أقول لابتسام ، شخصيا أحترم خياراتك وصراحتك ، لك الحق في الكفر وفي أكل رمضان وفي أن تفعلي في حياتك الخاصة ما تشائين فلا إكراه في الدين ولا إلزام عليه وشخصيا أفضل من يبوح بكفره حتى يعرفه الناس على من يبطن الكفر ويدعي الإسلام .
ولكن هناك فرق كبير بين التعبير عن الموقف المبدئي وبين جر المجتمع إلى معارك هامشية تثير الفتن ولا تحل المشاكل . وصدقا سأتفهم مواقفك إن كنت تريدين تغيير قوانين البلاد وتغيير العقليات والتخفيف من وطأة الأعراف المجتمعية ولكن ليس من منطلق احتقار قوانين البلاد وتحدي أعراف المجتمع بشكل استفزازي عدواني .
لقد ناضل الشرفاء في هذه البلاد وما زالوا يناضلون من أجل احترام حقوق الإنسان وتغيير الدستور ليصبح أكثر ديمقراطية ولكن لا أحد من غير مقتنعين بأحكام الدساتير التي عرفها المغرب منذ الإستقلال قد عمل خارج مقتضيات هذه الدساتير التي ظل يطالب بتغييرها . احترام القوانين حتى ولو كنا غير مقتنعين بها ونسعى لتغييرها أمر في غاية الأهمية .
إنك حينما تهددين بانتهاك قوانين البلاد وتتحدين أعراف مجتمعها بشكل صادم فكوني على اقتناع بأن في الطرف المقابل أو المعادي لك سيتصدى لك أشخاص إما جبلوا على عدم الاعتراف بقانون البلاد أو لهم قابلية لتجاوزه وحينها سيكون الحوار بينك وبينهم حوار الخارجين على القانون ، حوار غير حضاري ، حوار الفتنة والفتانين .
عندما ذهبت شيرين عبادي الإيرانية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام سنة 2003 لتتسلم الجائزة في ستوكهولم ، نتيجة نضالها على حقوق الإنسان في إيران ،لم تكن تضع غطاءا على رأسها كما اعتادت على ذلك في بلدها . سألها المكلف بتسليم الجائزة لماذا لا تضع غطاءا على رأسك في ستوكهولم؟ فأجابت بكل بساطة : لأني لا أعتقد أنه يتوجب علي وضع غطاء على الرأس ولست مقتنعة بهذا . سألها هذا الشخص ثانية : معنى هذا أنك تضعين غطاء الرأس ضد على إرادتك في إيران خوفا من العقاب ؟ أجابت : لا سيدي، أضع غطاء الرأس في إيران احتراما لقوانين البلاد وتقاليدها وأعرافها وهذا لا يعني أني لا أناضل من أجل تغييرها من دون إثارة الفوضى وضدا على مقتضيات القانون .
سيقول بعض القراء لهذا المقال أن القياس بين ابتسام وشيرين لا يجوز وأقول القياس دائما قائم ولو مع وجود الفارق . نعم بين موقف ابتسام وموقف شيرين تكمن المسافة بين الرغبة في الإصلاح والارتقاء والرغبة في الإثارة والفتنة .