تسارعت الأحداث مؤخرا بخصوص نزاع الصحراء الغربية، فقبل وبعد انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، قام الملك محمد السادس بعدة جولات في القارة السمراء، قادته إلى دول تعترف بجبهة البوليساريو. فكيف ينظر قادة سابقون في جبهة البوليساريو إلى تأثير انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، والجولات الملكية الأخيرة على النزاع الذي عمر طويلا؟
المحجوب السالك: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سيكون له ما بعده
رأى المحجوب السالك زعيم خط الشهيد، المعارض لقيادة جبهة البوليساريو، في حديثه مع موقع يابلادي أن انضمام المغرب للاتحاد الإفريقي سيكون له تأثير على نزاع الصحراء الغربية، مضيفا أنه رغم أن هذا الانضمام
"قد يستغل من طرف قيادة البوليساريو على اساس ان الملك المغربي والرئيس الصحراوي يتواجدان في نفس القاعة وتحت نفس السقف بل لا يفصل بينهما اكثر من 100 متر، والعلم الصحراوي والمغربي يرفرفان قرب بعضهما البعض، داخل القاعة وخارجها (...) التأثير سيكون بحضور المغرب وأن سياسة الكرسي الشاغر لم تعد متوفرة ولذا ليس لدى البوليساريو وحلفائها تلك الحرية وذلك الجو الذي كان سائدا في غياب المغرب ويوفر لهم تمرير قرارات معادية للطرح المغربي".
كما تحدث السالك عن أن الزيارات الأخيرة التي قام بها الملك محمد السادس إلى دول تعترف بالجمهورية الصحراوية سيكون لها ما بعدها، مؤكدا أن "الزيارات والمصالح الاقتصادية المشتركة، بين المغرب والدول الإفريقية سيكون لها تأثير على مواقف الدول من النزاع في الصحراء الغربية، اما بالنسبة للدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية، ففعلا سيكون للزيارات ما بعدها، ولكن ما دامت الدول لم تجمد اعترافها بالدولة الصحراوية، فليس هناك ما يغير من الواقع شيئا خصوصا على المدى القريب".
ورغم التأثير المتوقع لانضمام المغرب على نزاع الصحراء الغربية قال السالك "المؤكد حاليا هو أن الدبلوماسية الجزائرية هي الرابحة الأولى من دخول المغرب للإتحاد الإفريقي، الذي يُعتبر مصادقة برلمانه على ميثاق الإتحاد الإفريقي، بمثابة اعتراف بالحدود الجزائرية المغربية الموروثة عن الإستعمار والتي لم يصادق عليها البرلمان المغربي منذ 1972، وكانت من اخطر المشكلات العالقة بين المغرب والجزائر منذ اكثر من 4 عقود... فالجزائر حلت مشكلتها الحدودية مع المغرب عبر الصحراء الشرقية، وبقيت الحدود مع الصحراء الغربية هي العالقة حتى اليوم".
وبخصوص تعليقه على حديث البوليساريو عن أن انضمام المغرب للاتحاد الإفريقي يشكل نصرا لها قال "في السياسة كل يغني على ليلاه، والانتصار له اكثر من أب بينما الهزيمة يتيمة، وأظن بأنه من السابق لأوانه الحكم على عودة المغرب للإتحاد الإفريقي، هل هو نصر للمغرب أو الجزائر أو البوليساريو، ولكن الشهور القليلة القادمة ستكون كفيلة بالرد على هذا السؤال".
مصطفى سلمى ولد سيدي مولود: على البوليساريو الاعتراف بالفشل
أما القيادي السابق في جبهة البوليساريو مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، والمتواجد حاليا بموريتانيا بعد إبعاده قسرا عن مخيمات تندوف، فقال في تصريح لموقع يابلادي أنه سيكون لانضمام المغرب تأثير على نزاع الصحراء الغربية، وربط عودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي بعاملين أساسيين "عامل استراتيجي متجسد فيما يوفره السوق اﻻفريقي من فرص للاستثمار، وما ستحققه العضوية اﻻفريقية من تكامل بين دول اﻻتحاد في ظل الحديث عن سوق افريقية مشتركة على شاكلة السوق اﻻوروبية. والعامل الثاني و هو تكتيكي مرحلي مرتبط باﻻساس بقضية الصحراء، فبسبب غيابه المغرب عن اﻻتحاد اﻻفريقي حول خصوم المغرب اﻻتحاد الى اداة لمعاداته و ضرب مصالحه خاصة ما تعلق منها بموضوع الصحراء. لدرجة ان حلفاء المغرب اﻻفارقة لم يكن لديهم من يصطفون خلفه فيما يتعلق بقضية الصحراء، عكس حلفاء الجزائر الذين وجدوا في عضوية الجمهورية الصحراوية وسيلة لضرب المغرب تحت يافطة الدفاع عن مظلومية دولة افريقية تتعرض لظلم المغرب الغائب".
ورأى مصطفى سلمى ولد سيدي مولود أن انضمام المملكة المغربية الاتحاد اﻻفريقي سيغير هذه المعطيات، و "ستكون البداية بأنه سيصبح هناك طرفين لهما نفس الحقوق في عرض وجهات نظرهم و الدفاع عنها داخل مؤسسات اﻻتحاد، مما سيغير ما كان يعتبر اجماعا افريقيا حول قضية الصحراء الداعم لوجهة نظر الجزائر و البوليساريو".
وأكد أن هذا الانضمام "سينتج انقساما داخل اﻻتحاد اﻻفريقي"، غير أنه استدرك قائلا إلا أن المغرب "و من خلال دبلوماسيته التي بدأت منذ فترة، و خاصة في عهد الملك محمد السادس ﻻ اعتقد انه سيعجز عن ان تكون له الحصة اﻻكبر من الداعمين اﻻفارقة. فمنذ قرابة عقدين تقريبا لم يسجل اعتراف اي دولة افريقية جديدة بالجمهورية الصحراوية، بل ﻻحظنا تجميد لعدد من الدول اﻻفريقية ﻻعترافهم بالجمهورية الصحراوية. و طبعا هذا حصل و المغرب خارج اﻻتحاد فما بالك و هو حاضر".
وتابع ولد سلمى قائلا "كما نعلم فان مكاسب البوليساريو من الاتحاد اﻻفريقي هي عضوية الجمهورية الصحراوية و الدعم السياسي الذي تتلقاه وجهة نظر البوليساريو من الاتحاد. وهو ما سيتغير حتما كما أسلفت".
وأوضح أنه "إذا حدث أن وصلت دبلوماسية المغرب الى تغيير فكرة احتلال اﻻراضي الصحراوية التي غرستها الجزائر في اذهان اﻻفارقة، و تبنى اﻻفارقة مقررات اﻻمم المتحدة التي تعتبر الصحراء منطقة نزاع أو اقليم غير مستقل ذاتيا و ينتظر تقرير المصير، وليس اﻻمر صعبا ما دام المغرب منخرط في مخطط تسوية اممي و يتعامل بايجابية معها في هذا اﻻطار. فلن يبقى هناك مبرر للاعتراف بالدولة الصحراوية".
وبحسب مصطفى سلمى ولد سيدي مولود فإن الدبلوماسية المغربية أصبحت أكثر حضورا في القارة الإفريقية مقارنة مع نظيرتها الجزائرية، وقال:
"هنا ظهر الذكاء المغربي، فقد حافظ على قواه و لم يستنفذها في عهد قوة خصومه، و انتظر لحظة ضعف الجزائر اقتصاديا و سياسيا فبادر بحملته الدبلوماسية نحو افريقيا محتاجة من يقف معها لا من تقف معه في ظل حاجة دولها للاستثمارات و ضغط الشعوب على حكامها مطالبة بالتنمية قبل السياسة".
واسترسل موضحا أن "اﻻفارقة ليسوا من خارج الكوكب فهم يلاحظون اﻻستقرار المغربي و اتجاه الجزائر نحو المجهول في ظل غياب صورة واضحة عن المستقبل السياسي لهذا البلد".
وبخصوص حديث البوليساريو عن أن انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي يشكل انتصارا لها قل ولد سيدي مولود "ما تسوقه البوليساريو و الجزائر (...) ﻻ يعدو كونه ذرا للرماد في عيون من كانت تسوق لهم الجزائر و الجبهة ان اﻻفارقة لن يقبلوا بعضوية المغرب".
وتابع قائلا "وتسويقهم بان انضمام المغرب يعتبر اعترافا بالجمهورية الصحراوية هو تسويق للوهم فلا علاقة بين اﻻمرين و الدليل موجود في كل التجمعات القارية و منها الاتحاد اﻻفريقي فكم من دولة في افريقيا لا تعترف بالجمهورية الصحراوية هل المغرب لوحده؟. هل اجبرتها عضويتها في الاتحاد على الاعتراف بالجمهورية الصحراوية؟".
واسترسل قائلا "بالعكس كان عليهم ان يعترفوا امام شارعهم بالفشل و يستنفروا كل طاقاتهم و يعلموا ان قواعد اللعبة تغيرت و يعلموا انهم هم من خسر و يخسر و ليس منذ انضمام المغرب للاتحاد الافريقي، بل قبل ذلك مذ بدأت الدول الافريقية تجمد اعترافاتها بالجمهورية الصحراوية". وختم حديثه للموقع قائلا:
"اليوم المغرب يكسب داخل افريقيا والجزائر والبوليساريو يتراجعون و اكبر دليل هو انضمام المغرب الى الاتحاد اﻻفريقي بموافقة 38 دولة رغم ان خصومه لم يدخروا جهدا لمنع او تأخير هذا الانضمام".