القائمة

أرشيف

فرنسا وولادة التمثيلية الشعبية في المغرب: قصة إصلاحات مرفوضة

تعود أول شكل رسمي لـ"التمثيل الشعبي" في المغرب إلى عام 1905، في عهد السلطان مولاي عبد العزيز. وكانت فرنسا هي التي أسهمت بشكل غير مباشر في إنشاء "مجلس الأعيان". وبعد خمسين عامًا، عقب استقلاله في عام 1956، بدأ المغرب انفتاحًا حقيقيًا على الديمقراطية من خلال إنشاء الجمعية الوطنية الاستشارية.

 
نشر
صورة غلاف "الجورنال الصغير" بتاريخ 16 أبريل 1905 لجلسة رسمية لسان-رينيه تايلاندييه مع السلطان محمد عبد العزيز، في فاس. / حقوق محفوظة
مدة القراءة: 2'

كانت فرنسا، بشكل غير مباشر، وراء ولادة "التمثيلية الشعبية" الحديثة في المغرب. ففي أواخر عام 1904، أرسلت باريس ممثلها في طنجة، سان رينيه تايلانديير، الذي كان يشغل هذا المنصب منذ أربع سنوات، إلى السلطان الشاب مولاي عبد العزيز. كان الدبلوماسي، الذي حمل رسميًا لقب "وزير فرنسا في المغرب"، يحمل خطة للإصلاحات السياسية والاقتصادية التي كانت بلاده تعتزم فرضها على المخزن.

كانت المبادرة الفرنسية مدروسة بعناية: فقد جاءت بعد بضعة أشهر فقط من توقيع الاتفاق الودي بين فرنسا وبريطانيا العظمى بشأن تقسيم بعض البلدان المستقلة بين القوتين. وكان المغرب مقدرًا له أن يقع تحت السيطرة الفرنسية. الديون الضخمة التي اقترضها المغرب من البنوك الفرنسية منحت، بحكم الواقع، باريس الحق في التدخل في شؤون مولاي عبد العزيز.

مجلس الأعيان يرفض الإصلاحات الفرنسية

في هذا السياق، وصل سان رينيه تايلانديير إلى فاس حاملاً معه خطة الإصلاحات. ولأنه لم يكن قادرًا على رفضها بشكل مباشر، فقد خطرت للسلطان فكرة تفويض السلطة إلى "مجلس الأعيان". وبذلك، دعا قواد القبائل لتعيين ممثلين اثنين من كل قبيلة ومن المدن الكبرى لدراسة "المقترحات" الفرنسية. وقد لقي نداؤه استجابة. استقبلت العاصمة فاس آنذاك 40 مندوبًا، من بينهم 24 من العاصمة الروحية للمغرب. ومع ذلك، لم يكن شرق المملكة ممثلًا في المجلس، بسبب الانتفاضة التي قادها منذ عام 1902 الجيلالي بن إدريس الزرهوني اليوسفي، المعروف بلقب "بوحمارة".

بعد أكثر من خمسة أشهر من الاجتماعات بين المندوبين المغاربة وسان رينيه تايلانديير، صدر القرار: رفض "مجلس الأعيان" الإصلاحات الفرنسية. وكان السلطان مولاي عبد العزيز قد استشار المجلس مرة أخرى بشأن اتفاقيات الجزيرة الخضراء لعام 1906، وجاء رأي المجلس سلبيًا؛ حيث رفضوا التوقيع عليها. وبعد خمس سنوات، تم توقيع معاهدة الحماية.

بعد هذه البداية المتواضعة لتمثيل السكان، كان على المملكة الانتظار حتى 3 غشت 1956 لتشهد إنشاء "الجمعية الوطنية الاستشارية"، برئاسة المهدي بن بركة، والتي تم تأسيسها باتفاق مشترك بين الملكية وقادة الحركة الوطنية. كان أعضاؤها معينين، ولكن في 23 مايو 1959، توقفت أول تجربة حقيقية للانفتاح الديمقراطي.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال