القائمة

أخبار

عقوبة الإعدام: هل يمهّد تصويت المغرب لصالح قرار وقف التنفيذ الطريق نحو الإلغاء؟

في 15 دجنبر الجاري، ستعرض الأمم المتحدة قرار وقف تنفيذ عقوبة الإعدام للتصويت في الجلسة العامة للدول الأعضاء. أعلن المغرب لأول مرة تأييده للقرار، بعد امتناعه بشكل متكرر عن التصويت كل عامين. وأعرب فاعلون سياسيون وجمعيات لـ"يابلادي" عن أملهم في أن تشكل هذا الخطوة بداية نحو إلغاء العقوبة في البلاد.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

أشادت خمس هيئات مغربية تدعو لإلغاء عقوبة الإعدام يالوم الثلاثاء بقرار الحكومة التصويت لصالح قرار وقف تنفيذ عقوبة الإعدام في جلسة الأمم المتحدة العامة يوم 15 دجنبر 2024. وكان وزير العدل قد أكد هذا الموقف يوم الاثنين ردا على سؤال مشترك من أربعة فرق برلمانية، تمثل المعارضة والائتلاف الحكومي.

وأشار وهبي إلى أن "التصويت لصالح القرار رغم أنه يعتبر خطوة نحو الأمام لا يعني بشكل تلقائي إلغاء عقوبة الإعدام"، فهناك دول صوتت لصالح القرار وتتضمن قوانينها عقوبة الإعدام.  وأكد الوزير أن هذا القرار يمثل التزامًا من المغرب بتعزيز حماية الحق في الحياة، تماشيًا مع الفصل 20 من الدستور المغربي الذي ينص على أن “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق.”

ويعرف القرار الأممي (A/RES/77/222) المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام بأنه "التزام بعدم تطبيق العقوبة خلال فترة عامين". وعلى الصعيد الدولي، يتزايد عدد الدول الداعمة له، حيث حصل القرار في 15 دجنبر 2022 على دعم قياسي من 125 دولة (مقابل 37 دولة معارضة، و22 ممتنعة، وغياب 9 دول).

وفي بيان مشترك أشاد كل من الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، و شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام ، وشبكة الصحفيين والصحفيات ضد عقوبة الإعدام، وشبكة نساء ورجال التعليم ضد عقوبة الإعدام، وشبكة المقاولات والمقاولين ضد عقوبة الإعدام، بالقرار الحكومي، واعتبروه "مكسبا حقوقيا ثمينا"، و"خطوة دستورية وسياسية ايجابية، وانتصار لسنوات من الحوار الرصين بين كل الفعاليات المغربية الحقوقية والديمقراطية والسياسية والمجتمعية، وبين الأطراف المعنية بملف إلغاء عقوبة الإعدام"

كما أنه يعتبر حسب أصحاب البيان "عنوان نضج ثقافي وفكري مسؤول، البعيد عن كل مناورة شعبوية أو ايديولوجية أو انتهازية".

ومنذ عام 1993، توقف المغرب عن تنفيذ عقوبة الإعدام، لكنها ظلت تُصدر في المحاكم. وفي عام 2023، أصدر القضاء المغربي 83 حكمًا بالإعدام، وفقًا للتقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي أوصى مرارًا بإلغاء العقوبة بما يتماشى مع الدستور والمعايير الدولية. 

وأشار تقرير أعده مركز الدراسات في حقوق الإنسان والديمقراطية (CEDHD) عام 2020 إلى أن "الوقف الفعلي لعقوبة الإعدام لا يتماشى مع الفكرة القائلة بأن العقوبة تعتبر رادعًا للجريمة". وأكد أن تعليق التنفيذ يكشف عن عدم صحة الادعاءات بأن الجرائم المشمولة بالعقوبة تزداد في غياب التنفيذ. 

في سياق الإصلاحات الدستورية، تم تأسيس "شبكة البرلمانيين ضد عقوبة الإعدام" خلال الفترة التشريعية 2011-2016، ضمت شخصيات بارزة مثل فوزية البيض، التي كانت عضوًا في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان. وفي تصريح لها حول القرار الأخير، اعتبرت البيض أنه "بشرى لمناقشات تشريعية ومؤسسية جديدة تقود نحو إلغاء فعلي لعقوبة الإعدام".

"خلال الفترة التشريعية التاسعة، قدمت شبكة البرلمانيين ضد عقوبة الإعدام، ممثلة بمنتخبين رجالا ونساء، مقترح قانون يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام. أعتقد أن العملية وصلت إلى النضج اللازم وأنه قد حان الوقت لإخراج هذا النص وعرضه للنقاش والتصويت".

فوزية البيض

واعتبرت فوزية البيض أن "الإعلان عن النية والمبدأ يجب أن يتبعه اعتماد فعلي، مما يتيح اتخاذ خطوات إضافية للتعبئة والمرافعة، بحيث لا تكتفي المحاكم بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام، المعلقة بحكم الواقع منذ 1993، بل تتوقف أيضًا عن إصدار هذه الأحكام".

وأكدت البيض في حديثها للموقع أن إدراج هذا النص في التشريع المغربي يمثل "مرحلة متقدمة نحو الإلغاء الذي نسعى لتحقيقه، والذي يمثل أفق تطلعاتنا". وأشارت إلى أن هذا الموقف يعكس "سنوات من العمل المتراكم، بالإضافة إلى دينامية الشبكة البرلمانية على المستويات الإقليمية والعربية والإفريقية، بهدف تعبئة وتحقيق تأثير أوسع".

من جانبها، أوصت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإلغاء عقوبة الإعدام في تقاريرها المتعددة، خاصة تقرير عام 2022. واعتبرت الجمعية أن الطريق أصبح مهيأ لاتخاذ قرار سياسي في هذا الشأن. وفي تصريح لـ"يابلادي"، أكدت المحامية وعضوة المكتب المركزي للجمعية، سعاد براهمة، أن قرار التصويت الأخير على وقف تنفيذ العقوبة "يأتي بعد مسار طويل من التعبئة، بجهود المجتمع المدني والجمعية في مقدمتها، سعياً لتكييف المنظومة القانونية مع المعايير الدولية، بدءًا من الحق العالمي في الحياة".

وأضافت "لا يسعنا إلا أن نرحب بهذه الخطوة الجديدة، مع التأكيد على أنها ليست إلغاء بعد. فالإلغاء يتيح للعدالة تصحيح الأخطاء المحتملة في الأحكام، مع الحفاظ على حياة المحكوم عليه وضمان سبل الطعن القانونية والعقوبات البديلة".

وترى براهمة أن التصويت على القرار يعد "تاريخيا" كونه يمثل أول تأييد مغربي لوقف التنفيذ. ولكن على المستوى الوطني، "قد تكون الآثار القانونية غير ملموسة تماما، إذ إن المغرب أوقف تنفيذ العقوبات منذ أكثر من 20 عامًا. ومع ذلك، تمثل هذه الخطوة تراكمًا إضافيًا للجهود، ما يمهد الطريق نحو اتخاذ قرار سياسي بالإلغاء الكلي".

واعتبرت المحامية أن الإلغاء الكامل سيتيح "احترام التزامات المغرب الدولية، وتطبيق مقتضيات دستوره، وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة . كما سيشكل منطلقا للانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص على إلغاء العقوبة".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال