القائمة

أخبار

أزمة الكهرباء بإسبانيا: الإعلام الجزائري يختلق الروايات لاتهام المغرب ويكذِّب بيدرو سانشيز

في خطوة غريبة، سارعت وسائل الإعلام الجزائرية إلى تكذيب التصريحات الرسمية لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الذي شكر المغرب على مساعدته في تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء، متهمة الرباط باختلاق إنجاز وهمي ومشككة في دورها خلال الحادث.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

لا تفوت وسائل الإعلام الجزائرية فرصة دون استغلالها لتوجيه الاتهامات إلى المغرب وتحميله مسؤولية الأزمات التي تشهدها المنطقة. وقبل أيام، سارعت هذه المنابر إلى الترويج لرواية تزعم تورط المغرب، إلى جانب إسرائيل، في عملية اختراق إلكتروني تسببت في انقطاع التيار الكهربائي عن إسبانيا، فيما وُصف بأنه "رد انتقامي" على موقف مدريد الداعم للشعب الفلسطيني.

غير أن هذه المزاعم سرعان ما فقدت مصداقيتها، خاصة بعد التصريحات الرسمية لرئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الذي عبر عن شكره لكل من المغرب وفرنسا على تزويدهما جنوب وشمال إسبانيا بالكهرباء، خلال الأزمة التي شهدتها شبه الجزيرة الإيبيرية بداية الأسبوع الماضي.

ورغم ذلك، نشرت جريدة الشروق، المعروفة بقربها من السلطة، مقالًا تكذّب فيه تصريحات سانشيز، مدعية أن "الإسبان دحضوا أكاذيب المخزن"، وأضافت أن "المخزن أقدم على فضيحة جعلته محل سخرية واستهزاء في إسبانيا: أعلن بصفة رسمية، بواسطة صحافته، أنه ساعد إسبانيا ومدّها بالكهرباء أثناء 'الاباغون' (انقطاع الكهرباء). ما إن أُعلن الخبر حتى هبّت عاصفة من السخرية في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كذّبت البهتان المغربي ودحضت دعابته المغرضة".

وفي محاولة لتبرير ادعاءاتها، نشرت الجريدة إحصائيات كاذبة من وحي خيالها، قالت فيها إن "المغرب من البلدان التي تمتلك أسوأ شبكة كهربائية في العالم، وإن نصف مدنه تشهد انقطاعات يومية متكررة وتذبذبًا في التزود بالكهرباء، وإن ثلث سكانه لا يستعملون الكهرباء إلا في الليل بسبب ارتفاع أثمان فواتيرها، وإن ربعهم – السكان – خاصة في الأرياف والقرى، لا يعرف الكهرباء، وذلك بشهادة منظمة الطاقة العالمية، وبشهادة المغاربة أنفسهم".

واستعانت الصحيفة الجزائرية بمقال للصحافي الإسباني إغناسيو سامبريرو، المعروف بعدائه للمغرب، واصفة إياه بأنه "أكبر صحافي إسباني"، وقد ذهب بعيدا في تكذيب رئيس الحكومة الإسبانية، حيث قال إن "تم إنقاذ الشبكة المغربية وليس العكس. تطلب انقطاع التيار الكهربائي إجراء تعديل فوري للنظام الكهربائي المغربي، وهو ما تم تنفيذه بنجاح".

وتابعت الشروق أن رئيس الحكومة الإسبانية شكر المخزن على "المساعدة الوهمية" في مد إسبانيا بالكهرباء، وأضافت أن معلقين إسبان قالوا: "لا تهتموا لما قاله رئيس الحكومة، فهو مغربي أكثر من ملك المخزن".

الإعلام الإسباني يؤكد دور المغرب الحاسم

وعلى عكس ما يدعيه الإعلام الجزائري، تناولت كبريات الصحف الإسبانية موضوع الدعم المغربي لإسبانيا. فقد قالت صحيفة إلباييس: "المغرب، الذي يعتمد عادة على إسبانيا لتلبية احتياجاته المتزايدة من الكهرباء، قام بعد ظهر يوم الاثنين (28 أبريل) بتعبئة ما يصل إلى 38٪ من قدرته الإنتاجية لإرسال الطاقة، بهدف إعادة تشغيل الإمدادات التي انقطعت بسبب انقطاع التيار الكهربائي في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية".

أما صحيفة ال ندبندنتي، فأشارت إلى أنه في لحظة انقطاع التيار الكهربائي، كان المغرب "يستورد حوالي 778 ميغاواط من الكهرباء من الشبكة الإسبانية". وأضافت: "وفي وقت قياسي، تمكن المغرب من حماية نفسه من الانخفاض إلى الصفر في إمدادات الكهرباء الإسبانية، وهو حادث غير مسبوق استمر لمدة 12 ساعة، وأصبح بمثابة طوق نجاة لـ'الجزيرة الأيبيرية'".

وأوضحت الصحيفة أن المغرب صدر 5.45٪ من الكهرباء المتاحة في السوق الإسبانية، وأن صادراته كانت مولّدة من مزيج من الفحم والغاز الطبيعي.

وترتبط إسبانيا والمغرب برابطين كهربائيين بقدرة 400 كيلوفولت، وبسعة 1400 ميغاواط، تم تركيبهما في عام 1998. ويوجد ربط ثالث بين المغرب وإسبانيا مطروح على الطاولة، ومن المقرر تنفيذه في عام 2028. كما تدرس المملكة أيضًا ربطًا مع فرنسا وموريتانيا.

ويسعى المغرب إلى تحقيق الاستقلال الطاقي. وقبل أيام فقط، أطلقت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة مناقصة لتطوير البنية التحتية الوطنية للغاز، والتي تشمل بناء أول محطة للغاز الطبيعي المسال (LNG) في المغرب، في ميناء الناظور غرب المتوسط.

كما تطمح المملكة إلى تشييد خط أنابيب غاز أفريقي أطلسي من نيجيريا، وهو مشروع تعتبره الجزائر غير قابل للتحقيق، في وقت تروج فيه لمشروعها الخاص لنقل الغاز من نيجيريا إلى المتوسط مرورا عبر النيجر، رغم علاقاتها المتوترة مع هذه الأخيرة، والتي وصلت إلى حد استدعاء السفراء.

ويذكر أن هذه الحملة الإعلامية ليست الأولى من نوعها، بل تندرج ضمن سلسلة من التهم المتكررة التي تطلقها وسائل إعلام رسمية أو قريبة من السلطة في الجزائر، مستهدفة المغرب في كل أزمة أو حادث عابر. وتزداد حدة هذه الهجمات الإعلامية كلما حقق المغرب اختراقات دبلوماسية على الساحة الدولية فيما يخص نزاع الصحراء.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال