هل يتحرك حزب الاستقلال لإنقاذ البلاد ؟ !! ما هو مشروعه لذلك ؟ ما هو البديل لديه ؟ كيف يتصور المراحل القادمة ؟ طبعا لن نحصل في النهاية إلا على حسابات صغيرة لا تهمّ الشعب المغربي في شيء، خلافات ومواجهات وتلاسُنات من أجل مكاسب محدودة لهذا الطرف أو ذاك، لكن الأزمة الحقيقة تبقى قائمة، بل يمكن القول إن حجم الأزمة هو من الأهمية بحيث تبدو المشاجرات الجارية أمامه أشبه بلعب أطفال.
تعودنا مع حزب الميزان على أنّ انسحابه أو تباطؤه أو احتجاجه وهو داخل الحكومة لا يكون إلا في إحدى حالتين: عندما يوحَى له بذلك من فوق، أو عندما تدقّ نخبه ولوبياته ناقوس الخطر معلنة أن مصالحها الخاصة قد أصبحت مهدّدة، إما بسبب نهج الحكومة أو بسبب وجود قوة سياسية منافسة تسعى إلى الاستيلاء على مراكز النفوذ التي يريد حزب الاستقلال الاستمرار في احتكارها لوحده.
طبعا يحدث دائما نفس الشيء بنفس الطريقة، يقوم الحزب بإحداث زوبعته الصغيرة، دون أن تكون لديه القدرة على المضي حتى النهاية، فهو يعرف حدود مناوراته باعتباره حزبا يمينيا محافظا مرتبطا بالسلطة وبرهانات الملكية وتاكتيكاتها منذ الاستقلال، وهو يعلم مثل غيره تماما بأننا أبعد ما نكون عن البلد الذي يعرف حياة سياسية طبيعية تتواجد بها أحزاب حقيقية ذات برامج ورهانات ومشاريع تتواجه في حقل المنافسة الشريفة والتداول على السلطة، كما أنه مستعد تماما لأن يعود إلى بيت الطاعة عندما يحين وقت ذلك، ويقال له بشكل جدّي، يكفي أن تُقضى بعض مآربه الخاصة.
المشكل أن بعض الأطراف المغرقة في التنظير، تحاول أن تقدم تحليلات لهذه الواقعة المفتعلة وإظهارها كما لو أنها أزمة سياسية حقيقية، وهي عملية إسقاط لحالات دول ديمقراطية على المغرب غير مستساغة في السياق الحالي، والذي سيفسر ذلك كما في حالات سابقة، هو ما ستؤول إليه الأمور بعد أيام، فالعبرة بالخواتم كما يقال.
من جانب آخر هل نذكر الحزب الأغلبي (حزب المصباح) بما سبق أن قلناه منذ بداية توليه مسؤولية إدارة الشأن العام، وهو أنّ السعي المحموم إلى الاستيلاء على الدولة والتمكين للتنظيم على حساب مصلحة البلاد ليس أمرا مستساغا في الديمقراطية، لأنه مخل بقاعدة التداول وبالنظرة النسبية التي تؤطر العمل السياسي الحديث، باعتبار الأطراف المشاركة فيه ذات مشاريع ورؤى مختلفة، وليست مالكة للحقيقة، كما أشرنا إلى أن هذه المناورات من شأنها خلق تمزق كبير في النسيج السياسي والمدني بالبلاد، تضعف الحسّ التشاركي، وتؤدي إلى استنزاف الجهد والمال في صراعات هامشية لا تساهم في حل مشاكل البلاد، وهو ما حدث مع المجتمع المدني، ويحدث الآن مع حزب الاستقلال .