثير حولها الكثير من القيل والقال.

وتعددت الروايات حول وفاة محمد الخامس، فقد أشار عبد الله إبراهيم الذي كان على رأس حكومة 1958، بحسب ما أورد موقع هسبريس إلى إن محمد الخامس كان يعاني من سرطان في الأدن، وعندما تفاقم المرض تم استدعاء طبيب سويسري لإجراء عملية جراحية له، غير أن فصيلة دم الملك النادرة صعبت الأمر، حيث بحث الأطباء عن الدم من أجل إنقاذ حياته لكن دون جدوى.

فيما أشار المؤرخ الراحل عبد الهادي بوطالب إلى أن محمد الخامس كان يعاني من التهاب اللوزتين، وأضاف أثناء استضافته في برنامج بثته قناة الجزيرة القطرية أن الأطباء استهانوا بمرض الملك، وقرروا إجراء عملية جراحية بسيطة له، إلا أنه توفي أثناء العملية بسب تفريط من الطاقم الطبي.

لكن في الجهة المقابلة قال الراحل الفقيه البصري، في حوار بثته قناة أبو ظبي، أن وفاة محمد الخامس لم تكن طبيعية وبأن الأمر يتعلق بـ"مؤامرة"، وقال الشخص ذاته خلال استضافته ببرنامج "زيارة خاصة" الذي بثته قناة الجزيرة إن طبيبا حضر العملية اسمه عبد الهادي مسواك أسر له أنه إذا قامت الدولة بإجراء تحقيق في وفاة محمد الخامس لتمت محاكمة من أشرف على العملية.

وذهب المؤرخ الراحل عبد الكريم الفيلالي في ذات الاتجاه، وشكك في سنة 2011 في ما تقوله الرواية الرسمية لوفاة الملك محمد الخامس، وطالب بفتح تحقيق لمعرفة ما جرى، وأثارت هذه التصريحات في حينه جدلا واسعا، خصوصا وأن الفيلالي كان مستشارا للملك الراحل الحسن الثاني.

جنازة الملك محمد الخامس

تولي الحسن الثاني الحكم

في السادس والعشرين من شهر فبراير من سنة 1961 نعى ولي العهد الحسن الثاني الملك محمد الخامس إلى الشعب المغربي عبر أمواج الإذاعة وقال بحسب ما جاء في المجلد السابع من موسوعة "مذكرات من التراث المغربي":

"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.  

شعبنا الوفي:

اليوم بعد الظهر على الساعة الثالثة والنصف، التحق بالرفيق الأعلى ملك البلاد، وأبو الشعب المغربي محمد بن يوسف تغمده الله برحمته. فلعلنا نجد في ألمنا لمشترك، وفي حسرتنا المشتركة، وفي الكارثة العظمى التي نزلت بنا، وفي هذه البلوى، ذلك الصبر وتلك الإسوة، وذلك الإيمان إيمان المؤمنين الذين قال الله تعالي فيهم: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، تلك الأمة التي كان يريدها هكذا والدنا المرحوم.

ففي هذه الساعة لي اليقين وكامل اليقين بأننا في الأسى مشتركون، وأننا في الحزن مشتركون، وأن روابط الدم والوفاء والتعلق التي كانت تربط بيننا جميعا وبين أبينا محمد الخامس ستزداد متانة في هذه اللحظة المظلمة من تاريخ المغرب وتاريخ العروبة والإسلام وتاريخ العالم أجمع".

وفي الثالث من شهر مارس من سنة 1961، تولى الحسن الثاني رسميا حكم المغرب، ليستمر حكمه إلى حدود 23 يوليوز من سنة 1999، حيث أعلنت وفاته في العاصمة الرباط، لينتقل الحكم كما هو في الدستور المغربي إلى الابن الأكبر سنا وهو محمد السادس.