القائمة

أخبار

عميت حي كوهن: في إسرائيل الموسيقى المغربية التقليدية ترحب بك أينما ذهبت

عميت حي كوهن يهودي من أصل مغربي، وهو موسيقي ومخرج يعيش في مدينة القدس، متزوج من الفنانة الإسرائيلية من أصل مغربي نيطع القايم، ويعملان معا على إحياء الثرات المغربي وسط اليهود الذين تعود أصولهم إلى المغرب.

تحدث عميت حي كوهن في حوار مع الموقع عن علاقته بالمغرب، وعن اهتمام اليهود من أصل مغربي داخل إسرائيل بالمغرب والثقافة المغربية.

نشر
عميت حي كوهن/الصورة من حسابه على الفايسبوك
مدة القراءة: 6'

لم تولد في المغرب، فلماذا اخترت الاهتمام بالثقافة المغربية؟

على الرغم من أنني لم أولد في المغرب، لكن لدينا تاريخ في هذه البلاد يزيد عن 2000 سنة، لذلك ارتبطنا بها أكثر من ارتباطنا بأي مكان آخر على وجه الأرض. كانت جدتي طامو وجدي موشي عمار وأجدادهم يعيشون في قرية صغيرة تدعى "تيزغي" تقع بين ورزازات وتيلوات. الثقافة المغربية تأسرني، أنا أحب الألوان والروائح وأحب الناس هناك، ببساطة المغرب يتيح لي توسيع حدود أحلامي.

ما ذا يمثل المغرب بالنسبة لك؟     

المغرب يمثل لي الوجه الجميل لجدتي، وسداجة جدي رحمهما الله، روحيا أنا لم أغادر البلاد، المغرب بالنسبة لي أيضا هو مجتمع وتاريخ وتقاليد، وليس مجرد حنين للماضي، لكنه شيء ملموس، المغرب هو الجمال والثروة، لكن أيضا الكثير من الفقر والألم، هناك الخير والمحبة، ولكن أيضا هناك النساء اللائي يردن مزيدا من الحرية.

في قرية عائلتي الناس يتطلعون إلى مستقبل أفضل، وتكافؤ الفرص في العمل والتعليم والبنى التحتية، التقيت هناك أناسا موهوبين لم يتمكنوا من رسم مسارهم كما كانوا يريدون، عندما أرى الناس في المغرب أرى عائلتي في وجوههم، نفس الملامح، نفس الطباع، نفس العيون...

المغرب على نحو ما هو بيتي، في المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى تيزغي، رأيت النهر الذي يشربون منه، والكنيس اليهودي حيث كان الناس يتعبدون، كنت مثل من يخطوا إلى الوراء لكن مع قدر من المعرفة ومن منظور تاريخي معاصر، إنه احتمال يبهرني.  

ألا تعانون باعتباركم من أصل مغربي من العنصرية داخل إسرائيل؟

لقد عانى المغاربة في إسرائيل من العنصرية، منذ أول لحظة لوصولهم إلى هذه الأرض، أنا الآن أؤلف الموسيقى لسلسلة تلفزيونية تتحدث عن اختطاف الأطفال، نعم إنه أمر مؤلم..تم اختطاف الآلاف من الأطفال اليهود الذين جاءوا من الدول العربية الاسلامية من قبل السلطات و تبنتهم عائلات أخرى بشكل غير قانوني. وقيل لأولياء أمورهم إنهم توفوا ولكن من دون جنازة ومراسيم دفن..، ولكن لابد لي من القول إن مغاربة إسرائيل يعرفون كيف يدافعون عن أنفسهم، رؤوبين أبيرجل، الشخصية الرئيسية في فيلمي الحالي، هو خير مثال على الانسان الذي نذر حياته للنضال ضد العنصرية التي يمارسها اليهود من أصل أوروبي، الدين يسعون دائما إلى تهميشنا، وهو أمر مستمر إلى الآن، أمامنا الكثير من العمل للقيام به من أجل وضع حد لهذه المشكلة، نحن نطمح لأن تكون هناك مساواة حقيقية بين اليهود، بمن فيهم أولئك المنحدرين من أصل عربي.

وأود أن أضيف أنه حتى في المغرب الحياة ليست مثالية لليهود دائما، يجب علينا أن نواجه الأمر، الكثير من اليهود بإسرائيل أصبحوا اليوم يرغبون في العودة إلى المغرب، لأنهم لم يستوعبوا كيف يمكن أن يواجهوا بعنصرية من يهود آخرين، يمكن القول إن العالم ليس مكانا مثاليا للعيش.. بينما تسعى للعيش بحرية يطمح الآخرون للتحكم بك.

ألا تفكر في العودة إلى المغرب في يوم من الأيام؟

دائما أذهب إلى المغرب لزيارة الأصدقاء أو حضور الحفلات الموسيقية، نحن نطمح أيضا لكي نمتلك جواز سفر مغربي، أعتقد أننا في الوقت الحاضر لا يجب أن نتقوقع في مكان ما، بل يجب علينا أن نفكر ونتحرك لتوسيع حدود تحركاتنا بدل الاقتصار على مكان واحد.

وأنا آمل حقا أن تكون أبواب المغرب مفتوحة في وجهنا دائما، نحن ننتمي إلى هذا البلد ونحن جزء من تربته، هناك دفن عدد كبير من الحاخامات، وروح الحياة اليهودية لا زالت ترفرف في هواء المغرب، بالنسبة لي المغرب هو امتداد طبيعي للقدس والقدس هي امتداد طبيعي للمغرب، اليهود المغاربة كانوا دائما "هنا وهناك". ونحن نحاول ألا نعطي أهمية للحدود الوطنية، التي فرضتها الحكومات.

على أي حال أنا على اتصال يومي مع الأصدقاء الذين يعيشون في المغرب، وحتى أولئك الذين يعيشون في قرية جدتي "تيزغي"، هي قرية جميلة فيها ناس من ذهب، بدأت مشروع فيلم أبتغي من خلاله التوثيق والتأريخ لهذه المنطقة، وبعون الله أخطط لبناء مقبرة لليهود الذين دفنوا هناك، التقيت عددا من الأصدقاء الذين ساعدوني كثيرا، لهذا أرى أن المغرب هو المكان الطبيعي للعيش، أراه كما أرى القدس.

لماذا اخترت في الأفلام القصيرة التي تقوم بإنتاجها الجمع بين المغرب والقدس؟

لأنني أريد أن أعيش هذا الحلم، وأسير على نفس الطريق بين المكانين، مثل حاخامات المغرب، الذين يأتون دائما لزيارة الأماكن المقدسة في القدس قبل أن يعودوا إلى المغرب، فيلمي الوثائقي الموسيقي الصغير "ياحمامة" جزء من هذا الحلم، أنا لا أصور أفلاما بين المغرب والقدس فقط، ولكن أحاول ببساطة أن أقوم بأشياء بواسطة الموسيقى والسينما تتجاوز الحدود التي تفرضها الحكومات.

هل تلقى الأعمال الفنية المغربية رواجا داخل إسرائيل؟

الموسيقى التقليدية المغربية ترحب بك أينما ذهبت، في المعابد اليهودية، في المناسبات العائلية، وحتى في الأحاديث اليومية مع العائلة، لهذا قمت إنتاج عمل لزهرة الفاسية، المغنية المغربية اليهودية الكبيرة، استمر العمل لمدة شهر مع شريكتي في الحياة والعمل الفنانة نيطيع القايم، وتسعة موسيقيين آخرين، قدمنا العمل الأسبوع الماضي، وكانت التذاكر قد نفذت قبل أسبوعين، كان المكان الذي احتضن الحفل مزدحما، وجاء الشباب مع جداتهم وكان هناك جو من البهجة.

الناس يسعون للعودة إلى جذورهم عبر الموسيقي، إنهم يريدون العودة إلى جذورهم الثقافية التي تعود إلى 2000 سنة، وليس إلى 65 سنة من العيش في إسرائيل. 

هل تتلقى دعوات للمشاركة في مهرجانات داخل المغرب؟

أنا ونطيع القايم حضرنا عدة مرات مهرجان " الأندلسيات الأطلسية" بالصويرة، والعديد من المهرجانات بالمغرب. في الصويرة تشعر فعلا أنك في بيتك، عندما تصل إلى هناك تتخيل أنك في عالم مثالي، أحببنا فعلا هذا المكان، عندما كنا هناك قضينا وقتنا بين الزاوية مع الأصدقاء والاستماع إلى الموسيقى. ومن المتوقع أن نعود إلى هناك قريبا من أجل تسجيل ألبومنا الذي سيخرج العام المقبل.

هل يهتم الاسرائيليون من أصل مغربي، بما يجري في المغرب؟

هناك اهتمام دائما بما يحدث في المغرب، لكن هذا الاهتمام يختلف بالنظر إلى كل جيل، عموما الناس أٌقل اهتماما بالشأن السياسي المغربي، لدينا العديد من المشاكل هنا ونطمح إلى حلها، في موازاة ذلك هناك صحوة في أوساط جيل الشباب الذين يرغبون في الحفاظ على العلاقة بينهم وبين المغرب، وسيكون من الصعب قطع هذه العلاقة، على الرغم من أن العديد يتمنون ذلك، أعتقد أن الحنين إلى الماضي والذكريات أشياء مهمة، ولكن أنا أصر على أن المغرب يعنينا اليوم، ليس فقط باعتباره ذكرى من الزمن الماضي، ولكن بوصفه فكرة اجتماعية وسياسية، وهو ما يمكن أن يتعمق أكثر.